‏في كلمته التاريخية أمام اللقاء العالمي للإخوة الإنسانية

شيخ الأزهر للمسيحيين: أنتم جزء من هذه الأمة

شيخ الازهر وبابا الفاتيكان
شيخ الازهر وبابا الفاتيكان

أوضح الإمام الأكبر شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب، في كلمته التاريخية أمام اللقاء العالمي للإخوة الإنسانية بالعاصمة الإماراتية أبوظبي، أن وثيقة الأخوة الإنسانية تدعو لنشرِ ثقافة السلام والعدالة واحترام الغير والرفاهية للبشريَّةِ جمعاء، بديلًا من ثقافة الكراهية والظلم والعُنف والدِّماء.

وأضاف أن وثيقة الأخوة الإنسانية تطالب قادة العالَم وصُنَّاع السياسات، ومَن بأيديهم مصائر الشعوب وموازين القُوى العسكريَّة والاقتصادية بالتدخل الفوري لوضع نهايةٍ فورية لما يشهده العالم من حروب وصراعات، مؤكدا أن الأديان الإلهيَّة بريئة كل البراءة من الحركات والجماعات المسلَّحة التي تُسمَّى حديثًا بـ «الإرهاب»، كائنًا ما كان دينها أو عقيدتها أو فكره أو ضحاياها أو الأرض التي تُمارِس عليها جرائمَها المنكرة.

وذكر أن وثيقة الأخوة الإنسانية تدعو لوقـف اسـتخدام الأديان والمذاهب في تأجيج الكراهية والعنف والتعصُّب الأعمى، والكفِّ عن استخدام اسم الله لتبرير أعمال القتل والتشريد والإرهاب والبطش، مشددا على المسؤولين شرقًا وغربًا أن يقوموا بواجبهم بجديَّة وتجرُّد في تعقُّب هؤلاء الإرهابيين وحماية أرواح الناس وعقائدهم ودور عباداتهم من جرائمهم.

وذكر أن أوَّل أسباب أزمة العالَم المُعاصر اليوم إنما يعود إلى غياب الضمير الإنساني والأخلاق الدِّينيَّة وتَحكُّم النزعات والشهوات الماديَّة والإلحاديَّة والفلسفات العقيمة البائسة التي ألَّهت الإنسان وسخرت من الله ومن المؤمنين به.

ودعا المسلمين في الشرق أن يستمروا في احتضان إخوتهم من المواطنين المسيحيين في كل مكان؛ قائلا: «هم شركاؤنا في الوطن، وإخوتنا الذين يُذكِّرنا قرآننا الكريم بأنَّهم أقرب الناس مـودَّة إلينا»

وتابع: «علينا ألا ننسى أنَّ المسيحيَّةَ احتضنت الإسلام وهو دين وليد وحمته من طغيان الوثنية والشِّرك التي كانت تتطلع إلى اغتيال هذا الوليد في مهده».

واستكمل شيخ الأزهر كلمته: «أقول لإخوتي المسيحيِّين في الشرق: أنتم جزء من هذه الأُمَّة، وأرجوكم أن تتخلصوا من ثقافة مصطلح الأقليَّة الكريه، فأنتم مواطنون كاملو الحقوق والواجبات، واعلموا أن وحدتنا هي الصخرة الوحيدة التي تتحطم عليها المؤامرات التي لا تفرق بين مسيحي ومسلم حين يجد الجد ويحين قطف الثمار ».

وتابع: « أقول للمسلمين في الغرب: اندمجوا في مجتمعاتكم اندماجًا إيجابيًّا، تحافظون فيها على هويتكم الدِّينيَّة كما تحافظون على احترام قوانين هذه المجتمعات، واعلموا أن أمن هذه المجتمعات مسؤوليَّة شرعيَّة، وأمانة دينيَّة في رقابكم تُسألون عنها أمام الله تعالى».

وذكر أن مبادرة الرئيس عبد الفتاح السيسي الرائدة بافتتاح أكبر جامع وكنيسة متجاورين في الشرق الأوسط خطوة هامة نحو تحقيق الأخوة الإنسانية، قائلا: «رسالتي لشباب العالَم في الغرب والشرق: المستقبل يبتسم لكم، وعليكم أن تتسلحوا بالأخلاق والعلم والمعرفة، وعليكم أن تجعلوا من وثيقة الأخوة الإنسانية دستور مبادئ لحياتكم و ضمانًا لمستقبل خال من الصراع والآلام، واجعلوا من وثيقة الإخوة الإنسانية ميثاقًا للخير هادمًا للشرونهاية للكراهية، وعَلِّمُوا أبناءكم أن هذه الوثيقة امتداد لوثيقة المدينة المنورة، ولموعظة الجبل،وهي حارسة للمشتركات الإنسانيَّة والمبادئ الأخلاقيَّة».

وتوجه بالشكر للشيخ محمد بن زايد على رعايتِه لهذه المبادرةِ التاريخيَّةِ المشتركة واحتضانه لوثيقة الأخوة الإنسانية، ولشيخ عبد الله بن زايد ولكل الشباب المتميز الذي سهر على ترتيب هذا اللِّقاء وتنظيمه وإخراجه بهذه الصورة المشرفة.

وأنهى كلمته، قائلا: شُكري لجندين مجهولين كانا من وراء إعداد «وثيقة الأخوَّة الإنسانيَّة» من بدايتها حتى ظهورها اليوم في هذا الحدث العالمي المهيب، وهما: ابناي العزيزان القاضي محمد عبد السلام ، مستشار شيخ الأزهر السابق، والمُونسينيور يُؤنَّس جيد ، السـكرتير الشخصي لقداسة البابا فرنسيس.