بين الشرع والقانون.. حكم «الشبكة» عند فسخ الخطوبة

حكم «الشبكة» عند فسخ الخطوبة - صورة توضيحية
حكم «الشبكة» عند فسخ الخطوبة - صورة توضيحية

- خبير قانوني: يحق للخاطب رفع دعوى «خيانة أمانة» أو دعوى مدنية على الفتاة لرد «الشبكة»

- «مهران»: في حالة عقد القران دون الدخول بالزوجة تعتبر «الشبكة» قانونا من حق الفتاة

- في حالة وفاة الخاطب لا يجوز قانونا استرداد الشبكة.. وهذا هو السبب

- «الإفتاء»: إذا لم يكتمل الزواج فالشبكة من حق الخاطب.. وهذه أحكامها عند الوفاة وفسخ العقد


 
كثيرٌ ما تثار الخلافات العائلية والمجتمعية عند فسخ الخطوبة بين أهل الشاب والفتاة على أحقية كل طرف منهما للشبكة، وجرى العُرف الاجتماعي في كثير من المحافظات والقرى أنه من يرغب في فسخ الخطوبة عليه ترك الشبكة للطرف الآخر الأمر الذي يثير جدلا كبيرا.


في هذا الصدد توضح «بوابة أخبار اليوم» في سياق السطور التالية حكم الشبكة الفقهي والقانوني عند فسخ الخطوبة، وأيضا من يستحقها في حالة وفاة الخاطب، وكذلك في حالة عقد القران دون الدخول بالزوجة ما مصير الشبكة؟


حكم «الشبكة» في القانون


في البداية يقول الدكتور أحمد مهران، أستاذ القانون العام ومدير مركز القاهرة للدراسات السياسية والقانونية، إن الشبكة يعتبرها البعض هدية من الخاطب لخطيبته والبعض يعتبرها جزء من المهر والبعض يعتبرها جزء من الأساس المنزلي ويتم كتابتها في «قائمة المنقولات»، ولذلك يختلف الوضع القانوني للشبكة.


وتابع: «إذا كانت الشبكة جزء من المهر فيجب على أهل الفتاة رد الشبكة كاملة لأنه لم يحدث الزواج، ولو كانت هدية يجب رد الهدية طالما الفتاة لا تريد إكمال الزواج أما لو كان الشاب هو من يريد فسخ الخطوبة فجرى العرف أن الشبكة تكون للفتاة عوضا عن الفترة التي قضاها والدخول للمنزل والظهور أمام الأسرة والمجتمع أنها محجوزة على ذمته، وهذا  هو الوضع المجتمعي للشبكة».


واستطرد مهران: «في حالة فسخ الخطوبة ورفض أهل الفتاة تسليم الشبكة للخاطب فمن حقه تحرير محضر خيانة أمانة للفتاة على أن سلمها الشبكة كجزء من المهر على سبيل الأمانة ولما لم يكتمل الزواج فإنه من حقه استرداد أمانته، وقامت هي بخيانة الأمانة، ويرفع عليها جنحة تبديد للأمانة وعقوبتها رد الأمانة أو الحبس».


وأوضح: «بعض الآراء القانونية تعتبر الشبكة هدية ويحق للخاطب أن يعود في الموهوب وبالتالي يطلب استرداد هذه الهدية أو الهبة ويرفع دعوى مدنية يطالب فيها باسترداد الشبكة التي كانت على سبيل الهبة ويرغب في العودة في هذه الهبة».


ولفت أستاذ القانون العام، إلى أنه في حالة وفاة الخاطب لا يوجد في القانون ما يلزم الفتاة وأهلها على رد الشبكة لورثة الخاطب، لأن الشبكة هدية أو هبة فلابد للشخص وحده أن يطالب بها في حياته وإذا مات فيتحقق بذلك عقد الهبة ولا يجوز قانونا لورثته المطالبة بها لأن الواهب «الخاطب» غير موجود.


وذكرمدير مركز القاهرة للدراسات السياسية والقانونية أنه في حالة عقد القران دون الدخول بالزوجة وحدث طلاق، تكون الشبكة من حق الفتاة لأنها أصبحت زوجته وبذلك تكون الشبكة من حقوقها المالية كجزء من المهر.


