صور| حكاية «طريق الحرير» الممر التاريخي لتجارة الشرق

طريق الحرير
طريق الحرير

«طريق الحرير» هو ممر التجارة استخدمته الصين من أجل زيادة تبادلها التجاري مع بلدان جنوب آسيا وغرب آسيا وأوروبا وشمال أفريقيا.


 ويُسمى بذلك الاسم بسبب نقل كميات كبيرة من الحرير والمنسوجات الحريرية الصينية إلى الغرب عبر هذا الطريق،  وهو مجموعة من الطرق المتصلة التي كانت تسلكها القوافل وتمر عبرها السفن من جنوب شرق آسيا واصلة بين الصين مع منطقة أنطاكية، فضلاً عن عدد من المواقع الأخرى.


ويكشف د.حسين عبد البصير مدير متحف الآثار مكتبة الإسكندرية، عن حكاية «طريق الحرير»، الذي يرجع تاريخ إنشائه إلى عام 3000 قبل الميلاد وكان عبارة عن مجموعة من الطرق المترابطة تسلكها السفن والقوافل، بهدف التجارة وترجع تسميته إلى عام 1877م، حيث كان يربط بين الصين والجزء الجنوبي والغربي لآسيا الوسطى والهند.

 


 

◄ قصة اكتشاف الحرير

يعود اكتشاف الحرير للعام2700 ق.م عندما حاول الإمبراطور الصيني «هو أنجدي» معرفة سبب تلف أشجار التوت الخاصة به في حديقته، فاكتشفت زوجته وجود ديدان بيضاء تقوم بأكل أوراق التوت وتغزل شرانق لامعة.


ثم قامت الزوجة بإسقاط الشرنقة في الماء الساخن المُعد للشاي صدفة ثم قامت باللعب بالشرنقة عندما كانت في الماء فلاحظت خيوطا رفيعة تتشابك وتتفكك من الشرنقة فبدأت بسحب الخيط من الشرنقة.


وهكذا كانت بداية اكتشاف الحرير عندما أقنعت الإمبراطورة «زيلتش» زوجها بمنحها مجموعة من أشجار هذه الفاكهة حيث يمكنها تربية الآلاف من ديدان الحرير التي تنتج تلك الشرانق الجميلة، ثم قامت بعد ذلك بابتكار بكرات الحرير التي تجمع هذه الخيوط معا لتنتج خيطا سميكا وقويا حتى تمكنت من نسجها، وفي حوالي العام 1000 قبل الميلاد عرفت الصين صناعة الحرير قبل أي دولة أخرى.


◄ تاريخ طريق الحرير


ويقول «عبد البصير»، إ، «طريق الحرير» هو ممر التجارة الذي استخدمته الصين من أجل زيادة تبادلها التجاري مع بلدان جنوب آسيا وغرب آسيا وأوروبا وشمال أفريقيا، ويُسمى بذلك الاسم بسبب نقل كميات كبيرة من الحرير والمنسوجات الحريرية الصينية إلى الغرب عبر هذا الطريق.


وأضاف «عبد البصير»، أن طريق الحرير يمتد بين المراكز التجارية في شمال الصين، ويسير في طريقين..أحدهما شمالي والآخر جنوبي، ويمر الفرع الشمالي من بلغار- كيبتشاك ويعبر شرق أوروبا وشبه جزيرة القرم ويصل إلى البحر الأسود وبحر مرمرة والبلقان، وينتهي بالبندقية، بينما يمر الفرع الجنوبي من تركستان وخراسان مرورًا ببلاد النهرين والأناضول وسوريا وإلى أنطاكية إلى البحر الأبيض المتوسط أو عبر دمشق وبلاد الشام إلى مصر وشمال أفريقيا.


وأطلق الجغرافي الألماني فرديناند فون ريتشهوفن عليه اسم «طريق الحرير» فى عام 1877، وساهم طريق الحرير فى ازدهار الكثير من الحضارات، مثل الحضارة الصينية والحضارة المصرية والحضارة الهندية والحضارة الرومانية وحضارات شبه الجزيرة العربية، وكانت مصر من بين المناطق الأكثر الأهمية على مسار الطريق.


وترجع أهمية هذا الطريق إلى أن الحضارة الصينية أبدعت صناعة الحرير، وكانت صناعة الحرير الصينية متميزة للغاية، وبلغت الذروة مع أسرة تانج ومن بعدها أسرة مينج.


وكان الجميع يتنافس على الحصول على الحرير الصيني عالي الجودة بأي مقابل، وبدأ الحرير الصيني ينتشر في العالم، ومعه بضائع أخرى، فخرجت هذه البضائع من الصين وجنوب شرق آسيا إلى أواسط آسيا وشمال أفريقيا ووسط أوروبا في مسارات تجارية وحضارية محددة.


وهكذا، كانت القوافل والسفن تتجه من الشرق إلى الغرب، رابطة العالم ببعضه البعض، وساهم هذا الطريق في ازدهار العديد من البلدان والمدن التي كانت تقع على مساره.


وانتظمت تجارة الحرير على هذا الطريق قبل ميلاد السيد المسيح عليه السلام، وظلت منتظمة لآلاف السنين، والجميل أن طريق الحرير كان مسارًا ثقافيًا وحضاريًا واجتماعيًا له عظيم الأثر على المناطق التي يمر بها، ولم تكن التجارة أو الاقتصاد فقط هو ما يتم نقله عبر طريق الحرير، وإنما كذلك الديانات، فعرفت آسيا الإسلام وعرف العالم البوذية، وانتقل عبره البارود، مما أدى إلى زيادة الحروب والصراعات بين الأمم والشعوب.


وانتقل الورق عبره، مما أدى إلى تحقيق إنجاز حضاري كبير، ساهم بشكل كبير فى تقدم البشرية وحفظ ذاكرة الإنسانية من الضياع.


وبقى هذا الطريق البرى مستخدمًا إلى القرن السادس عشر، ثم اندثرت معالم طريق الحرير البرى رويدًا رويدًا، وصارت البضائع والمعارف الإنسانية تأخذ مسارات بحرية منتظمة، من جنوب آسيا عبر المحيط الهندي، ثم عبر البحر الأحمر عبر القوافل البرية من خليج السويس، ثم إلى المراكب في دمياط إلى شمال أفريقيا.


وينهي «عبد البصير» بقوله: طريق الحرير هو طريق الحضارة والحوار بين الشرق والغرب، ولعل إحياء مسار طريق الحرير بين مصر والصين هو إحياء لقيم حضارية واقتصادية وإنسانية عظيمة، يجب أن نحافظ عليها دائمًا وأبدًا.