حكايات| ماذا لو اكتشفت أنك مطالب بدفع ضريبة على «البول»؟

 ماذا لو اكتشفت أنك مطالب بدفع ضريبة على «البول»؟
ماذا لو اكتشفت أنك مطالب بدفع ضريبة على «البول»؟

هل فكرت مرة أن «بولك» قد يكون له قيمة؟؛ بل وقد تدفع عليه ضريبة للدولة لاستخدامه؟، هل فكرت أن تستخدم «بولك» في العلاج؟ .. ربما لم يخطر على بالك كل هذه الأسئلة، لكن هناك من استخدم البول في العلاج، وهناك أيضًا من جعل شعبه يدفع ضريبة على استخدام البول؛ إذ كان للبول قيمة كبيرة لديهم. 

 

لا يختلف اثنان على الحضارة الرومانية وعظمتها، ويكثر الحديث عن تاريخها الذي يعج بالإنجازات والمعارك العسكرية وتطور الجيش والتوسعات التي قامت بها في أنحاء العالم أجمع حتى صارت إمبراطورية لا تغيب عنها الشمس، بخلاف إنجازاتها في المجال المعماري والثقافي والحضاري. 

وخلال أوج قوة الحضارة الرومانية خاصة نظامها العسكري الذي كان من أكثر الأنظمة نجاحا في تاريخ العالم أجمع، ارتبط معه العديد من الأشياء والعادات والمعتقدات الغريبة والمثيرة للدهشة، والتي تناقلتها الأجيال بفضل كتب بعض مؤرخي تلك الحضارة وربما أبرزهم: لوسيوس كاسيوس ديو كوكايانوس، والذي كان عضوا في مجلس الشيوخ الروماني، وقنصلا، وكاتبا ومؤرخا.

 

بالإضافة إلى غايوس سويتونيوس ترانكويليوس وهو مؤرخ روماني أرخ تاريخ الإمبراطورية الرومانية وخصوصا في عصر يوليوس قيصر وشرح الحياة الاجتماعية والاقتصادية في روما القديم.

 

شرب البول

 

ربما أبرز المعتقدات الغريبة لدى الإمبراطورية الرومانية، هو أن للبول فوائد علاجية، حيث أنهم اعتقدوا أن البول هو أفضل وسيلة للحفاظ على بياض الأسنان وأنه يساهم في تنظيف وعلاجها، وخاصةً علاج التجاويف التي تحدث نتيجة التسوّس، كما أنه يضيف لمعة على الأسنان، وقد أقر الأطباء وقتها بضرورة تناول ملعقة يوميا على الأقل من البول للعناية بالأسنان.

 

اقرأ للمحرر أيضًا| قرية العميان.. آفة بلدتنا «الزواج»

 

ولم يتوقف استخدام البول عند الرومان على الأسنان فقط، بل استخدموه أيضا بشكل كبير جداً من أجل غسل الثياب التي تحمل بقعاً مستعصية، ويرجع السبب في ذلك إلى احتواء البول على نسب ضئيلة من الكلوريد.

 

العلماء الرومان لم يكتفوا بهذا الحد؛ بل أقروا بأنّ هناك أنواعا جيدة من البول البشري غير الروماني، مثل البول البرتغالي الغني بالأمونيا المفيدة في علاج وحماية الأسنان.

 

 

ضريبة البول

 

«البول» حظي أيضا بمكانة هامة في تلك الإمبراطورية، وتنوعت أشكال استخدامه؛ حيث كان يتم جلبه واستقدامه من شبه الجزيرة الإيبيرية والتي تقع حاليا في الجزء الجنوبي الغربي من قارة أوروبا، وتتكون من إسبانيا والبرتغال وأندورا ومنطقة جبل طارق.

 

وخلال تلك الحقبة انتشر مُنتج «البول» في أرجاء الإمبراطورية؛ بل وتعدى ذلك ليصبح تجارة رائجة اشتغل به العديد من الأشخاص، ما دفع الإمبراطورية إلى فرض ضريبة على هؤلاء التجار، وقد حملت هذه الضريبة اسم «ضريبة البول»، وذلك بحكم الإيرادات المالية الضخمة التي حققها تجار البول في تلك الفترة من التاريخ.