حكم «الشبكة» في الشرع


قالت دار الإفتاء المصرية، في فتواها إن الخِطْبَة وقراءة الفاتحة وقبض المهر وقبول الشبكة والهدايا؛ كل ذلك من مقدمات الزواج، ومن قبيل الوعد به ما دام أن عقد الزواج لم يتم بأركانه وشروطه الشرعية، وقد جرت عادة الناس بأن يقدموا الخِطبة على عقد الزواج لتهيئة الجو الصالح بين العائلتين.


فإذا عدل أحد الطرفين عن عزمه ولم يتم العقد، فالمقرر شرعًا أن المهر إنما يثبت في ذمة الزوج بعقد الزواج، فإن لم يتم فلا تستحق المخطوبة منه شيئًا، وللخاطب استرداده، أما الشبكة التي قدمها الخاطب لمخطوبته فقد جرى العُرف على أنها جزء من المهر؛ لأن الناس يتفقون عليها في الزواج، وهذا يُخرِجها عن دائرة الهدايا ويُلحِقها بالمهر، وقد جرى اعتبار العرف في التشريع الإسلامي؛ لقوله تعالى: ﴿خُذِ العَفوَ وأمُر بالعُرفِ﴾ [الأعراف: 199]، وفي الأثر عن ابن مسعود رضي الله عنه: «ما رَأى المُسلِمُونَ حَسَنًا فهو عند اللهِ حَسَنٌ، وما رَأَوا سَيِّئًا فهو عند اللهِ سَيِّئٌ» أخرجه أحمـد والطيالسي في مسنديهما.


فالشبكة من المهر، والمخطوبة المعدول عن خطبتها ليست زوجة حتى تستحق شيئًا من المهر؛ فإن المرأة تستحق بالعقد دون الدخول بها نصف المهر، وتستحق بالدخول المهر كله.


وبناءً على ذلك؛ فإن الشبكة المقدمة من الخاطب لمخطوبته تكون للخاطب إذا عدل الخاطبان أو أحدهما عن عقد الزواج، وليس للمخطوبة منها شيء، ولا يؤثر في ذلك كون الفسخ من الخاطب أو المخطوبة.


أما الهدايا فإنها تأخذ حكم الهبة في فقه المذهب الحنفي الجاري العمل عليه بالمحاكم؛ طبقًا لنص الإحالة في القانون رقم 1 لسنة 2000م؛ حيث جاء فيه: «والهبة شرعًا يجوز استردادها إذا كانت قائمة بذاتها ووصفها»، فيجوز للخاطب أن يطالب باسترداد الشبكة والهدايا غير المستهلكة، وعلى المخطوبة الاستجابة لطلبه.


أما إذا كانت الهدايا مستهلكة - كنحو أكل أو شرب أو لبس - فلا تُستَرَد بذاتها أو قيمتها؛ لأن الاستهلاك مانع من موانع الرجوع في الهبة شرعًا، وكان الدكتور شوقي علام، مفتى الجمهورية، قد أكد أنه إذا خطب شاب فتاة وتوفى في فترة الخطبة، فإن الشبكة والهدايا تعتبر هدية تأخذ حكم الهبة، ولا يجوز لورثة الخاطب استردادهما، مضيفًا أن المهر في هذه الحالة لا تستحق المخطوبة منه شيئًا.


وأوضح «علام»، أن قراءة الفاتحة وقبول المهر والشبكة والهدايا من مقدمات الزواج ومن قبيل الوعد به، ما دام عقد الزواج لم يتم بأركانه وشروطه الشرعية، والمقرر شرعًا أن المهر إنما يثبت في ذمة الزوج بعقد الزواج، فإن لم يتم عقد الزواج فلا تستحق المخطوبة شيئًا منه ولورثة الخاطب استرداده.


وقال إن الشبكة والهدايا مطلقًا فهي هدية تأخذ حكم الهبة في فقه المذهب الحنفي، والمنصوص عليه في هذا المذهب أنه يمتنع الرجوع في الهبة بموت الواهب أو الموهوب له، وعلى ذلك فلا يجوز لورثة الخاطب استرداد الشبكة والهدايا سواء كانت عينية أو نقدية؛ لأنها تأكدت بموت الخاطب، وأصبحت جميعها من حق المخطوبة شرعًا.