حكايات| أنبياء تزوجوا من صعيديات.. إحداهن جعلت المصريين أخوال العرب

أنبياء تزوجوا من صعيديات.. إحداهن جعلت المصريين أخوال العرب
أنبياء تزوجوا من صعيديات.. إحداهن جعلت المصريين أخوال العرب

أيامها ولياليها سلاسل صنعت عقودًا من الزمان، أحداثها ضربت في أعماق التاريخ مصابيح في آفاق سماء ذاكرة العالمين، اسمها كأنه ورد فرضه الإله على كتب السماء، مأوى النبي موسى وأخيه هارون، فيها حفظ الله المسيح وأمه في ربوةٍ ذات قرار ومعين، من صعيدها كانت أم العرب، وقبطية اقترن اسمها برسول آخر الزمان، وبين هذه وتلك زوجة أغوت فأسلمت تحت نبي كان له فيها شأن عظيم.. أنت هنا في مصر الأنبياء.

 

مصر العليا قديمًا أو الصعيد والوجه القبلي حديثًا يضع فوق شرف بلاده شرفًا صنعته السماء، حين مرّت خريطة أنبياء الإله على ضفاف النيل، من قرى الجنوب اختارت «صعيديات ثلاث» ليكنَّ أمهات لنسل الأنبياء، أوُّلهُن أمُّ العرب «هاجر»، والثانية «مارية القبطية» من جعلت أقباط مصر أخوالًا للمسلمين، وبين هذه وتلك «زليخة» زوجة يوسف عليه السلام التي جاءت قصتها وحيًا من فوق سبع سموات.

 

أم العرب.. صعيدية

خطوات مقدَّسة مثَّلت حياة نبي الله إبراهيم «أبو الأنبياء»، في كل بلد حطَّ فيها رحاله ترك علامةً صاغت طريقًا لأديان السماء، دخل مصر بزوجته سارة، فخرجا بأم العرب «هاجر» ثالثتهم، من جنوب مصر أصولها، رحلت معه من «كنانة القبط» ليكون لها شأن عظيم في جزيرة جلبت إليها العرب بمعجزة فجرت فيها السماء ينبوع ماء تحت أقدام نبي رفع بيت الله الحرام.



 

اقرأ للمحرر أيضًا| «المسيح» ليس أولهم.. 14 رضيعًا تكلموا في المهد

 

رحلة النبي إبراهيم وزوجته المصرية الصعيدية «هاجر»، لها بداية من فلسطين، التي سقط فيها رأس قرة عينه ولده إسماعيل بعد أن حمل الزمان من عمره عقودا تسعة دون نعمة البنين، ليأتي أمر الله «أن ارحل بهاجر وابنها في مكان بعيد».

 

امتثل نبي الله لأمر ربه فجهز رحاله مع أسرته وأثقلوه بزادهم وزوَّادهم، أخذتهم أقدامهم من فلسطين إلى جزيرة العرب، عيون «هاجر» كأنها تكلَّمت بالصمت «هنا يا إبراهيم؟»، سال قلبه بين ضلوعه دون أمر للسان، فالسكوت ينجي من خطأ الكلام.

 

آخر حوار بينهما اختصره سؤال «آلله أمرك بهذا؟» فأجابت إيماءة رأسه «نعم»، تركها هائمة دون تدبير أو تدبر، لكن ما زال صوتها يهز أركانه «إذن لن يضيعنا»، انطلق ولم يلتفت لشيء في طريقه غير أم ووليدها تركهما في هلاك لم ولن ينجوا منه إلا بمعجزة من السماء.

 

الصحراء يسمونها الهلاك لكنهم لا يعلمون أنها بداية لأمة وعلامة في الأرض والسماء، تفجَّرت من تحت أرجل وليدها «زمزم الماء» بعد أن كادت توقن بالهلاك، فتجمع حولها العرب، قبل أن يأتي الخليل إبراهيم بعد عقود يبني مع ابنه إسماعيل بيت الله الحرام، ليأتي من نسله بعد حين رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم.

 

زليخا.. زواج بعد مكر

 

الثانية زليخا أو راعيل بنت رعائيل، من بين محافظات الأقصر وإدفو والجيزة والفيوم وغيرها، اختلف المؤرخون والأثريون في أصلها، اسم خلَّدت صاحبته آيات القرآن الكريم حين اقترنت قصتها باسم نبي الله يوسف عليه السلام.

اقرأ للمحرر أيضًا| «الجرس قبل الأذان».. حين أمر النبي بضرب الناقوس للصلاة 

قصة زليخا بدأت بغدر وحسد انقلب إلى نعمة عمَّت بلاد مصر وأنقذتهم من مجاعة كادت تنهي عليهم، وبينها تفاصيل وسرد وحكي لقصة حب بدأتها زوجة أطفير عزيز مصر بفتاها «يوسف عليه السلام».