 
اقرأ للمحرر أيضًا| «جسر الموت».. كل موضع قدم «مُدمن»

 

وما بين عام 69 و79 بعد الميلاد، وخلال عهد تيتوس فلافيوس قيصر فسبازيانوس أوغسطس المعروف باسم فسبازيان الإمبراطور الروماني التاسع، ومؤسس سلالة فلافيان ومؤسس مدينة نابلس الفلسطينية، تم زيادة قيمة ضريبة البول مرات عديدة، حيث كان يهدف الإمبراطور الروماني إلى زيادة عائدات الإمبراطورية من هذه التجارة المربحة بعد أن أصبحت خزينة الدولة شبه فارغة.

 

 

فضلاً عن كل هذا وذاك، أمر فسبازيان بإنشاء أعداد كبيرة من المراحيض العمومية في شوارع الإمبراطورية، حتى يتم تجميع البول فيها وبيعه للتجار، وبسبب هذا القرار كان سكان روما يلقبون المراحيض العمومية بفسبازيان، نسبة له.

 

القديم والحديث يلتقيان

 

الأكثر غرابة، أن علماء وأطباء العصر الحالي، لم يرفضوا تلك الفكرة، بل يرون أن «البول» مفيد للأسنان كما اعتقدت الإمبراطورية الرومانية منذ قرون، ويقول بول جولدفارب أحد الأطباء، إن البول نظيف نسبيا، بخلاف أنه مطهر جيد، كما أن التبول على الجرح يمكن أن يطهره.

 

اقرأ للمحرر أيضًا| إيران «الإسلامية».. كثير من الدعارة والمخدرات قليل من الدين 


المختصة في أمراض الجلد بمانهاتن الدكتورة مونيكا شادلو، قالت أيضًا، إن هناك مجموعة متنوعة من علاجات البول التي أصبح الناس مهتمين بها مؤخرا، خاصة مع الاستمرار في البحث عن بدائل علاجية طبيعية، ويمكن تطبيق العلاج بالبول موضعيا باستخدام البول المستخرج حديثا وهناك بعض الأشخاص الذين يلجأون لابتلاع البول.

 

ومن هنا، أوضحت شادلو أن البول بحد ذاته معقّم، إلا إن كنت تعانين من مرض ما أو من التهاب في المسالك البولية، وهو في الواقع ليس مادة ثانوية سامة يفرزها الجسم، بل هو سائل يتم تقطيره من الدم ويحتوي على الماء ومواد غذائية زائدة عن حاجة الجسم. 

 

قضية تاريخية

 

الكاتب الكبير أنيس منصور، أفرد مقالا كاملا عن العلاج بالبول، وجاء في مطلعه: «قبل أن أقول كلمة واحدة وتقول لي كلمة استنكار، أرجوك أن تبحث عن موضوع (العلاج بالبول) على موقعي ياهو وجوجل على الإنترنت، وستجد مئات الصفحات. عندي مئات أيضًا. إنها قضية تاريخية علمية شعبية. فقد كان القدماء في بلادنا بمصر الفرعونية والريفية الحديثة وفي كل البوادي يعالجون مرضاهم باستخدام البول في وضعه على الجروح والقروح أو شربه مخلوطا بالعسل أو خالصا».

 

اقرأ للمحرر أيضًا| «مونوي».. جمهورية الأشباح تسكنها وتحكمها «امرأة واحدة» 

 

«قد تضحك الآن على ذلك، لأن الأدوية من كل نوع قد توفرت لها وتحتوي على نفس المواد الموجودة في البول وبصورة أنقى، ولكن العلاج ببول الإنسان والحيوانات ظاهرة علاجية قديمة ولا تزال في البادية وفي الريف».. هذا ما كتبه أنيس منصور قبل سنوات.

 

 

السؤال الذي لابد أن يتم طرحه عليك الآن.. هل بعد كل ما ذكر سلفا، تستطيع أن تستخدم البول في علاج أسنانك؟ أو حتى لبشرتك؟ أو تنظيف ملابسك؟.. سؤال أنت الوحيد القادر على إجابته!!