حوار| مندوب مصر الأسبق باليونسكو: السيسي أعاد تصحيح المسار في أفريقيا

 د. شادية قناوى خلال حوارها مع «الأخبار»
د. شادية قناوى خلال حوارها مع «الأخبار»

أكدت د. شادية قناوى استاذ علم الاجتماع وسفير مصر ومندوبها الدائم الاسبق لدى منظمة اليونسكو ان أفريقيا تمتلك عددا كبيرا من اصوات المجلس التنفيذى وان الديموقراطية الحقيقية تتطلب ثلاثة عناصر هى تعليم جيد وصحة سليمة ووعى كامل .

 

وبحكم كونها استاذا لعلم الاجتماع اشارت الى ان تعدد نظم التعليم فى مصر كارثة حقيقية تؤدى الى اتساع الهوة بين المواطنين وعدم العدالة الاجتماعية والى مزيد من التفاصيل فى هذا الحوار...

 

 بداية كيف تم اختياركم كسفير فى منظمة اليونسكو وخاصة انكم السيدة الوحيدة المرشحة من بين الذين تم ترشيحهم ؟


- من المتعارف عليه ان منصب سفير مصر يتم اختياره من وزارة التعليم العالى ووقتها قام رؤساء الجامعات باختيار 11 مرشحا من الجامعات المصرية وكنت أنا السيدة الوحيدة وكانوا جميعا قامات علمية كبيرة وتم اختيار 3 مرشحين فى القائمة المختصرة للمرشحين وكنت واحدة من بين هؤلاء وتم ارسالهم الى رئيس الوزراء ثم الى رئيس الجمهورية وكان لى الشرف بان تم احتيارى سفير مصر ومندوبها لليونسكو فى الفترة من ديسمبر 2005 الى اكتوبر 2009.


 ماحكاية الوزيرالاسبق فاروق حسنى الذى كان مرشحا لليونسكو فى الانتخابات السابقة ؟


- كنت فى هذا التوقيت سفيرة مصر باليونسكو وكنت شاهدة على كل اللقاءات والاتفاقات فى هذا الشأن وكان فاروق حسنى مرشح مصر وكان هناك 11 مرشحا منهم المرشحة البلغارية واخرى بلقوانية واوروبية وامريكى ومنهم 3 مرشحين عرب هم الجزائر ولبنان والمغرب علاوة على مرشح مصر واستطعت اقناع هذه الدول بالانسحاب لصالح المرشح المصرى ودعمه .

 

وكانت المفاجأة وهى حصولنا على 24 صوتا فى الجولة الاولى و25 فى الجولة الثانية و27 فى الجولة الثالثة و29 فى الجولة الرابعة ولاول مرة فى تاريخ المنظمة تتحد الدول العربية وتتوافق على مرشح واحد الا ان الاتحاد الاوروبى وقف سريعا فى اللحظات الاخيرة بعد ان وجد المرشح المصرى على وشك الوصول الى كرسى اليونسكو ووقفوا صفا واحدا فى دعم المرشحة البلغارية .

 

ورغم ان الافضلية كانت للمرشح المصرى الا ان اولويات عمل اليونسكو لتولى منصب رئيس المنظمة جعل عددا من السفراء من بينهم ايطاليا واليونان يؤكدون احترامهم للمرشح المصرى الا انهم فى الجولة الاخيرة مطالبون من حكوماتهم باختيار المرشحة البلغارية وان سفيري ايطاليا واليونان ابديا اسفهما لعدم نجاح المرشح المصرى.


أصوات الدول 


 كم يبلغ عدد اصوات الدول العربية والافريقية فى المجلس التنفيذى لليونسكو؟


- يبلغ العدد الاجمالى للمجلس 58 صوتا ويبلغ عدد اصوات المجموعة الجغرافية الخامسة 13 صوتا يبلغ عدد اصوات الدول الافريقية 8 اصوات والدول العربية 5 اصوات.


 اذن كيف يكون لنا هذه الاصوات ولا يمكن لنا الوصول الى كرسى اليونسكو خلال المرات الثلاث التى خاصت فيها مصر هذه التجربة؟


- هذا طبيعى لان افريقيا مهملة من جانب مصر منذ عقود وهذا كان يظهر فى رد فعل الدول الافريقية من ترشيح مصر فى المرات الثلاث لقد تركنا الساحة الافريقية ارضا خصبة للصين واسرائيل وان كانت الصين شريكا لنا فى النجاح الا ان الدول الاخرى وجودها فى افريقيا يزيد من عداء دول جديدة الى مصر يوما بعد الاخر  .

