عمرو الخياط يكتب: شباب العالم مع الرئيس

الكاتب الصحفي عمرو الخياط
الكاتب الصحفي عمرو الخياط

في شرم الشيخ هناك في مدينة السلام التف الشباب من مختلف دول العالم حول الرئيس المصري، بقدر ما كان الحضور رسمياً بقدر ما كان إنسانيا وانعكاسا لواقع عملي يؤكد أن الأصل في الإنسان هو محبة التعايش وقبول الآخر والتكامل معه.

المشهد الظاهر للمنتدى انطلق ليؤكد أن مصر مؤسسة قاعدة التلاقي الإنساني علي أرضها، إذا كانت الدول تسعي لبناء القواعد العسكرية فإن مصر صاحبة السبق في تشييد قواعد الإنسانية.

في مواجهة شباب العالم جلس السيسي نموذجا لقائد قرر أن ينقذ وطنه، قائد قرر الاستمرار في مسيرة الإنقاذ حتى النهاية، برغم الحضور الإنساني الطاغي علي المكان إلا أن عدداً من وجوه الحاضرين حملت ملامح المأساة التي عكستها مشاهد الدمار الذي حل بأوطانهم، ربما دفعهم ذلك إلي إطالة النظر إلي وجه السيسي لعلهم يقتبسون من قسماته أملا في الإنقاذ والعودة إلي وطن آمن.

اللقاء المباشر وقف الشاب العراقي القادم من البصرة يحاور الرئيس يحمل من سنوات العمر فقط أربعة وعشرين عاما، إلا أن السيسي بادر بمصارحته بأنه لم ير العراق حتى الآن، والتي كانت وطنا يشار له بالبنان وفقا لما أكده السيسي الذي بدت علي نبرات صوته ملامح الأسى على المأساة العراقية التي انزلقت إلي سراديب الطائفية، بعدها جلس الشاب الذي بدت عليه آثار الصدمة وتداعيات المصارحة بعدما اكتشف أنه في ريعان شبابه ومازال لم ير من وطنه العريق إلا مظاهر عمليات إعادة الإعمار كما لو كان قد كتب على جيله العيش في وطن تحت الإنشاء يحمل لافتات »انتبه منطقة خطر»‬، لكن السيسي أبيَ إلا أن يحمل وطنه لافتات »‬منطقة أمل».

حول اللقاءات الرسمية للمنتدى والمعدة ببرنامجه المعلن حتما كانت هناك لقاءات حميمية جمعت شباب العالم الحاضر بالشباب المصري، حتما كانت هناك مشاعر غبطة سيطرت علي بعضهم بينما هم ناظرون إلي أقرانهم المصريين الذين يمتلكون وطنا آمنا مطمئنا يمكن جدا الاختلاف بداخله ولا يمكن الخلاف عليه، وطن يحتضن التيارات والأفكار والعقائد المختلفة فتتحول إلي تفاصيل في أصل هويته الصلبة ولكنها أبدا لا تنشطر إلي عرقيات أو مذاهب، ربما كانت النظرات الحائرة في أعين بعض الشباب القادم من أوطان آيلة للسقوط أرادت أن توجه للشباب المصري الرسائل التالية:

- لديكم وطن مستقر ومستقل. 
- لديكم جيش عقيدته فقط هي الوطن وليس المذاهب والعرقيات والطوائف.
- لديكم أرض موحدة.
- لديكم رئيس يعلي مصالح الشعب فوق شعبيته.
- لديكم مؤسسات قادرة علي دحر الإرهاب.
- لديكم صوت مسموع في العالم.
- لديكم إرادة تشييد وبناء.
- لديكم شعب يدرك قيمة وطنه بوعيه وبفطرته.
- لديكم دولة قادرة علي تحمل مسئولياته والتزاماتها الإقليمية والدولية.

كلمات السيسي خلال المنتدى كانت مفرداتها تعبر عن عقيدة راسخة بأهمية دور الشباب، كانت الكلمات تخاطب الوعي والمشاعر علي قدم المساواة، كانت تستصرخ ضمائر الشباب بعدم الاستسلام لمحاولات احتلال مساحات وعيهم وتسليمها لسماسرة هدم وبيع الأوطان فيصبحوا علي ما فعلوا نادمين.

