حكايات| «سيرك» الدرب الأحمر.. اللعب على الحبل يهزم التسرب من التعليم 

أنشطة العاب السيرك والعزفي في الجنينة
أنشطة العاب السيرك والعزفي في الجنينة

حالة من الشغف الخاص صنعها مؤسسو مسرح «الجنينة» بين أطفال الدرب الأحمر، الذين تركوا الورش وتعلقت قلوبهم بالسير على الحبل من ناحية وعزف الأكورديون من ناحية أخرى.

 

داخل إحدى حارات منطقة الدرب الأحمر القديمة، باب صغير هو مدخل «الجنينة»، وما إن تدخل من هذا الباب سيفاجئك الأطفال بحركات بهلوانية يقفزون في الهواء ويرقصون على الحبال في ساحة واسعة اتخذها القائمون على مسرح الجنينة، لتأسيس مدرسة للأنشطة الفنية المتنوعة لأطفال الدرب، بعد أن كانوا يتسلقون سور المسرح لمشاهدة العروض والحفلات الموسيقية التي كانت تجذبهم.

 

«مدرسة السيرك»

 

مدرسة الدرب الأحمر أو مدرسة السيرك كما يصفها الأهالي للغرباء عن المنطقة، تحتضن مائة طالب في السنة بالمجان، يتدربون على فنون السيرك والرقص المعاصر، بالإضافة إلى دراسة الموسيقى كالإيقاع، والآلات النفخية «نحاسية وخشبية» وأكورديون، على أيدي مدربين متخصصين.

 

اقرأ حكاية أخرى: القاهرة التاريخية تمتلئ بها.. كيف تحولت الأحجار الفرعونية لمساجد؟
 

العروض تُحمس الأهالي  

 

تعجب الأهالي من الفكرة في البداية، ومنهم من لم يكن متحمسا أو مهتما، لكن تلك النظرة تغيرت بعد حضور العروض التي نظمتها المدرسة ومشاهدة قدرات أبنائهم وبناتهم والمهارات التي اكتسبوها، بالإضافة إلى تغيير سلوكياتهم وزيادة ثقتهم في أنفسهم.


يتوجه الأطفال إلى مدرسة السيرك بعد الانتهاء من يومهم الدراسي، حيث تشترط المدرسة ألا يكون الطالب متسربا من التعليم، وذلك لتشجيعهم على ممارسة النشاط أو الهواية بجانب التعليم الأساسي، وتهتم المدرسة أيضا بالعادات الصحية والغذائية، فتقدم للأطفال وجبة العسل والبلح التي تمدهم بالطاقة ليتمكنوا من ممارسة الأنشطة المختلفة.

 

اليوم يتسابق الأطفال للذهاب إلى المدرسة بعد أن تركوا الورش والمقاهي التي كانوا يترددون عليها، فألعاب السيرك والعزف أصبحت محفزا كبيرا على الالتزام بالدراسة، في تعليم تكاملي قلما تجده في مصر بالأحياء الشعبية.

«الجنينة» البيت الثاني

 

«أنا لما أكبر هبقى لاعب سيرك كبير وممثل كمان»، صرح لنا الطفل بلال مصطفى بهذا الأمنية، مضيفا إنه رغم استيقاظه المبكر والإرهاق الذي يلاقيه في المدرسة يواظب على تمرينات «الجنينة» لأنه يحبها .

 

بينما يقول صبري عادل 19 عاما "المدرسة دي بيتي التاني، وحبيت الدرامز وفهمته أكتر لما المدربين شرحولي أصلها وازاي بيلعبوه برة مصر"

 

وتستقبل المدرسة الأطفال من سن 8 سنوات، وهي قاصرة على أطفال «الدرب الأحمر» فقط، وتخصص حصصا لتدريس الكمبيوتر واللغة الإنجليزية أيضا.

 

 

اقرأ حكاية أخرى: «بكرسي متحرك وجناحين».. أسامة كمشاد يحلق بجوار قمة خوفو

طرح «الجنينة»

 

وتقول مي مصطفى المسئولة عن المدرسة، إنها تعمل على تنمية مهارات غير متوفرة بمدارس الأطفال، حيث أن الكثير من المدارس تُهمل حصص الفنون كالألعاب والرسم والموسيقى لصالح حصص أخرى، لذلك فإن هدف المدرسة تخريج جيل من الشباب الفنانين لديهم معرفة موسيقية ومهارات إبداعية، وخبرة في الحياة، كما أنهم يعملون على تطوير سلوكياتهم وفتح آفاق مختلفة للعمل من خلال الفنون، لتغيير الفكر السائد بأن الطالب المتعلم يتخرج ليصبح مهندس أو صيدلي أو طبيب فقط.

 


 

وتضيف «مي» بأن هناك الكثير من الطلاب استفادوا من المدرسة في استكمال مسيرتهم الدراسية والمهنية، فمنهم من التحق بمعهد الباليه بعد تخرجه، وكلية التربية الموسيقية والتربية الرياضية و معهد الفنون المسرحية، بالإضافة إلى أحد الطلاب الذي بدأ مهنته كمدرب لياقة بدنية، وأخرى بدأت التمثيل على بعض مسارح مصر.

 

اقرأ حكاية أخرى: في النوبة.. ركوب الأمواج «أكل عيش مش لعب عيال»

 

سافر الأطفال إلى انجلترا لتقديم عروضهم الفنية، وتعرفوا على إحدى الفرق الإنجليزية التي عادت معهم إلى مصر وشاركتهم أحد العروض على مسرح الجنينة.

 

وتوضح مي أن المدرسة مشروع خدمي تنموي لأطفال «الدرب الأحمر»، وتهدف إلى تشجيع المستثمرين لتأسيس مثل تلك المدارس الفنية في مناطق مصر المختلفة وخاصة المناطق الشعبية.