 

وقد تفهم مشكلة سد النهضة فى احد ابعادها فى ضوء العلاقات الاقتصادية والسياسية لاسرائيل مع الدول الافريقية ومنها اثيوبيا تحديدا فالامور لا تقاس بعدد الاصوات الموجودة ولكن بكيفية الحصول على هذه الاصوات وبالنسبة للدول العربية الخلافات القائمة تجعل الفشل نصيب الجميع وهذا ماقاله لى العديد من السفراء الاجانب بان العرب لديهم فرصة ذهبية فى تولى هذا المنصب .

 

ولكن فى حالة اتحادهم والتفاهم حول مرشح عربى واحد ولو اردنا ان نضرب مثلا بهذا الخلاف العربى لوجدنا ان قطر كانت احدى الدول التى كانت تحرص على ان تصوت الدول الاخرى ضد المرشح المصرى فاروق حسنى والسفيرة مشيرة خطاب فقد كانت قطرسببا رئيسيا فى عدول بعض الدول عن اعطاء صوتها لمصربعد ان ساومتها على اعطاء اصواتها للمرشحة البلغارية مقابل استمرار دعمها ومزيد من الاستثمارات لهذه الدول مؤكدة لهم بانها لن توقف المنح التى تقدمها لهم وهذه الدول دول آسيوية تكن لمصر كل حب وتقدير ولكن العلاقات والمصالح السياسية والاقتصادية هى التى تحدد العلاقات بين الدول فى النهاىة.


رئيس المنظمة 


 لوحظ فى الآونة الآخيرة ان رئيس المنظمة سفيرة سواء فى فترة الرئاسة السابقة او الحالية مارأيكم فى هذا؟


- المنظمة تعمل فى ضوء اولويتين تتمثل الاولى فى القضاء على الفقر وتتمثل الثانية فى تمكين المرأة لذلك دعم المرأة فى تولى المناصب المختلفة يعتبر اولوية اساسية لذلك كان ترشح السفيرة مشيرة خطاب مقصودا من قبل القيادة السياسية.


 من وجهة نظركم لماذا لم يحالف السفيرة مشيرة خطاب النجاح فى منصب اليونسكو رغم تأييد الدولة الكامل لها وايضا كونها امرأة؟


- السفيرة مشيرة خطاب لم يحالفها التوفيق لاسباب لاعلاقة لها بقدراتها الدبلوماسية « المتميزة» وجرأتها الدولية «المتعددة» فالامر مرجعه الى الموقف الامريكى الاسرائيلى التى تأخذ به بعض الدول الاوروبية ايضا من عدم تفضيل تولى مصر هذا المنصب الدولى الحساس كما ان مصر كانت خارجة من ثورتين وكان العداء لها من كل جانب علاوة على الجدية غير المسبوقة التى قامت بها الخارجية المصرية ووصولها الى جولة الاعادة رغم كل ما ذكرت من معوقات.


 هل الدفع بأكثر من مرشح عربى ادى الى تفتيت الاصوات العربية ؟


لا بالطبع لانه فى انتخابات 2009 السابقة التى رشح فيها الوزير فاروق حسنى قمت بالتعاون مع الخارجية على التنسيق مع سفراء الدول العربية لسحب مرشحيها ودعم مرشح عربى واحد وهو المرشح المصرى ولكن التكتل للدول الاوروبية لعدم وصول مصر لتتبوأ المناصب الدولية هو السبب الحقيقى لعدم وصول مصر لهذا المنصب.


 كيف ترين الوضع الافريقى الآن؟


عندما نجد ان الرئيس السيسى قام خلال الفترة الرئاسية الاولى بزيارة افريقيا عدة مرات وعمل على عودة مصر للاتحاد الافريقى فمن المتوقع ان يعود الدور المصرى التنويرى والحضارى والانسانى مرة اخرى للقارة السمراء.


