حكايات| بأكل الطين وتوبة اليهود.. رحلة ندم الشيعة على الغدر بـ«الحسين»

بأكل الطين وتوبة اليهود.. رحلة ندم الشيعة على الغدر بـ«الحسين»
بأكل الطين وتوبة اليهود.. رحلة ندم الشيعة على الغدر بـ«الحسين»

للوهلة الأولى يبدو حادث مقتل الحسين حفيد النبي صلى الله عليه وسلم، وكأنه إحدى قصص ألف ليلة وليلة؛ لكن الشواهد التي تناقلتها الأجيال لمئات السنين باتت تجسد أمورًا يرى فيها أهل السنة خارجة عن سياق المنطق وليس الدين فحسب.


ما إن سقط الحسين غارقًا في دمائه حتى صار قطار التشيع يسير بشكل جنوني بين المسلمين، خصوصًا الفرس، الذين تربطهم به رابطة النسب، إذ كانوا يرونه أحق بالخلافة وأولاده من بعده.


الحسين وآخر ملوك الفرس


واستند الفرس في الاتجاه على جمعهم بين أشرف دم عربي – أي الحسين – وأنقى دم فارسي إذ تزوج جهانشاه ابنة يزدجرد آخر ملوك الفرس؛ حيث أصبحت البقية الباقية من ذرية آل أبي طالب موضع تقديس واحترام من جانب الشيعة.

 

اقرأ للمحرر أيضًا| بأي لغة كلم الله نبيه موسى؟.. ليست «العربية»

 


ورغم أنه كان صغيرا حين قُتل أباه في كربلاء، إلا أن عليا بن الحسين بن علي بن أبي طالب، ظل على رأس هرم التقديس لدى الفرس فمن ناحية ابن حفيد النبي محمد صلى الله وعليه سلم ومن جانب آخر أمه «جهانشاه» ابنة أخر ملوكهم.

 


الدكتور حسن قرني – أستاذ التاريخ الإسلامي بكلية الآداب جامعة القاهرة، يرصد في كتابه تاريخ الدولة الفاطمية، عددًا من الأمور التي اتخذت موضعًا بين الشيعة بعد سفك دماء الحسين في كربلاء، فاعتبروه ذا قيمة في التضحية تشبه سفك دم المسيح لدى المسيحيين، واعتبر كذلك أنه لم يجر في الإسلام أعظم فحشا منه.


العقاب بأكل التربة

 

حتى التربة التي قتل فيها الحسين أصبحت مقدسة عند الشيعة كماء زمزم، لدرجة أن بعضهم يأكلها، وإن حرم بعض أئمتهم هذا السلوك، ومن هنا كانت مواضع الانتقاد مستمرة لمثل هذه الأمور الدخيلة على الدين الإسلامي.

 

اقرأ للمحرر أيضًا| 16 نوعًا لـ «العزومات» عند العرب.. أغربها وليمة الختان

 

هل توقف الأمر عند هذا الحد.. بالطبع لا فالأمراء البويهيون الشيعة حين سيطروا على الخلفاء العباسيين في العصر العباسي الثاني، أقاموا لجسد الحسين مشهدًا فخمًا في كربلاء، كما أقاموا لوالده الإمام علي رضي الله عنه مسجدًا بالنجف بظهر الكوفة.

 


أما رأس الحسين فظلت موضع خلاف فقيل إنها دفنت في عسقلان بفلسطين، ثم نقلها الفاطميون إلى مصر بعد هجوم الصليبيين على المدينة سنة 1154 (549 هـ)، وجرت عادة الشيعة على الاحتفال بذكرى مقتل الحسين في اليوم العاشر من محرم، والذي عرف بيوم عاشوراء.


التوابون.. الاقتداء ببني إسرائيل


بعد كل هذه الأحداث، اشتدت العداوة بين الشيعة والأمويين، وفي عهد مروان بن الحكم (683- 685 ميلادية) تحركت الشيعة بالكوفة وندموا على ما فرطوا في حق الحسين، وخذلانهم إياه حين دعوه لنصرته ثم انفضوا من حوله، حتى قتل بينهم، وتابوا عما فعلوا فسموا التوابين.

 

اقرأ للمحرر أيضًا| كوارث «الخط العربي».. أخطاء في أوراق رسمية


وهنا يقول اليعقوبي والطبري إن الشيعة سموا بـ «التوابين»؛ أنهم قاموا يعملون بما أمر الله به بني إسرائيل في قوله تعالى: «وَإِذْ قَالَ مُوسَىٰ لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنفُسَكُم بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ فَتُوبُوا إِلَىٰ بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ عِندَ بَارِئِكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ»، ثم تحالفوا على الأخذ بالثأر للحسين.

 


في العام 685 ميلادية اجتمع الشيعة في معسكر النخيلة بالقرب من الكوفة، وصاروا إلى قبر الحسين فأقاموا به يومًا وليلة يصلون ويستغفرون ويبكون ويتضرعون، وساروا إلى عين الوردة فالتقوا قوات عبد الله بن زياد ولكنهم انهزموا وقتل زعيمهم وتشتت شملهم.