حكايات| «كشاف» الدراويش.. رحلة البحث عن البطولة تبدأ من «النجوع»

جيل الدراويش 1990
جيل الدراويش 1990

في زمن المال، وتحكمه في صناعة كرة القدم، أصبح التعاقد مع لاعب موهوب لاستثماره في المستقبل أمرًا صعب المنال، فكلما غابت رؤوس الأموال عن قيادات الأندية وخزائنها في مصر، أصبحت المهمة أكثر صعوبة للتواجد في المنافسة، ولكن مدرسة الدراويش في مراحل مختلفة تخطت عقبة المال بالعين الخبيرة.

 

ويحفل تاريخ النادي الإسماعيلي بقصص الكشّافين الذين جابوا نجوع وقرى مصر لاكتشاف المواهب التي ارتدت قميص الدراويش وحصدت البطولات في ظل هيمنة الأهلي والزمالك على الألقاب طوال سنوات عديدة، لكن العين الخبيرة لكشافي النادي الإسماعيلي كسرت هيمنة القطبين على البطولات في مواسم تاريخية.

 

شحتة وجيل 90

 

غاب الإسماعيلي عن المنافسة على البطولات لسنوات طويلة بعد معجزة الجيل التاريخي الذي تحدى ظروف النكسة في 1967 واستطاع إحراز أول بطولة أفريقية مصرية وعربية في العام ذاته، وكذلك التتويج بالدوري على حساب الأهلي والزمالك رغم ضرب الإسماعيلية من قبل الاحتلال الصهيوني.

 

وبعد سنوات طويلة وتحديدًا عقب صعود منتخب مصر إلى نهائيات كأس العالم «إيطاليا 1990» بدأ محمد صديق ميرابكش «شحتة» نجم الإسماعيلي في جيل الستينات التاريخي، البحث والتنقيب لتكوين فريق للدراويش ينافس على البطولات التي ذاق حلاوتها لاعبًا ولكن من على كرسي المدير الفني.

 

تولى شحتة أو «الكونت دي شحتة» القيادة الفنية للدراويش وبدأ البحث عن لاعبين يمكنهم تمثيل النادي الإسماعيلي، وكانت البداية بالتعاقد مع أدهم السلحدار الذي لعب مباراة قوية أمام الفريق الساحلي حين كان يمثل نادي النيل للأدوية فأصر شحتة على ضمه للدراويش.

 

حكاية أخرى للمحررحسين حجازي.. الأقدار تكتب قصة «الأب الروحي» للكرة المصرية

 

وجاء الدور على عصام عبد العال، الذي اختارته عين شحتة من نادي كفر صقر بالشرقية لينضم للدراويش، ويصبح أحد أهم عناصر فريق السمسمية، ومن بعده بشير عبد الصمد الذي استغنى عنه الزمالك ناشئًا ولعب لنادي طوخ قبل أن تقتنصه عين شحته لينضم للدراويش ويصبح هدافًا للدوري المصري مناصفة مع أحمد الكأس نجم الزمالك بعد ذلك في منتصف التسعينات.

 

مباراة ودية بين الإسماعيلي وغزل شبين تألق فيها حمزة الجمل صاحب البنيان الجسماني القوي، دفعت شحتة للإصرار على العودة به مع الدراويش إلى الإسماعيلية ليصبح أحد أبرز نجوم منتخب مصر والنادي الإسماعيلي بعد الانضمام لفريق الكونت دي شحتة في العام 1990.

 

وبعد موسم شاق وطويل كان الدراويش على موعد مع البطولة التاريخية بعد التساوي في عدد النقاط مع النادي الأهلي، والاحتكام لمباراة فاصلة على ملعب غزل المحلة العريق ليفوز الدراويش بهدفين نظيفين ويتوج بالبطولة الغالية ويدخل الكونت دي شحته ودراويشه تاريخ الكرة المصرية.

 

حكاية أخرى للمحرر: رحلة مصري من «المظاليم» حصد دوري أبطال أوروبا أربع مرات

 

العثمانيون

 

في عهد أبناء «المعلم» عثمان أحمد عثمان، الثلاثي إسماعيل ومحمود وإبراهيم عثمان، وقت الهيمنة على مقاليد حكم قلعة الدراويش في نهاية التسعينات وبداية الألفية، لم يقتصر الأمر على وجود كشاف وحيد للتعاقد مع اللاعبين، بل اعتمدوا على مجموعة من أبناء الدراويش يقودهم علي أبو جريشة النجم التاريخي للقلعة الصفراء، والمدربين من الشباب آنذاك أبو طالب العيسوي وصبري المنياوي ومن بعدهم أحمد العجوز.

 

استطاع كشافو الدراويش بقيادة أبو جريشة التعاقد مع لاعبين على رأسهم أحمد حسن عميد لاعبي العالم الحالي من نادي أسوان، ومحمد بركات، نجم مصر والنادي الأهلي والإسماعيلي السابق من السكة الحديد، وإيهاب جلال، المدير الفني السابق للزمالك من نادي الشمس، وإسلام الشاطر من الأولمبي السكندري، وخالد بيبو من السويس، والنيجيري جون أوتاكا من المقاولون العرب.


 

وكانت النتيجة تتويج النادي الإسماعيلي ببطولتي كأس مصر عامي 1997 و2000، والدوري الممتاز في أصعب المواسم فنيًا في تاريخ الكرة المصرية 2002 على حساب الأهلي والزمالك، وكذلك الوصول إلى نهائي الكونفدرالية 2001، ونهائي دوري أبطال إفريقيا 2003.

 

حكاية أخرى للمحررالكرة ليست «للدوري الممتاز فقط».. هنا «بيلا» مصنع الدخلات

 

العجوز وأحمد علي

 

غاب كشافو الدراويش عن المشهد في العقد الأخير وتظل النقطة المضيئة الوحيدة التعاقد مع أحمد علي، مهاجم بترول أسيوط، رغم ابتعاده تمامًا عن المشهد في الموسم 2009/2010 باللعب لبترول أسيوط الهابط لدوري الدرجة الثانية.

 

فوجئ أيمن رمضان، مدافع الإسماعيلي الراحل، بأحمد العجوز على أحد مقاهي الإسماعيلي يطالبه بـ 20 ألف جنيه للتعاقد مع مهاجم بترول أسيوط، فاستطاع تدبير 10 آلاف جنيه، وأكملها العجوز بمبلغ مماثل للحصول على الاستغناء الخاص بأحمد علي من ناديه الهابط للمظاليم.

 

تعاقد الإسماعيلي مع أحمد علي ليسجل 23 هدفًا بقميص الدراويش، وانتقل معارًا إلى الهلال السعودي وسجل 5 أهداف في نصف موسم، كما انضم للزمالك وأصبح الآن منافسًا على لقب هداف الدوري مع المقاولون العرب، ونال شرف ارتداء قميص منتخب مصر للمرة الأولى عبر النادي الإسماعيلي.