حوار| نائب رئيس «القومي للبحوث»: 200 مشروع جاهز يوفر ملايين الدولارات

د.ممدوح معوض خلال الحوار
د.ممدوح معوض خلال الحوار

قبل أن ندلف إلي مكتبه، أسئلة كثيرة كانت تدور في أذهاننا علي رأسها المشروعات البحثية المنتظر تنفيذها مع مطلع العام الجديد لتساهم في دعم الاقتصاد القائم علي المعرفة، وتحقق عوائد مادية كبيرة للدولة، لكن د. ممدوح معوض نائب رئيس المركز القومي للبحوث فاجأنا فور لقائه بـ »‬كنز» حقيقي يتمثل في كتاب يضم أكثر من 200 مخرج بحثي تحول معظمها إلي نماذج صناعية جاهزة للتنفيذ، لكنها ما زالت معلقة تنتظر من المستثمرين مد أيديهم لتتحول إلي خطوط إنتاج.. وكشف د. معوض خلال حواره مع »‬الأخبار» عن حجم أموال تتخطي مئات الملايين من الدولارات يمكن توفيرها علي الدولة حال البدء في تنفيذ هذه المشروعات المُعطلة، كما كشف لنا عن التحديات التي تواجه الباحثين، وكيفية بناء جسر يكمل الحلقة المفقودة بين البحث العلمي والصناعة حتي لا يظل »‬الكنز» مدفونا.
توطين التكنولوجيا
> سألناه في البداية: ما دور المركز في دعم استراتيجية الدولة 2030؟

المركز القومي للبحوث من أكبر الجهات البحثية الموجودة في مصر التي تتبع وزارة البحث العلمي فيضم 4800 باحث، ومنوط بنا جزء كبير في استراتيجية الدولة 2030 أو تطبيقها، ولنا بصمة كبيرة في وضعها وتماشيا مع استراتيجية 2030 جعلنا كل المشروعات التي يتم تمويلها في خطة 2019 / 2021 تسير في هذا الاتجاه. واستراتيجية المركز التي يجري تطبيقها تقوم علي محور رئيسي هو نقل وتوطين التكنولوجيا، ويندرج تحته 6 نقاط فرعية، هي الصحة والسكان، الزراعة والغذاء، الطاقة، المياه، العلوم المستقبلية، الصناعات الاستراتيجية. والمركز لديه 14 شعبة كل شعبة بمثابة كلية قائمة بذاتها، والمركز ينقسم إلي 4 قطاعات رئيسية: الصحة والبيئة، الزراعة، الصناعة، العلوم الأساسية. وهذه الشعب تبحث في كل المناحي، لذا نمتلك مخرجات بحثية سنوية يتم تطبيقها في مجال الصناعة والبيئة وغيرها.
> حدثنا عن الثروة المُعطلة التي بين أيديكم؟
خلال الاحتفال العام الماضي بمرور 60 عاما علي إنشاء المركز تم إصدار كتيب بعدد المشروعات البحثية المنتهية والقابلة للتطبيق، ويضم الكتيب أكثر من 200 منتج بحثي واعد قابل للتسويق والتصنيع، والتسويق يعتبر من أكبر التحديات التي تواجه البحث العلمي، ولهذا تم إنشاء وحدة بالمركز للتسويق – مكتب التايكو- فبعد الوصول إلي منتج يتم التنسيق مع هذا المكتب الذي يضم عناصر علي أعلي مستوي في هذا المجال للوصول إلي الصناعة.
براءات اختراع 
> هل الصناعة مقتنعة بالشراكة مع الجهات البحثية؟

