أمين عام مساعد منظمة الوحدة الإفريقية السابق: مصر استعادت قوتها في إفريقيا

السفير أحمد حجاج خلال حواره مع الأخبار
السفير أحمد حجاج خلال حواره مع الأخبار

السفير أحمد حجاج: السيسي شخصية محبوبة للأفارقة.. وأعطي أهمية كبيرة للعلاقات


علي مدي 12عاماً شغل السفير أحمد حجاج منصب أمين عام مساعد منظمة الوحدة الإفريقية، كما كان رئيساً للصندوق المصري للتعاون الفني مع إفريقيا لعدة سنوات، لهذا تكتسب آراؤه أهمية خاصة، في هذه الفترة التي تشهد عودة مصر لرئاسة الإتحاد الإفريقي بعد ربع قرن، بالإضافة إلي استعادتها ريادتها بالقارة السمراء.


يؤكد حجاج علي أهمية الأجندة التي تتبناها مصر خلال العام الحالي بعد تسلم الرئيس عبدالفتاح السيسي رسمياً رئاسة الاتحاد الإفريقي لعام 2019، لدعم قضايا القارة، ورسم خارطة طريق تقود بلدانها نحو مستقبل أفضل، خاصة أن الرئيس السيسي شخصية محبوبة لدي دول القارة والي نص الحوار.


بداية.. ما الذي يعنيه تسلم مصر لرئاسة الاتحاد الإفريقي؟


- ستكون مصر المتحدثة باسم إفريقيا لدي المحافل الدولية، وستجري مفاوضات مع الأمم المتحدة والدول الفاعلة لمساعدة دول القارة، وستكون عنصرًا فاعلاً في زيادة المساعدات التي ستقدم للدول الإفريقية كما سيؤدي ذلك الي اهتمام الشعب المصري بالشئون الإفريقية.  

 

كما أن مصر تتبني أجندة طموحة لفترة الرئاسة، تأتي الشئون الاقتصادية علي رأس ملامحها، وكذلك سوف سيحظي ملف التبادل الثقافي بالاهتمام، فيجري تدريس التاريخ والفن الإفريقي بطريقة مشوقة، بالإضافة إلي إعادة هيكلة الأجهزة الإدارية داخل الاتحاد، وتطبيق اتفاقية التجارة الحرة، التي تساهم في زيادة صادرات مصر واتساع رقعة التجارة البينية، واعتقد أن فترة رئاسة الرئيس السيسي للاتحاد ستشهد تصديق العدد الكافي من الدول الإفريقية علي الاتفاقية.


في الفترة الأخيرة تجددت مطالب إصلاح الاتحاد، فما هي أهم متطلبات ذلك من وجهة نظرك؟ وما الخطوات التي ستتخذها مصر في هذا الاتجاه؟


- لابد أن تتشاور مصر مع الدول الإفريقية الأخري في أي قرارات، فيمكنها طرح الاقتراحات والحصول علي تأييد الدول الإفريقية، وأري أنه يجب تعديل طريقة انتخاب رئيس مفوضية الاتحاد، وإشراك المرأة في العمل الإفريقي المؤسسي، خاصة أن هناك قرارا لم يتم تنفيذه، بتخصيص نصف المناصب العليا في الاتحاد للمرأة، وأرجو ان تتنبه مصر لذلك وتعمل علي أن تشارك المرأة بقوة في الوفود المصرية سواء الرئاسية أو الوزارية أو علي مستوي الخبراء.

 

هذا بجانب أن اللجنة الإفريقية لحقوق الإنسان والشعوب لا تضم في الفترة الأخيرة أي عضو مصري، رغم أنها تشرف علي الانتخابات الإفريقية، وتكتب تقارير عن دول القارة، لهذا تلجأ إليها الجمعيات الحقوقية المعادية للدول بشكاواها.

 

وأري أن الملف الاقتصادي لا يقل أهمية عن الإصلاح، فقد تم التوقيع علي إنشاء سوق إفريقية أومنطقة تجارة حرة، لكن الاتفاق لم يدخل حيز التنفيذ، لذا لابد من تطبيقه بتصديق الدول عليه، خاصة أن الاتفاقية تساعد مصر ودول القارة علي زيادة صادرتها، كما أنها عنصر جذب للاستثمارات الأجنبية غير الإفريقية.


