حكايات| مازن حمزة.. «مُعاق طائر» بين السما والأرض

حكايات| مازن حمزة.. «مُعاق طائر» بين السما والأرض
حكايات| مازن حمزة.. «مُعاق طائر» بين السما والأرض

حزمت الأسرة حقائبها وشدت الرحال تجاه العراق، بحثًا عن الرزق وتحسين ظروف الأبناء، إلا أن الرحلة لم تأت بما اشتهت سفن أسرة «مازن حمزة»، ليسقط الطفل المصري معاقًا في بلاد الرافدين.

 

يستعيد «مازن» شريط ذكرياته، حين ولد في العراق ليحصل على «تطعيم فاسد»، دفع ثمنه غاليًا؛ إذ انضم إلى قوائم المصابين بمرض شلل الأطفال، ومصاب بإعاقة في قضية مشهورة بالعراق.
 


 ضحكة من القلب

 

بوجه لا تفارقه الضحكة «الحلوة»، يتمسك «مازن» بتلابيب كلمة «تحدي»، فمن وحي المعانة في الصغر تولد الإنجازات في الكبر.

 

 

«على عكس الأسر المصرية، بدأت أسرتي الاهتمام بي، لم يضعوني في الإطار التقليدي الذي يتبعه معظم المصريين مع أبنائهم المعاقين، أهلي ما حاولوش يخبوني ولا خافوا علي أكتر من اللازم، أهلي منحوني مساحة كبيرة جدا للتحرك وممارسة الرياضة».. بوجهه الضاحك تحدث الشاب مازن بثقة عن بداية مشواره مع المغامرات.

 

اقرأ حكاية أخرى| «بكرسي متحرك وجناحين».. أسامة كمشاد يحلق بجوار قمة خوفو

 

حين لامس عمر «مازن» الخامسة، أنهمك في إخراج شحنة الألم في رياضة السباحة ولاحقها برفع الأثقال، ولم يكتف بذلك بل بدأ في لعب كرة قدم أيضًا مع أصدقائه.. «كنت شقي زي أي طفل، ومع هذه المساحة أصبحت أفوق أشخاص أصحاء، الآن أن سبب تكريم أسرتي كثيرًا».

 

 

بين «خوفو والإعلام»

 

ورغم أن «مازن» لا يزال يدرس في كلية الإعلام إلا أن عشقه للرياضة لم يتوقف يومًا، صحيح أن إيمانه الدائم هو «قمة النجاح هي قمة العلم»، غير أن اهتمامه بالتسلق ظل أقرب رفيق له.

 

رحلة الشاب مازن بدأت مع التسلق في عام 2011 بهرم خوفو؛ حيث وصل إلى ارتفاع 80 مترًا، حينها وجد نظرة غير عادية من قبل الناس في مصر، إذ تقبلوا الأمر بشكل مختلف لمصري معاق.

 

ولحسن حظ الشاب لعبت الرياضة دورًا غير مباشر مع حلم التسلق.. يقول «مازن»: «بعد ما نزلت بدأ يكون هناك اهتمام بما فعلته، وهو ما دفعني لاستمر وبعدها فكرت في صعود جبل، ومصر بها جبال كثيرة؛ لذلك صعدت قمة جبل موسى، وسجلت هناك كأول مصري متحدي إعاقة يصعد الجبل».

 

من «موسى» إلى العالمية

 

مشوار الألف ميل، لم تتوقف عجلاته عند محطة تسجيل مازن كأول مصري يصعد هرم خوفو أو جبل موسى، إذ قدم بعد ذلك في مسابقة عالمية تنفذها شركة عالمية فكرتها هي أن تحلم والشركة تنفذ حلم 10 أشخاص على مستوى العالم».

 

اقرأ حكاية أخرى| علي الغندور.. أستاذ جامعي «كفيف» بعيون تكنولوجية

 

وبالفعل دخل مازن تصفيات للنيل حلم صعود جبال الألب، حيث نافس 5 مصريين، قبل أن ينجح ويصبح ضمن قائمة الـ 10 الذين سيتم تنفيذ أحلامهم بعد أن حقق رقم كبير في عدد التصويت.

