مرصد الإفتاء: بعد الهزيمة .. الدواعش ينقلبون على أنفسهم ويتبرءون من أفكارهم التكفيرية

صورة موضوعية
صورة موضوعية

قال مرصد الفتاوى التكفيرية والآراء المتشددة التابع لدار الإفتاء المصرية في إطار متابعته لكافة الإصدارات الجديدة لتنظيم داعش الإرهابي، إنه رصد تداول عناصر التنظيم كتابًا جديدًا بعنوان "دحض شبهات الحاقدين على دولة المسلمين".

 

وأوضح أن الكتاب يتناول ما يطلق عليه "الشبهات المثارة" حول التنظيم الإرهابي، ويحمل تراجعًا كبيرًا للتنظيم عن أفكاره التي أطلقها منذ ظهوره، ونفيًا لأحكام قد أعلنها في منشوراته وأكدها بممارساته، والتي يبدو أنها مدفوعة بهزائم التنظيم الفادحة وتراجعه الكبير، والظاهر هو إدراك قادة التنظيم لهزيمتهم عسكريًّا وفكريًّا، فسعوا للتنصل من تلك الأفكار وهذه الممارسات كملاذ أخير للنجاة من الهلاك المحقق، ومحاولة بائسة لخداع الأفراد وجذبهم إلى التنظيم في ثوب فكري جديد.

 

وحمل الكتاب نقضًا لأفكار تكفير المسلمين، بل التأكيد على أن عموم المسلمين اليوم لا يجوز تكفيرهم، وهو الأمر الذي يتناقض جملة وتفصيلًا مع كل إصدارات التنظيم خلال السنوات الماضية، بالإضافة إلى محاولة التملص من كونه لم يجبر أحدًا على مبايعته أو قتال من رفض البيعة، فمن الثابت أن التنظيم أجبر سكان كل مدينة يدخلها على مبايعته، بل إنه قاتل التنظيمات المتطرفة الأخرى سعيًا وراء الفوز بالبيعة، وقد كفَّر عموم المسلمين حتى من ادعوا أنهم يقاتلون للخلافة ذاتها عبر تنظيمات أخرى كالقاعدة وغيرها.

 

وأشار المرصد أن خطاب التنظيم خلال الكتاب يؤكد على الحالة المتردية التي يعاني منها، فخطاب التنظيم منذ نشأته عام 2014م كان هجوميًّا يرى وجوب إعلان الخلافة وإقامتها وتطبيق الشريعة بقوة السلاح وتكفير المخالفين لهم، بينما يتحدث الكتاب الصادر في الرابع عشر من يناير 2019م عن نقيض كل تلك الأفكار، فخطابه دفاعي انهزامي يعتمد الكذب والتدليس كطوق للنجاة.

 

ولفت المرصد إلى أن هذا الكتاب مؤشر على نجاح المواجهة الفكرية للتنظيم في كشفه وتعريته وبيان حقيقته أمام عموم المسلمين، ومن ثم إعراض الأفراد عن الانضمام إليه، بالإضافة إلى جهود خلق استراتيجيات لوقاية المجتمعات المسلمة من انتشار الانحرافات الفكرية للجماعات المتطرفة، مما قلص من فاعلية أفكار التنظيم.

 

وشدد المرصد على أهمية استمرار المواجهة الفكرية للتنظيمات المتطرفة ووضعها على رأس أولويات المؤسسات المعنية بمواجهة هذه التنظيمات، فالمواجهة الفكرية تفقد التنظيم قدرته على مخاطبة وعي الشباب، وتعمل على خلق خطاب آخر مَعْنيٍّ بقَبول الآخر والتعايش المشترك، واحترام التعددية والحوار المجتمعي بين أبناء الوطن، واحترام شعائر الآخر، واحترام دور العبادة والتواصل والحوار بين الرموز الدينية، عملًا على إحياء منظومة التعايش والمحبة والتسامح والمواطنة.

 

وأكد المرصد أن الكتاب يشير لحالة الجرح لدى قيادات التنظيم والخوف على مستقبله مع تزايد أعداد الفارين والهزائم المتلاحقة للتنظيم؛ مما دفعهم لتعديل الخطاب خلال الكتاب للترويج للتنظيم واستهداف عناصر جديدة لضمان بقاء التنظيم وأفكاره لأطول مدى.

 

ودعا المرصد في ختام بيانه كافة المؤسسات المعنية بظاهرة التطرف والإرهاب لضرورة وجود استراتيجية فكرية واضحة وشاملة تعالج الظاهرة على مختلف الأصعدة المحلية والإقليمية والدولية، تقوم على أساس نشر ثقافة الحوار وتعزيز مفهوم الرأي والرأي الآخر، وتكريس روح المواطنة.