كنت أحد المسئولين بمنظمة الوحدة الإفريقية، ثم تابعت تحولها إلي الاتحاد فما هي أهم فوائد ذلك التحول؟


- كانت منظمة الوحدة الإفريقية أول تجمع للدول الإفريقية المستقلة عند انطلاقها في مايو 1963، وكان عدد الدول المستقلة 34 دولة، لهذا ركزت المنظمة في الفترة الأولي علي إنشاء صندوق لتحرير دول إفريقيا.

 

ونجحت في ذلك حتي تم تحرير كل دول القارة تقريبا وخلال تلك الفترة لم تعط التكامل الإقتصادي الأهمية التي يستحقها، رغم وجود اتفاقيات لإنشاء منطقة تجارة حرة وغيرها، ثم جاء الاتحاد الإفريقي لا ليكون تجمعا للدول الإفريقية المستقلة ورؤسائها فقط بل أنشأ أجهزة موازية مثل البرلمان الإفريقي، الذي يتم اختيار أعضائه من البرلمانات المستقلة ويجتمع أكثر من مرة في العام ينقصه فقط أن يتم انتخاب أعضائه مثل البرلمان الأوروبي بجانب أن قراراته ليست ملزمة للأعضاء وهذا تحد قد يظهر أثناء رئاسة الاتحاد.


شهدت منظمة الوحدة الإفريقية منذ إنشائها مطالبات بإصلاحها، فهل كان تحولها إلي الاتحاد الإفريقي إحدي مراحل هذا الإصلاح؟


- إلي حد ما، لأن الاتحاد بدأ ينظر للشئون الإفريقية نظرة كلية ، هناك نزاعات علي الحدود بين دول القارة أو تكتلات متنافسة خارج نطاق الاتحاد، وكان من أسس ميثاق منظمة الوحدة الإفريقية عدم التدخل في الشئون الداخلية، لهذا أنشأ الاتحاد مجلس السلم والأمن وهو مثل مجلس الأمن الدولي لكن بدون وجود الدول دائمة العضوية، رغم أن مصر وجنوب إفريقيا من أكبر الدول، وكانت مهمته التواجد في الساحة الإفريقية والاهتمام بمشاكلها، ولأول مرة بدأ الاتحاد الإفريقي يرسل قوات حفظ سلام دون الاعتماد علي الأمم المتحدة.


هل تري أن الرئاسة المصرية للاتحاد تتطلب زيادة حجم المساعدات المادية والنوعية ( تعليمية وصحية مثلا) لدول القارة؟


- لا فيجب علينا ترشيد هذه المساعدات، لأن مصر ليست دولة غنية، فهناك دول أغني منها في إفريقيا، ولكنها تعد الدولة الوحيدة التي تقدم مساعدات اقتصادية، وتدعم دول القارة بالخبراء والمساعدات العينية في الكوارث، وتقدم تدريبات كثيرة للخبراء الإفارقة في مختلف المجالات مثل السكك الحديدية والصحة والتمريض والدبلوماسية العسكرية، لكننا لا نقوم بالإعلان الجيد عن هذه الأدوار مثل معظم الدول الأخري.


كيف تري مهمة أي دولة تقود الاتحاد الإفريقي في ظل سياسة تبادل المصالح والمساعدات الأجنبية التي تتبعها دول العالم ؟


- لن تستطيع إفريقيا الاستغناء عن المساعدات الأجنبية، لأن اقتصاديات دولها ضعيفة، فعندما نبعث قوات حفظ السلام إلي الصومال أو جنوب السودان أو دارفور، فكل عملية منها تكلف مئات الملايين من الدولارات، وليس في قدرة الدول الإفريقية التكفل بهذا. ورغم ان الاعتماد علي النفس مهم إلا أنه لا توجد دولة في العالم تستطيع تحقيقه دون الاستعانة بالمجتمع الدولي، ينطبق ذلك حتي علي دول الاتحاد الاوروبي وروسيا والصين، كما أنه من صالحنا ان نتعاون مع المجتمع الدولي لأنه سيجعلنا نحصل علي تكنولوجيا حديثة والكثير من الاعانات.


هل يمكن القول بأن مصر استعادت قوتها إفريقيا؟


- بلا شك لأن الرئيس السيسي شخصية محبوبة وأعطي أهمية أكبر للعلاقات مع الدول الإفريقية ورغم أن الأساس موجود، مثل الطلبة الأفارقة الذين يدرسون بمصر، والخبراء المصريين الذين يخدمون في كل دول القارة، إلا أن زخم العلاقات أصبح واضحا.. بجانب أن السياسة الخارجية النشطة تؤثر علي العلاقات الدولية في الغرب لذا يمكن أن نتميز بعلاقاتنا مع دول القارة.