 

 

بالتزامن مع هذا الإنجاز، نال مازن تكريمًا خاصًا في كوريا الجنوبية، عام 2014؛ حيث حصل على جائزة الأقوى والأجرأ في العمل المجتمعي بالشرق الأوسط، ليذهب بعدها إلى جبال الألب عام 2015 ويحقق حلمه، وكان نقطة تحول في حياته، وبدأ وجود اهتمام إعلامي أكبر به، وتحديدًا في بمصر.

 

وهنا يتحدث «مازن» عن هذه التكريمات، قائلا: «إحساسي كان مختلف إن كل يوم بطور نفسي وبوصل لنقطة أكبر وشعرت بالقوة والإرادة ومن الصعب وصف الشعور»، بل وزادت الرغبة لديه لإثبات أن الإعاقة ليست في الجسد بل في الفكر.

 

«التوبقال».. الحلم مغربي

 

بعد ذلك في 2016، ذهب مازن إلى المغرب لتسلق جبال التوبقال، وهي أعلى قمم سلسلة جبال الأطلس، بدعم شخصي من العائلة، إذ كانت الجبال خطرة، وسجل ارتفاع 3755 مترًا، والمفاجأة أن «كواليس رحلة المغرب تضمنت سيره طوال 4 أيام في الجبل».

 

اقرأ حكاية أخرى| قرية العميان.. آفة بلدتنا «الزواج»

 

بعد الإنجاز المغربي، عاد الشاب المصري إلى المحروسة، ليأخذ عدد من الأطفال ذوي الإعاقة ويصعد بهم إلى قمة جبل موسى، بعد تقدمه بطلب لهيئة تنشيط السياحة ومحافظ جنوب سيناء، ثم واصل رحلة المغامرات بالغطس في شرم الشيخ. 

وفي ديسمبر 2017، صعد مازن أعلى قمة في مصر والتي تعد من أخطر الأماكن التي يمكن تسلقها، وهي قمة جبل سانت كاترين، مضيفًا: «حاليا قررت ممارسة رياضة جديدة اسمها البارمتور برعاية نادي الطيران المصري، والآن أخضع للتمرن لأن أكون أول طيار باموتور مصري وعربي من ذوي القدرات الخاصة، في التدريب أشعر بمتعة ثانية الجميع مهتم بي وهناك حرص أن أكون في أمان».

 

السقوط للشجعان 

 

قمة معرفة قدرات الذات، جسدها مازن في حديثه: «ممكن أسقط لكن أنا شجاع، لم أخف والمسألة ليست مسألة خوف أريد أن أكثر الحاجز عن معظم المعاقين في مصر ومن أجل كسر ذلك يجب أن أظهر لهم أن هناك شخص فعل ذلك، وهذا ليس تضحية مني للمجتمع، لكن هي رسالة للمجتمع من يتخيل أن أحد المعاقين يمارس رياضة مثل هذه».

 

الآن بدأ مازن في التمرين حتى موعد بطولة البارمتور لتحقيق عدد ساعات معينة، لتصبح أول تجربة طيران له في بطولة العالم القادمة التي تقام في مصر، أكتوبر المقبل بمحافظة الفيوم، وأول طيار مصري عربي من ذو القدرات الخاصة يقوم بذلك».

 

 

اقرأ حكاية أخرى| أزياء بلغة الإشارة.. «إسراء» أول مدربة بالمجال للصم والبكم

 

كل ذلك، ولا يزال حلم مازن نحو تأسيس مؤسسة مجتمعية لدعم وتنمية مواهب الأشخاص ذو القدرات الخاصة، مستمرًا، عبر دعم الناجحين ومتابعتهم باسمرار، ليصبح في مصر عدد كبير من المعاقين الذين يمارسوا الرياضيات الجوية المختلفة ويمثلوا مصر دوليا ويكونوا شرف لمصر.