حكايات| فييرا يعود للدراويش.. رحلة «أبو ياسين» البرازيلي مع الإسلام عبر المستطيل الأخضر

فييرا يعود لقيادة الدراويش
فييرا يعود لقيادة الدراويش

قد يأخذك الحنين إلى الأماكن التي اعتدت عليها في مراحل مبكرة من حياتك، مهما تعاقبت السنوات، يظل لها وقعًا مختلفًا في قلبك، وخصوصًا مع التحولات الحياتية التي تترك دائمًا علامة في مشوارك، وهذا ما حدث مع البرازيلي جورفان فييرا «أبو ياسين» الذي عاد إلى مصر وتحديدًا إلى الإسماعيلية بعد غياب 20 سنة.
 

ولد جورفان فييرا في 29 سبتمبر من العام 1953 بأحد الأحياء الفقيرة للعاصمة البرازيلية ريو دي جانيرو، ودرس الطب الرياضي لمدة 3 سنوات قبل أن ببدأ ممارسة كرة القدم بشكل احترافي لاعبًا ضمن صفوف فاسكو دي جاما موسم 1970/71، وانتقل منه إلى بوتافوجو ثم بورتيجيزي ليختتم مسيرة اللعب في 9 سنوات فقط.


بدأت فصول حكاية أبو ياسين في العام 1980 عندما تحوّل إلى التدريب وتولى القيادة الفنية لنادي قطر القطري، ومنه إلى المنتخب العماني الأوليمبي، قبل أن ينتقل إلى حيث أخذه قلبه وتحديدًا العاصمة المغربية الرباط في العام 1983 ليتولى القيادة الفنية للجيش الملكي المغربي.


المهدي ويوسف

 

تعلق قلب فييرا بالمغرب فدرب الجيش الملكي ثم الوداد البيضاوي وكذلك الاتحاد في كازابلانكا، واتحاد طنجة، حتى وقع اختيار مواطنه جوزيه فاريا، المدير الفني لمنتخب المغرب حينها عليه، ليعاونه في مهمة تدريب أسود الأطلس بنهائيات كأس العالم 1986، ونجح الثنائي البرازيلي في تحقيق الإنجاز بالصعود للمرة الأولى بمنتخب عربي للدور الثاني في المونديال.


 

ذكر فاريا أنه في وقت سابق وأثناء عمله في الدوري القطري، رفض مبلغًا كبيرًا من المال من أحد الأمراء هناك ليعتنق الديانة الإسلامية، ولكنه حينما قرأ وأحب هذا الدين في المغرب تزوج من مغربية تدعى سعيدة، واعتنق الإسلام عن اقتناع وليس من أجل أموال، واختار لنفسه اسم المهدي.

 

وكان للمغرب تأثيرها الكبير على فييرا أيضًا، فتزوج من مغربية في العام 1992 واعتنق الدين الإسلامي واختار لنفسه اسم يوسف، ثم أنجب نجله الأكبر ياسين ليشتهر باسم «أبو ياسين».

 

فييرا يحكي قصة إسلامه

 

يحكى فييرا هذه القصة المثيرة لصحيفة «جارديان» البريطانية ويقول: «جئت للعمل في المنطقة العربية في عام 1978 ووقتها كان عمري حوالي 25 عاما، ولم أكن أعتنق أي ديانة، وكنت أندهش كثيرا لما أراه من عادات للمسلمين كالصلاة والصيام وغيرها من الأمور الأخرى، ووقتها تبادر لذهني سؤال واحد ماذا يفعل هؤلاء البشر؟ وخطوة تلو الأخرى وبسبب شعور خفي جهرت بسؤالي لمن حولي لكن ما أدهشني هي تلك الروح الجميلة التي وجدتها من هؤلاء البشر في الإجابة على أسئلتي بمنتهى الفرحة والرغبة العارمة في المساعدة دائما». 

 

ويضيف: «استمر السؤال عابرا لأربع سنوات حتى عام 1982 عندما كنت مع المنتخب العُماني في معسكر بمنطقة بيت الفلج وتزامن المعسكر مع شهر رمضان، وكنت أرى اللاعبين صائمين حتى وقت التدريبات الشيء الذي دفعني لضرورة احترام هذه الرغبة وعدم تناول وجباتي الغذائية بشكل علني، وكنت عندما أحب أن أتناول أي شيء أذهب إلى غرفتي حتى لا أجرح مشاعرهم، ومن وقتها بدأت قوة خفية تجذبني نحو هذه الديانة، وقررت أن أتعمق بشكل أكثر من خلال القراءة عن الإسلام وقراءة القرآن والأحاديث الشريفة باللغة الإنجليزية، وسؤال المتخصصين حتى أتعرف على كل كبيرة وصغيرة عن هذا الدين الذي جذبني دون أن أشعر».  

