حكايات| خطاط النبي الغالي.. صاحب «هدايا مقدسة» للمعتمرين «تسُر الناظرين»

حكايات| خطاط النبي الغالي.. صاحب «هدايا مقدسة» للمعتمرين «تسُر الناظرين»
حكايات| خطاط النبي الغالي.. صاحب «هدايا مقدسة» للمعتمرين «تسُر الناظرين»

ما إن تُشد الرحال إلى الأراضي المقدسة، ترفرف أغاني المصريين حول المعتمرين «خدوني والله معاكم يا زور النبي، أنا نفسي أزور وياكم بالصلاة على النبي»، وقبل ساعات من العودة إلى الديار تتزين جدران البيت أيًا كانت حالتها لتفضفض وتزمزم احتفاءً بالعائدين من عند النبي الغالي.


بطائرة، أو جمل، أو كعبة، أو سفينة، اعتاد أبناء الريف في مصر، بالرسم على جدار بيت المعتمر أو الحاج،  وكتابة آيات القرآن الكريم الخاصة بالحج على جدران المنازل ليكتمل موسم الحج أو العمرة، عند البسطاء، بهذه الرسومات البسيطة.


«حمدالله على السلامة يا حاج» و«حج مبرور وذنب مغفور».. كلمات تفرض خريطتها بيد خطاطين محترفين على بيوت القرى في مصر؛ لكنها لا تحلو بدون خط مرسوم بعناية يسر الناظرين لاستقبال الحجاج والمعتمرين.


جمعة.. الإبداع له أصوله


هنا في طوخ بمحافظة القليوبية، يقف «علي جمعة – 51 عامًا» ممسكًا بفرشاته جيدًا، يحفظ عن ظهر قلب أحلى الحروف التي تتخذ من جدران منازل المعتمرين مستقرًا لها، مستندًا على احترافه للخط العربي والرسم منذ صغره، قبل تغذيته بالتعلم على يد كبار شيوخ المهنة.

 

اقرأ حكاية أخرى| أحله لثلاثة أيام.. قصة «نبيذ» أحبه النبي


من قريته «مشتهر»، انطلق «جمعة» إلى إحدى العزب المجاورة؛ استجابة لطلب أحد أبنائها لتزيين جدران البيت، استعدادًا لاستقبال معتمر عائد من السعودية؛ لكن الرسومات بالأذواق، حيث تختلف من طلب السفينة إلى الجمل فغار حراء؛ لكن السر الحقيقي يرويه الخطاط علي: «الآية القرآنية بتتكتب لوحدها حسب تساهيل ربنا.. والله المساحة بتاعة الكلمات بتبقى ماشية مع الشكل».

 


انقراض أمام البنرات


ورغم تمسك أبناء الريف ببعض هذه العادات، إلا أن «جمعة» تحدث بحزن عن اختفاء بعض المظاهر الشعبية للاحتفال بالعائدين من الحج والعمرة، بمرور الزمن، أما ما يخص عمله فدخلت التكنولوجيا لتمحو فن الرسم والخطاطة الممتدة جذوره إلى الفراعنة.. «التكنولوجيا وشغل البنرات للأسف أثر كثيرًا على رسومات الجدران».

 

اقرأ حكاية أخرى| النبي محمد «طفلا».. روايات عن بداية الكلام وأحب الأكلات


ومن أجل التباهي يحافظ البعض على رسوم الجدران، فأحيانا تكون تلك الرسومات – بحسب الخطاط علي- كتوثيق لمراحل الحج والعمرة، ما يدفعه لاستخدام نوعية مميزة من الألوان.. «ممكن تكون ألوان وزيت وممكن بلاستيك، كله متوقف على طبيعة المكان وإمكانيات الزبون وطلباته».

 


طلبات غريبة للزبائن


وأمام تزايد المسئولية، مع وجود ثلاثة أبناء لـ«جمعة»، تعلم الرسم بنظام «3D» الحديث، لاستخدامه للرسم داخل الشقق، حتى يواكب العصر الحديث ومتطلباته، على حد وصفه. 


وبعيدًا عن كل ذلك، لا يزال الخطاط علي يواجه طلبات غريبة من بعض زبائنه؛ إذ أصر أحدهم على رسم والدته على جدران منزله؛ لعشقه لها!


وبالعودة إلى الحج والعمرة، تظل الكلمات الأكثر استخدامًا على جدران منازل الحجاج والمعتمرين العائدين: «حج مبرور وذنب مغفور، ويا داخل هذا الدار.. صلى على النبي المختار، ويا زاير بيت الله.. تروح وترجع بحفظ الله».