اتسم مؤشر الدور المصري في إفريقيا بالتذبذب، ثم جاء الرئيس السيسي ليعيد له توازنه.. في رأيك ما أهم محطات مصر مع القارة السمراء؟


- الدور المصري لم يتذبذب علي مدار العصور، لأن لكل مرحلة دوراً يتناسب معها علي سبيل المثال في عهد الرئيس عبد الناصر ساهم تأييد مصر لحركات التحرير الإفريقية في استقلال هذه الدول، لذلك كان دورنا فاعلا، لكن بعد الاستقلال اختلف الدور وفي عصر الرئيس السادات كانت بعض الدول تحت تأثير الاتحاد السوفيتي وضد اتفاقية كامب ديفيد وهو ما أثر علي الدور المصري لكن سياسة مصر لم تتذبذب فأغلب الدول الإفريقية المستقلة لها سفارات بمصر وأكبر تمثيل دبلوماسي لنا في العالم يوجد في القارة السمراء .

 

أما في عهد الرئيس مبارك فقد يعود بعض التذبذب في العلاقات إلي رد الفعل بعد محاولة اغتياله في أديس أبابا، لأن الاعتبارات الأمنية أثرت علي تواجده في القمم الإفريقية لكن قبل هذه المرحلة كان مبارك نشيطا جدا في الدول الإفريقية وله علاقات جيدة مع معظم رؤسائها.

 

ولاتزال في القارة نزعة قبلية لذلك فإن التشاور بين الرؤساء الأفارقة في المرحلة القادمة لا يقل أهمية عن التواجد الدبلوماسي أو الاقتصادي أو الاجتماعي والاتصالات التليفونية والزيارات المتبادلة مهمة جدا، ويجب ألا يقتصر التشاور علي الجوانب الإفريقية بل يمتد لمختلف القضايا والأزمات هذا بجانب ضرورة وجود جهاز استشاري قوي في الشئون الإفريقية، لكي ينظم أجندة للرئيس السيسي تضم ما يجب فعله علي مختلف الأصعدة.


وما أهم الملامح التي ينبغي أن تتسم بها العلاقات في الفترة المقبلة؟


- يجب الاهتمام بالشئون الاقتصادية بصورة أكبر، وهذه المهمة لا تقتصر علي الحكومة فقط بل تمتد لرجال الأعمال، وقد انضمت مصر إلي منطقة الكوميسا، وهي أكبر منطقة تجارية في القارة، كما أنشئت منطقة تجارة حرة مصر عضو عامل فيها وهو الأمر الذي ساعد علي زيادة الصادرات المصرية إلي إفريقيا وأيضا وارداتنا من أفريقيا من المواد الخام اللازمة للصناعات المصرية.


كما ينبغي التركيز علي السياحة، فهناك الكثير من الأفارقة الذين يأتون لمصر من أجل السياحة خاصة أنهم يعانون من نفس مشكلة المصريين في الحصول علي فيزا لأمريكا والدول الأوروبية لكن مصر مفتوحة للأشقاء من دول القارة والعكس.


ذكرت في تصريحات سابقة أن مصر تقدم منحا دراسية لإفريقيا أكثر مما تقدمه أمريكا في أي فترة بلغت هذه المنح ذروتها؟


- مصر قدمت منحاً كثيرة في عهد  عبد الناصر  تتمثل في منح عسكرية كثيرة لحركات التحرير وأخري في مجالي الطب والهندسة، وأصبح خريجوها وزراء فيما بعد ببلادهم، ومازلنا نقدم الكثير من المنح حتي الآن.


هل تري أنه من الضروري إنشاء مجلس للتعاون المصري الإفريقي؟


- هذا ما فعله الرئيس مبارك، وعقد اجتماعاً لمجلس الوزراء ووافق علي تأسيس المجلس، لكن لم تتم متابعته جيدا.

 

تشهد محاولات تحديث البنية التحتية الإفريقية محاولات جادة خلال الفترة الأخيرة فما  أكثر المشروعات جدوي للقارة في هذا المجال؟


-النقل البري والبحري سينقل إفريقيا إلي مستوي آخر لأنها أكثر القارات فقراً في شبكات النقل، وقد أنشأ عبد الناصر خطين بحريين بسفن ذات حمولة معقولة لنقل الصادرات أو الواردات المصرية من وإلي إفريقيا، إلا أنهما اختفيا حاليا، لذا يجب ان نهتم بخطوط السكك الحديدية والطيران وكل ما يسهل الانتقال الي دول القارة.