استجابة الصناعة ضعيفة للغاية، فالفكر السائد هو أن الاستيراد أرخص من تبني منتج وتصنيعه، ولهذا فإن انتهاء الدولة من قانون حوافز الابتكار، والذي يعطي للمراكز البحثية الحق في إنشاء الشركات أو الشراكة مع القطاع الخاص للاستثمار في البحث العلمي، سيمنحنا الفرصة كجهات بحثية للإنتاج بالتعاون مع المستثمرين، وننتظر صدور اللائحة التنفيذية للقانون، والتي نراهن عليها في جذب الصناعة للبحث العلمي، ولدينا بالفعل مشروعات جاهزة للتطبيق تبحث عن رجال الصناعة، ولا ننكر حجم الاحباط الذي تولد الفترة السابقة لدي الباحثين النابغين لعزوف الصناعة عن دعم أبحاثهم، ود. أشرف شعلان رئيس المركز السابق قالها العام الماضي أنه كان غاية في الحزن وهو يبيع إحدي براءات الاختراع لعدم وجود قدرة لدي المركز لتصنيع هذا المنتج، وكانت فكرة الاختراع لأحد الباحثين في شعبة التغذية لانتاج مشروب قصب السكر المعلب، وقامت شركة سعودية بشراء براءة الاختراع، وقامت بالفعل بتصنيع المنتج، وموجود حاليا في الأسواق، ووقت حدوث ذلك لم يكن هناك مستثمر مصري مستعد للتعاون، ولم يكن هناك قدرة للمركز حتي يتولي التصنيع.
> كيف نتخطي هذه العقبة؟
للأسف المستثمر ينظر للمدي القريب فيبحث عن المنتج الذي يولد أرباحا سريعة، لكن وكما نعلم فإن المخرجات البحثية القابلة للتطبيق تولد ارباحا كبيرة علي المدي البعيد، والهواتف المحمولة علي سبيل المثال أبرز دليل، لذا نحتاج إلي تغيير ثقافة الاستيراد، والاعتماد علي التصنيع، وتغيير ثقافة الاستسهال القائمة علي الاستيراد، وأعتقد أن اقناع المستثمر في الفترة القادمة لن يكون بنفس صعوبة الماضي، فالدولة قررت أن تسير في الاتجاه الصحيح وهناك إرادة لتحقيق ذلك والاعتماد علي التصنيع، وهيئة الصادرات والواردات أرسلت إلينا منذ فترة قائمة كبيرة لمنتجات يتم استيرادها بملايين الدولارات، وطلبت منا ردا بقدرتنا علي توفير بدائل مصرية الصنع لهذه المنتجات، وبالفعل وضعنا خطة لتنفيذ ذلك، ومعظم هذه المنتجات تتعلق بالصناعات الكيماوية بكل أنواعها والنسيج. نواجه صعوبة في استجابة المستثمرين، لكن هناك مشروعات مبشرة.
ثروة معطلة
> بالحديث عن العملة الصعبة ما أهم المشروعات ذات العوائد الكبيرة؟
تنتج شعبة الصيدلة مادة السليمارين وهي مادة مهمة جدا تدخل لتنشيط الكبد وتستورد منها الدولة سنويا بملايين الدولارات، وقدر القائمون علي البحث تكلفة استيراده سنويا بمئات الملايين من الدولارات، والسليمارين مستخلص من نبات شوك الجمل، ونزرعه بالفعل علي مساحات كبيرة وننتج منها المادة، كمادة فعالة، لكن لم يتقدم أحد رجال صناعة الدواء لتبني المشروع وتحويله إلي خطوط انتاج، وحاليا يقوم المركز باننتاجه علي المستوي المعملي بكميات كبيرة بتقنية زراعة الأنسجة النباتية.
> ماذا عن باقي النماذج القابلة للتطبيق؟
المشروعات القابلة للتطبيق أو بمعني أدق التي تحولت إلي نماذج صناعية مقسمة كشعب، ففي شعبة النسيج يوجد المنسوجات المضادة للميكروبات، الملابس القطنية المضادة للحريق والبكتريا وهدفها حماية رجال المطافئ، كما يوجد بعض المنسوجات المضادة للمياه، وقمنا مؤخرا بإعداد معرض وضعنا فيه النماذج الأولية لهذه المشروعات لتسويقها. وهناك أيضا مشروع مادة »‬الاستيرين» التي تدخل صناعة الدهانات وتوصل إليها باحثونا، ويتم بالفعل انتاج هذه المادة من خلال مصانع مصرية، وهناك أيضا مشروع المنسوجات المضادة للميكروبات، وحاليا هناك تعاقد مع مستشفي 57357 للحصول علي مفارش الأسرة والمنتجات النسجية من خلال هذا المشروع لحماية المرضي. وفي الصناعات الهندسية يوجد ابتكار ناموسية لقتل وطرد الناموس، ويتم تصديرها لأفريقيا، ويتم غسلها 20 مرة دون تفقد كفاءتها، وهناك مشروع يتم بالتعاون مع جامعة سوهاج يتعلق بزراعة التوت لتربية دود القز لصناعة الننسيج، وتم تطبيق المشروع في إحدي قري سوهاج، وهذا أحد الحلول لخلق فرص عمل من خلال المشروعات اليدوية والصغيرة. وهذا النموذج يدعونا إلي التفكير فيما طبقته وقامت عليه الصين بأن تتخصص كل قرية في الصناعة التي تتميز بها، وقام المركز أيضا بدعم الصناعات اليدوية في حلايب وشلاتين.