 

ويتابع فييرا: «استمر البحث جاريا لمدة ثماني سنوات طفت خلالها بلدانا كثيرة، وتعرفت على ثقافات مختلفة داخل الوطن العربي، حتى جاءت اللحظة الحاسمة في عام 1990 وكنت وقتها مدربا بنادي الوداد البيضاوي المغربي، وشعرت أن اللحظة قد حانت لإعلان القرار الذي شعرت وقتها أنه سيكون سبب سعادتي وبالفعل أعلنت اعتناقي الإسلام في هذا العام، وبعدها تغيرت حياتي بشكل تام، من منتهى الحزن إلى قمة السعادة ومن بالغ الحيرة إلى راحة بال لم أشعر بها منذ خرجت لهذه الدنيا».

 

وأكد أبو ياسين أن إعلانه الإسلام غير حياته تماما، وجعله ينظر للدنيا بشكل مختلف، وبالفعل بدأ في بناء أسرة، إلى ذلك، يقول " تعرفت على زوجتي الحالية في المغرب وتزوجنا في عام 1992 وأنجبنا ولدي ياسين الذي سعدت كثيرا كونه جاء للدنيا مسلما دون يعاني ما عانيته". 

 

رحلة عربية مرورًا بالإسماعيلية

 

رحل أبو ياسين عن المغرب في 1990 ليقود منتخب الكويت الأولمبي قبل أن يتولى تدريب القادسية ثم يزور مصر للمرة الأولى في 1999 ليتولى القيادة الفنية للنادي الإسماعيلي لأربعة أشهر فقط، ورحل بعدها ليواصل رحلته العربية بالعودة لتدريب منتخب عمان الأولمبي، ومنه إلى منتخب ماليزيا للشباب.

 

وعاد المدرب البرازيلي إلى المنطقة العربية بالعمل مع النصر العماني، وشد رحاله بعد ذلك إلى محطة جديدة مع الطائي السعودي، قبل أن يأتي العام 2007 الذي شهد الإنجاز الأكبر في تاريخ أبو ياسين بمغامرة تولي تدريب منتخب العراق قبل نهائيات كأس الأمم الآسيوية.


 

وتوج أبو ياسين مع العراق بالبطولة متحديًا ويلات الاحتلال الأمريكي، مع جيل تاريخي أبرز نجومه نور صبري حارس المرمى، ونشأت أكرم مايسترو الكرة العراقية، ويونس محمود، وهوار ملا محمد، وغيرهم من النجوم.

وبعد رحلة قصيرة مع سبهان أصفهان الإيراني عاد أبو ياسين مجددًا لتدريب العراق، قبل أن يغير وجهته ويستقر في الإمارات بتدريب اتحاد كلباء في الموسم 2010/11.


 

وبين عامي 2010 و2012 تولى أبو ياسين تدريب 3 من أندية الإمارات هي اتحاد كلباء والشارقة وبني ياس، قبل أن يعود إلى مصر بتدريب نادي الزمالك في 2012/13، ولكن الخلافات مع رئيس النادي مرتضى منصور أجبرته على الرحيل لتولي تدريب منتخب الكويت، وعاد بعد ذلك إلى مصر مع نادي سموحة ليرحل رغم تصدره للدوري بسبب خلافات مع محمد فرج عامر، رئيس النادي السكندري بعد 4 أسابيع فقط.


 

الحنين إلى الإسماعيلية

 

عاد أبو ياسين إلى الإسماعيلي مديرًا فنيًا للإسماعيلي بعد 20 عامًا من المهمة الأولى مع الدراويش والتي لم تكتمل بعد خوضه 9 مباريات فقط في دوري الموسم 1999/2000، وخلفه محسن صالح الذي حقق الإنجازات الكبرى بالتتويج بالدوري والكأس والوصول لنهائي البطولة الإفريقية.

عاد أبو ياسين الذي رحل عن الإسماعيلي قبل 20 عامًا، في عهد إسماعيل عثمان، رئيس النادي آنذاك، ليجد الشقيق الأصغر إبراهيم عثمان رئيسًا للنادي، بعد أن كان مشرفًا على الكرة في حقبته الأولى بمصر.

 

ويبحث أبو ياسين عن استعادة الأمجاد للإسماعيلي رغم الظروف الصعبة التي يمر بها الفريق في الفترة الحالية، حاملاً طموحات جماهير الدراويش، بعد أن حمل جنسيات 4 دول هي البرازيل والبرتغال والمغرب والعراق.