مؤتمر عالمي يحث المجتمع الدولي على التصدي لمرض «الورم الفطري»

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية
احمد جلال
 

أقرّ أعضاء الوفود الحاضرين في المؤتمر الدولي السادس حول الورم الفطري، المنعقد في الخرطوم بالسودان «دعوة من أجل العمل» لحثُّ المجتمع الدولي على العمل سويّا مع الوكالات المتعددة الأطراف، والشركاء، والمؤسسات البحثية، وشركات الأدوية من أجل التصدِّي للعواقب المدمرة المترتّبة على هذا المرض.
ويؤثر الورم الفطري - وهو أحد الأمراض المدارية المهملة - بصورة رئيسية على الفئات السكانية الفقيرة والريفية، لاسيّما الأشخاص ذوو الأوضاع الاقتصادية المتدنية الذين يمشون حفاة الأقدام، والمشتغلين بالأعمال اليدوية، مثل عمال الزراعة والرعاة، ويكتسب الوصول إلى الناس في مثل تلك المناطق التي تنقصها الخدمات أهمية حاسمة من أجل بلوغ أهداف التنمية المستدامة 2030 التي أطلقتها الأمم المتحدة.
يقول المدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط د.أحمد المنظري: «إنه ليسرُّني أن أرى هذا المؤتمر العالمي وقد ألقى الضوء على الورم الفطري، وهو المرض الذي طالما كان مهملاً ومنسيًا بالفعل لسنوات عديدة، ممّا أفضى إلى عواقب مدمرة تتصل بالفئات السكانية الفقيرة والضعيفة». 
ويضيف «المنظري»: «يتماشى التصدِّي للأمراض المدارية المهملة وإشراك جميع أصحاب المصلحة في هذا الجمع العلمي الهام مع رؤيتنا 2023 التي تدعو إلى التضامن والعمل من أجل الصحة للجميع وبالجميع في الإقليم».
ويؤثر الورم الفطري بصورة شائعة على القدمَيْن والذراعَيْن، مما يسبِّب معاناة شديدة، وفقدًا للأداء الوظيفي، وتعطُّل القدرة على العمل من أجل كسب العيش.
يقول الوزير الخير النور المبارك، وزير الصحة الاتحادي: «إن السودان ملتزم بالاستثمار في تحسين البيئة لضمان إتباع ممارسات مأمونة في مجالي الزراعة والثروة الحيوانية، وكذلك بالمشاركة مع المزارعين ورعاة الماشية لوقايتهم من الإصابات التي يمكن أن تسبب الورم الفطري، وتمسُّ الحاجة إلى تقديم الإرشادات المناسبة والدعم للبُلدان لإذكاء الوعي بالورم الفطري، بما في ذلك توفير المعلومات حول الوقاية منه والحاجة إلى التماس العلاج المبكر لجميع الحالات المشتبه في إصابتها به».
وقد يُفضي المرض، لدى تشخيصه في مراحل متأخرة، إلى البتر والإصابة بإعاقة دائمة.
يقول د.أحمد حسن فحال، مدير مركز بحوث الورم الفطري في الخرطوم، وهو المركز الوحيد المتعاون مع منظمة الصحة العالمية فيما يتصل بالورم الفطري: «إن العواقب الناجمة عن المعاناة وحالات الإعاقة التي يسببها الورم الفطري تتزايد حِدّتها بالنسبة للأسر، وظروف العيش الاجتماعية والاقتصادية، والعافية النفسية، إذ كثيرًا ما يتعرض المرضى المصابون بهذا المرض للوصم. ويستدعي توزُّع هذا المرض في العالم وما ينتج عنه من آثار مسببة للإعاقة اعتماد مبادرات ونهوج جديدة لضمان تشخيصه بصورة سليمة وفي وقت مبكر، والحصول على العلاج المحسَّن».
تحديد الأهداف والمعالم الرئيسية
بعد أن أقرّت جمعية الصحة العالمية في دورتها التاسعة والستين لعام 2016 هذا المرض كواحد من الأمراض المدارية المهملة "من خلال اعتماد القرار ج ص ع 69-21"، شُرع في اتخاذ الإجراءات على مستوى العالم، بما في ذلك إجراء تقييم للسياسات والممارسات المتبعة حاليًا في 164 بلدًا؛ وعقد مشاورة عالمية للتعرف على مجالات العمل ذات الأولوية، وإنشاء فريق عامل عالمي معني بالورم الفطري، غير أن ثمَّة حاجة لبذل مزيد من الجهد، إذ لا يتوافر قدر كافٍ من المعرفة حول معدلات الإصابة بهذا المرض ومعدلات انتشاره في العالم قاطبة.