السيسي الذي وقف مخاطبا الشباب الحاضر كان مرتكزا علي القاعدة الصلبة لثورة الدولة المصرية في ٣٠ يونيو ليقول لهم نعم تستطيعون كما استطاعت مصر، ليقول لهم إنه وسط الظلام سطعت شمس يونيو العظيمة.

لم يتوقف الكثيرون عندما أعلن السيسي بثبات عبارته القائلة: »‬لو عندنا يهود هنبني لهم معبد»، الرجل لا ينطق عن هوي الشعبية أو الزعامة بل توحي إليه إنسانيته ليقدم نموذجا عمليا قادرًا علي تحمل مسئوليات تنفيذ قناعاته وأفكاره علي أرض الواقع.

السيسي الذي نادي في أول خطاباته الرئاسية بالثورة الدينية عاد ليؤكد أنها ثورة من أجل تكامل البشرية ومن أجل حفظ قيمة الأديان التي جاءت لإسعاد البشر وليس لتتحول إلي مبرر للاقتتال والاستعلاء وتفتيت الأوطان.

طوال المؤتمر حرص السيسي علي توجيه رسائله للحاضرين ربما يحملها الشباب الحاضر رسلا إلي أوطانهم.. ربما جاءت رسائله وتدفقت علي مسامع الحاضرين لتقول ما يلي:

- قدرة الشباب علي إنفاذ إرادته هي السبيل الوحيد بمستقبل آمن.
- مساحات تلاقي أحلام وآمال الشباب قادرة علي تجاوز اختلاف الأديان والأعراق والأجناس.
- البحث عن فرص السلام والإبداع سبيل حتمي لتجاوز الصراعات الضيقة.
- مواجهة الإرهاب تتحقق بالفن والثقافة قبل السلاح.
- استبدال أطروحات الصدام الحضاري بالحوار أمر حتمي لإنقاذ الإنسانية.
- العودة إلي الإنسانية خيار استراتيجي للدولة المصرية.
- الحوار سبيل حتمي لتجاوز أخطاء الماضي وبناء المستقبل.
- أحلام الشباب لا تسقط بالتقادم.
- الأحلام لا تتحول إلي حقائق إلا بالإرادة والعزيمة.
- بناء السلام الاجتماعي داخل الأوطان خيار استراتيجي لا يمكن الحياد عنه.

نهاية المنتدى أعلنت التوصيات لتؤكد أن اللقاءات لم تكن مجرد نقاشات شفوية من أجل الاستعراض، بل جاءت لتقول بوضوح إن مصر قادرة علي تحمل مسئولياتها الإنسانية في جمع الفرقاء وتوحيدهم من خلال أكاديمية الشباب التي ستضم شبابا عربيا وإفريقيا لبناء وعيهم وتحصينه بمفاهيم الأمن القومي. 

بكامل قوة الدولة المصرية أعلن السيسي عن قدرة دولة ٣٠ يونيو علي مراجعة خطواتها فكلف الحكومة بإعادة مراجعة قانون الجمعيات الأهلية معترفا بعواره.

انتهي المنتدى لكن نهايته الوقتية كانت بداية لبدايات حتمية من الأمل والعمل علي أرضية الإنسانية المشتركة.

تفاصيل المؤتمر عبرت بكثافة عن حيوية مفعمة بالأمل انعكست حتى على مظاهره الخارجية ومصادر أضوائه البهية.

عموم الحالة عبرت بإخلاص عن إبداع كتيبة من الشباب آمنت بفكرة المنتدى فأنتجت عملا بديعا تحول إلي ملتقي للإنسانية.

إكسير الشباب الذي دب في كل تفاصيل المنتدى استمد نضارته من عقول شابة تدير تلك التفاصيل ولا تعرف سبيلا لأنصاف الإنجاز أو أنصاف الإبداع.. بل تتخذ من الاحتراف هدفا استراتيجيا ومنهج حياة.