بين القمص سرجيوس والبابا تواضروس.. 100 عام من «الوحدة الوطنية»

القمص سرجيوس
القمص سرجيوس

القمص «المصري» سرجيوس: «إذا كان الإنجليز يتمسكون بوجودهم فى مصر بحجة حماية الأقباط، فليمت الأقباط ويحيا المسلمون أحرارا»

 

منذ 100 عام، وتحديدا أثناء ثورة 1919، عاش المصريون معنى جديدا للتماسك والوحدة الوطنية فالخروج إلى الشوارع رفضا لوجود المحتل الإنجليزي جعل من النسيج المصري شيئا واحدا.

ولأول مرة في التاريخ الحديث، لم يقتصر دخول المساجد والكنائس لأصحابها بل تحولت تلك المقاصد الدينية إلى ساحات لشد الأزر وحشد الهمم من أجل التماسك والوقوف صفا واحدا في مشهد عاشت مصر من بعده في عهد لم يكن يفرق بين مسلم ومسيحي بصورة حقيقية خالية من الشعارات الجوفاء.

تابع المصريون، ليلة عيد الميلاد المجيد، حيث شهدت العاصمة الإدارية الجديدة افتتاح أكبر صرحين دينيين في منطقة الشرق الأوسط، فما بين مسجد الفتاح العليم وكاتدرائية ميلاد المسيح، امتزج الكيان المصري فخطب الإمام الأكبر داخل الكاتدرائية بينما وعظ قداسة البابا داخل المسجد.

كلمات البابا تواضروس أثناء مسجد الفتاح العليم، أعادت إلى الأذهان مشهد ثورة 1919 حيث دخل «الكاهن الثائر» القمص سرجيوس كاهن كنيسة مارجرجس بالقللي بالقاهرة آنذاك إلى الجامع الأزهر وصار يخطب في العامة ويحثهم على التماسك والاتحاد من أجل مصر.

لم يصغي القمص سرجيوس للهجات الطائفية بل تغلبت عليه طبيعته الثائرة الإيجابية فأعتلى المنبر وجمع حوله الجميع مسلمون ومسيحيون ليظل خطيبا للثورة يتردد بين منبر الأزهر ومنبر الكنيسة، مفتخرا بكونه مصري أولا، وكاهن قبطي يجاهد لأجل حرية الوطن.

لم يكتف القمص سرجيوس بكونه كاهنا وثائرا بل كان كاتبا مثقفا يوقع مقالاته باسم «يونس المهموز»، ولد الكاهن الثائر في جرجا عام 1882، وتدرج اسمه بين الرتب الكنسية حتى انتقل إلى حى القللى بالقاهرة، واختار لنفسه منزلا حمل الرقم 7، ليجتمع وسعد زغلول ومكرم عبيد والشيخ مصطفى القاياتى حيث كانوا يشتركون في كتابة الخطابات قبل ذهابها للشارع من منابر الكنيسة والأزهر.

في 5 سبتمبر عام  1964، رحل القمص سرجيوس عن عالمنا حيث حمل المصريون جثمانه نحو مثواه الأخير تقديرا له، رحل تاركا إرثا دينيا ووطنيا واسما سيظل عالقا في الأذهان كرمز استطاع أن يثبت قطعا مصريته ووطنيته ضاربا بكافة النعرات المتعصبة عرض الحائط.