وتُظهر الحالات الموثقة أن السودان يُبلغ بأعلى عدد من حالات الإصابة بالمرض على مستوى العالم، وتشمل البُلدان الأخرى التي لديها أعداد عالية نسبيًا من الحالات، والتي تشكل جزءًا مما يُسمّى «حزام الورم الفطري»، كلاً من جمهورية فنزويلا البوليفارية، وتشاد، وإثيوبيا، والهند، وموريتانيا، والمكسيك، والسنغال، والصومال، واليمن.

يقول مدير مكافحة الأمراض المدارية المهملة بمنظمة الصحة العالمية د.مويليسيلي ماليسيلا، إنه «من المهم أن نضع أهدافًا ومعالم رئيسية يمكن من خلالها تحفيز البحوث التعاونية من أجل استحداث الأدوات والأدوية التي تمسُّ الحاجة إليها حتى يتسنّى تبسيط تشخيص المرض وعلاجه. وقد تكون الخطوة الأولى الرئيسية في هذا الاتجاه هي النظر في كيفية دمج التدخلات المعنية بالورم الفطري في تقديم الرعاية الصحية الأولية، على أن تكون تلك التدخلات، بوجه خاص، جزءًا من التدابير التي تستهدف الأمراض التي تظهر أول ما تظهر على الجلد».
ولم يتضح بصورة كاملة حتى الآن كيف ينتقل الورم الفطري. كما أن العلاج منه طويل ومكلف، دون تحقيق حصائل مُـرضية في أغلب الأحيان، وهو ما يُثني المرضى غالبًا عن إبلاغ المراكز الصحية بالمرض والتماس الرعاية له. وعلاوة على ذلك، فليس ثمّة اختبارات تشخيصية سريعة يمكن إجراؤها ضمن نظام الرعاية الصحية الأولية.

تقصِّي نوع جديد من مضادات الفطريات
غير أن التفاؤل يسود أوساط المجتمع الدولي مع قيام مبادرة الأمراض المدارية المهملة باختبار فعالية "فوسرافوكونازولي"، وهو الدواء الذي يمكن استخدامه للعلاج من الورم الفطري. وإذا ما أثبت هذا الدواء نجاحًا، فقد يكون بمثابة بروتوكول علاجي قصير المدة وعالي المردود، فضلًا عن تعزيزه للامتثال للعلاج.
وإلى أن يتحقق ذلك، فإن الاستراتيجية الوحيدة المتاحة للحدِّ من وخامة الورم الفطري والعواقب المترتبة عليه هي من خلال إذكاء الوعي العام، والكشف المبكر عن الحالات، ومواصلة تقديم الرعاية والعلاج.
ويشتمل المؤتمر الذي يستمر لمدة ثلاثة أيام في الخرطوم، وتنظمه حكومة السودان ومنظمة الصحة العالمية، على جلسات عامة، وجلسات مواضيعية، وجلسات مخصصة للعمل الجماعي ولقاء الخبراء، حيث سيقوم 500 مشارك، وفقًا للتقديرات، باستعراض أنشطة المكافحة والجوانب السريرية والبحثية المتعلقة بهذا المرض.
حلقة العمل العالمية الأولى
وقد سبق تنظيم المؤتمر الدولي السادس حول الورم الفطري عَقْد حلقة العمل التدريبية الدولية الأولى حول الورم الفطري، في الفترة من 10 إلى 14 فبراير 2019. وقامت منظمة الصحة العالمية ومركز بحوث الورم الفطري بتنظيم حلقة العمل، بدعم من مبادرة أدوية الأمراض المهملة.
وشارك أكثر من 60 موظف صحي من طائفة واسعة من البُلدان الموطونة بالورم الفطري، بمن فيهم الميسِّرون، في المناقشات حول توحيد الممارسات المتعلقة بتشخيص المرض، والعلاج منه، وتحديد سماته الوبائية، وترصُّده.
المرض
يتّسم مرض الورم الفطري بإحداث تشوُّهات مسبِّبة للإعاقة، ويقترن بحدوث حالات مراضة وخيمة، وهو مرض التهابي مزمن متقدم ومدمر يظهر على هيئة تورُّم حُبَيْبي يصيب الجلد، والنسيج الضام، والعضلات، والعظام.
وينتُج هذا المرض من الإصابة بعدوى يُسبّبها أكثر من 70 كائن مجهري ذي منشأ جرثومي أو فطري، ويُصنّف الورم الفطري إلى التورّم بالشُّعيّات "الورم الفطري الجرثومي" أو الورم الفطري بالفطريات الحقيقية "النمط الفطري من المرض"، وذلك بحسب العامل المسبّب.
وما لم يُكتشف مرض الورم الفطري ويجري تدبيره علاجيًا في وقت مبكر، فقد يتسبّب في حدوث تشوه بالغ للأطراف، وفي بعض الحالات المتقدمة يُفضي إلى البتر والوفاة، وفهم مسببات المرض وعوامل الخطر المرتبطة به سيمكّن من وضع تدابير وقائية مناسبة.