 

أخوة يوسف أكل الحسد عقولهم، وغاص الحقد بين قلوبهم حتى أجمعوا أمرهم أن يتخلصوا من ابن أبيهم نبي الله إسحاق في بئر، ومن هذه البئر بدأت الحكاية، فكان صغيرًا وجده بعض أصحاب القوافل السيارة فصحبوه معهم وباعوه لعزيز مصر «أطفير بن روحيب»، الذي تركه لزوجته علَّه يكون ولدًا لهما بعد أن حرما من مثله، حين شبَّ الولد تبدّل الطريق، فكان جماله أخاذا للعيون، افتتنت به، راودته عن نفسها لكنه أبى ورفض.

 

السجن أضحى بيته بعد أن كان في نعيم قصر العزيز، صبر واصطبر، حتى جاءت رؤيا تشق نوم ملك مصر الريان بن الوليد، قضت مضجعه، خاف أن تكون علامة لزوال ملكه، أجمع كهنة المعابد علَّه يجد تفسيرًا يتخطى به شر المستقبل، فدلوه على سجين عنده علم بتفسير أحلام النائمين، قص الملك رؤياه فارتاح قلبه للتفسير، فك رموزًا أنقذت بلاده من مجاعة تخطوها بجمع الحصاد في وقت النعم للشدائد والنقم، حينها انتقل يوسف إلى كرسي ساجنه العزيز، ثم زوجا لمن طلبته مراودة بعد موت عزيز خزائن مصر.

 

مارية القبطية.. هدية مصرية

 

الثالثة كانت هدية من أسقف الإسكندرية إلى رسول الإسلام، فجعلت لأقباط مصر شأنًا عظيمًا في دين المسلمين، فمع دخول النبي محمد مكة فاتحًا كانت «مارية القبطية» على موعد في جزيرة العرب، بدا الأمر يقترب مع وصول إحدى الرسائل النبوية إلى ملوك الأرض يعرض عليهم الإسلام، إحداها وصلت إلى الكنيسة المرقسية في مصر حيث المقوقس عظيم القبط على رأس أكبر كنائس الإسكندرية والحاكم آنذاك.

 

اقرأ للمحرر أيضًا| 3 محرمات لاحقت «القرآن».. التكفير والإعدام عقوبة المخالفين

المقوقس وسط كهنة وقساوسة ورهبان أسقفيته بدا عليه الرضا، فأمر بالهدايا فجمعت، هنا تجهزت مارية وأختها سرين، لكنها لا تعلم إلى أين المستقر، فوالدها الذي جاء من «أنصنتا» أو «ملوي» في المنيا بصعيد مصر إلى الإسكندرية، يبدو أن لها وجهة أخرى.

 

عصفت برأسها أسئلة لم تجد لها جوابًا إلا بعد أن غاب ركبهم في الصحراء، قادهم «حاطب ابن بلتعة» رسول النبي محمد إلى مصر، الذي أحس بخوفها وظنونها فلطفت كلماته عن الدين الجديد دوران رأسها ورجفة جسدها، حتى بدت نسمات الهواء تغسل خوفها من المجهول.

 
شاهد أيضــا:

حوار طويل دار في الصحراء، انتهى بإعلان مارية الإسلام قبل دخول المدينة، جاءت ومعها أختها سرين وألف مثقال ذهب، وعشرين ثوبًا لينًا، وبغلة اسمها «دلدل» وحمارًا اسمه «عفير» وخصيًا يقال له «مابور» وعسل من عسل بنها في مصر، كان يتقدمهم حاطب بن بلتعة.

 

سلمهم «بن بلتعة» هدايا المقوقس إلى رسول الله، فأسر النبي «مارية» في ملك يمينه لتنجب له بعد حين ابنه الثاني «إبراهيم» الذي كان سببا في عتقها، لكنه ما لبث في الحياة أكثر من عام ونصف العام ليلحق بأخيه الأول من زوجته خديجة «القاسم» إلى جوار ربه.

 

«أم العرب هاجر بنت أحد فراعين مصر» و«زليخا بنت راعيل بنت شقيق ملك مصر الريان بن الوليد» و«مارية القبطية بنت شمعون» تزوجت الأولى بأبي الأنبياء إبراهيم الخليل والثانية نبي الله يوسف بن يعقوب والثالثة كانت ملك يمين عند النبي محمد صلى الله عليه وسلم، كلهن كانت أصولهن مصرية، لكن اختلف علماء التاريخ والآثار في نسبة «هاجر» بين وجهي مصر القبلي والبحري.