 ما هو السبيل والوصول الى الوحدة الافريقية؟


- الحل يكمن فى القاء بذور جديدة فى القارة السمراء لتعود علينا بثمار تكون داعمة فى نوع من التنمية والاستثمار الحقيقى لان المصالح الاقتصادية المشتركة بين الدول هى الداعم لاقامة العلاقات وان كان الرئيس السيسى بذل فى الفترة الاخيرة جهدا كبيرا فى زيارة عدد كبير من الدول الافريقية الا ان الفترة القادمة تحتاج الى جدية الاستثمار فى هذه القارة الواعدة.


الوحدة العربية 


 كيف نحقق الوحدة العربية للوصول الى منصب دولى ممثل للعرب؟


- مصر كانت دائما داعمة وراعية لمصالح كثير من الدول العربية الا ان معظم هذه الدول اصبحت كبيرة وتنظر الى نفسها على انها اكثر كيانا من ذى قبل لذلك يجب ان تعى مصر هذه الفكرة وهى ان مبدأ رد الجميل لم يعد هو السائد ولكن تبادل المصالح والشراكة فى الاستثمارات هو اساس التعامل ولم يعد هناك بما يسمى الحقوق التاريخية.


 بالنسبة لفاروق حسنى كيف كان تقييم سفراء الدول لشخصه باعتباركم المسئول الاول عن حملته الانتخابية؟


- كان الرئيس الاسبق متحمسا لترشحه بشكل كبير وهذه حقيقة وبعد تحملى للمسئولية وجدت بانه شخصية وزارية على قدر كبير من الالتزام والقدرة على تحمل الشائعات والتى كانت تحاصره بشكل كبير فى فترة من الفترات وكان يحرص على ان يتحمل الانفاق على عزومات الوزراء والسفراء التى كنا نعدها لهم من «جيبه الخاص» ولم تمتد يده للاستيلاء على ما ليس من حقه ولديه القدرة على التسامح مع الناس بشكل كبير حتى مع من اساء اليه وهو شخصية وطنية لأبعد الحدود واقول هذا للتاريخ وهذه فرصة لانصح بها من يحب التشهير دائما بالوزراء او المسئولين فى مصر.

 

 فايزة ابوالنجا من بين الاسماء التى طرحت لرئاسة منظمة اليونسكو 2009 هل كانت على قدر المسئولية؟


- شخصية وطنية لديها انتماء مصرى قوى بل اصبحت رمزا للمرأة المصرية الاصيلة والقادرة على التواصل مع جميع الدول والهيئات الدولية من أجل وطنها ولما لها من ثقل دولى وسياسى على قدر من الثقة ممثل جيد وواجهة جيدة تجيد الدبلوماسية بشكل جميل.
التعليم فى مصر 


 بحكم زيارتكم لعدد كبير من الدول هل ترون ان التعليم فى مصر يسير وفق المنظومة الصحيحة ؟


- من خلال زيارتى لعدد كبير من الدول وخاصة ألمانيا والتى مكثت بها 7 سنوات دراسية لنيل درجة الدكتورة نجد ان التعليم فى مصر مختلف مع كل الدول المتقدمة التى ننادى بالاحتذاء بها فعندما نجد ان هناك 5 انواع تعليم وهى حكومى وازهرى وخاص وتجريبى ودولى اذن هناك اختلاف فى المعايير التعليمية كل حسب قدرته المادية مما يلقى بنوع من عدم المساواة وعدم الانتماء ويوجد فوارق معيشية ففى المانيا كل التلاميذ يتعلمون فى مدارس حكومية واحدة خلاف اننا عندما نأتى بتجربة تعليمية لتطبيقها فى مصر نجد اننا نطبقها بحذافيرها دون النظر الى الخصوصية المصرية ففى الصين نجدهم يطبقون نظاما تعليميا حسب كل منطقة بما يتوافق مع طبيعتهم وبيئتهم.


 هناك من يردد بانه يوجد نية لالغاء مجانية التعليم هل هذا يضمن تعليما سليما؟


- لا بالطبع لايوجد حقيقة لهذا الامر فمصر قامت بالتوقيع على اتفاقية باليونسكو على مجانية التعليم وهناك اتجاه لتعميم فصول الحضانة قبل المدرسية ايضا ولكن التساؤل فى ماهية التعليم المجانى هل هو ثقل التلميذ بالمناهج والكتب التى يحملها يوميا مما يضطر الاسرة الى الاتجاه الى الدروس الخصوصية التى تستنزف جيوب المصريين لا بالطبع فهذه لم تعد مجانية تعليم.