«نورة بنت عبد الرحمن».. ملهمة بن سلمان لتحرير السعوديات من قيود التشدد

الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن
الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن

حين انتفض ولي العهد السعودي محمد بن سلمان في وجع التطرف والأفكار المتشددة والتكفيرية، لم تكن انتفاضته تلك من فراغ أو رغبة منه في تغيير أو طمس هوية بلاده، بل جاءت تصحيحا للأوضاع وإحقاقا للحق وإعادة المرأة لمكانتها كإنسانة غير ناقصة، لها دورها في المجتمع، دورا رائد ومساند وملهم في كثير من الأحيان.

لم تكن الأفكار الإصلاحية لبن سلمان جديدة أو مغايرة لواقع عاشته المملكة قبل سنوات طويلة، فبالبحث في تاريخ السعودية وجدت العديد من النماذج النسائية اللاتي كن رائدات يفتخر بهن الزوج والأخ والأب، متعلمات في زمن لم يكن التعليم متاحا للجميع، متقدمات ذوات شخصيات قوية لا تعرف طريقا لليأس أو الفشل.

«متى نستعيد تمور الأحساء؟»..

وجهت الأميرة نورة بنت عبد الرحمن هذا التساؤل لأخيها مؤسس الدولة الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن، فالأخت التي كانت تكبر أخيها بعام لم تكن بالنسبة له مجرد أخت، بل كان الداعم والمحمس والمساند لفكرة التوحيد..كانت أول من حظيت بلقب «السيدة الأولى» في المملكة، كاتمة أسرار أخيها، امرأة القصر التي حظيت بشعبية واحترام جارفين حيث وصفتها فيوليت ديكسون زوجة الكولونيل هارولد ديكسون المعتمد السياسي البريطاني في الكويت بأنها من أكثر النساء اللاتي قابلتهن جاذبيةً ومرحاً، وأنها كذلك من أهم الشخصيات في الجزيرة العربية.

في إحدى الأيام وبينما كانت الأميرة نورة بأن الملك عبد العزيز دخل يوماً على أخته وهي تأكل تمراً، فناولته حبة تمر وقالت: «متى نستعيد تمور الأحساء؟» وكانت حينها تحت الحكم العثماني، فنفض الملك عبد العزيز يده، وكأن هذه العبارة زادت من حماسته وعزمه على المضي في طريق المجد وتوحيد مملكته.

«لا تندب حظك إن خابت الأولى والثانية فسوف تظفر في الثالثة ابحث عن أسباب فشلك فالرجال لم يخلقوا للراحة»

كانت الأميرة نورة بعد سنوات من استقرار الأسرة في الكويت عاملاً مهماً في شحذ همة أخيها عبد العزيز في السعي نحو استعادة مُلك آبائه، فوفقاً للمعلومات كانت هي التي حثته على تكرار المحاولة لاستعادة الرياض بعد أن أخفق في المرة الأولى، فأخذت تقوي من عزيمته وإرادته، وعندما عزم على الخروج من الكويت بصحبه لاستعادة الرياض، بكت والدته بكاء حاراً، غير أن نورة شجعته، ودخلت عليه قائلة: «لا تندب حظك، إن خابت الأولى والثانية فسوف تظفر في الثالثة، ابحث عن أسباب فشلك، فالرجال لم يخلقوا للراحة"، وهو الأمر الذي انتهى إلى نجاح عبد العزيز ذلك النجاح المعروف تاريخيا».

مساعدة الفقراء والأيتام واستقبال الزائرات..أبرز مهام «السيدة الأولى»

وكلت للأميرة نورة العديد من المهام التي أدتها جميعها على أكمل وجه، فبالإضافة لكونها كانت كاتمة أسرار أخيها ومستشارته في كثير من الأحيان، أشرفت كذلك على تسيير أمور نساء العائلة، كما جنبت أخاها مشاكل وشؤون القصر الداخلية لتنهي كافة المشكلات.

كانت تستقبل زائرات الرياض من الأجنبيات، وتأذن لهن بزيارة ورؤية معالم معينة فيها.

كانت تولي اهتمام كبير بتنمية قدرات الأطفال وتوسيع مداركهم العلمية، وتحفيزهم على التعلم، ويبدو ذلك من اهتمامها بالأطفال الذين يختمون القرآن إذ كانت تكافئهم على فعلهم، وقد أدرك الملك عبدالعزيز في أخته هذه الصفة التي تضاف إليها وهي العطف على الأيتام ورعايتهم، ومحاولة تعويضهم عن أمهاتهم، ومن هنا فقد كان يعهد إليها بهذه المهمة كذلك عرف عنها الكرم، إذ كانت تجد اللذة الكبيرة في إنفاق ما تملك.

امتلكت الأميرة نورة بعض مزارع في الأحساء، كان بها الكثير من البقر والغنم، وكان ما في المزارع من تمور، وألبان، وخضراوات يذهب إلى مستحقيه من الفقراء.

متى ولدت ومن تزوجت ومتى توفيت؟

ولدت الأميرة نورة عام 1875 بمدينة الرياض، تعلمت القراءة والكتابة في عصر كان من النادر فيه وجود المتعلمات من النساء لتضيف إلى شخصيتها القوية والدبلوماسية قدرا من العلم والثقافة.

تزوجت عام 1904م من الأمير سعود بن عبد العزيز بن سعود بن فيصل بن تركي الملقب بـ «سعود الكبير» وأنجبت منه الأمير محمد بن سعود الكبير الملقب بـ«شقران»، كما أنجبت الأميرة حصة والأميرة الجوهرة التي تزوج بها الملك فيصل.

توفيت الأميرة نورة عن عمر يناهز الـ77 في عام 1950 بعد أن أصابها مرض لم يتمكن  الأطباء من تشخيصه، وظلت تصارعه عاماً حتى وفاتها ليتم دفنها بمقبرة العود بالرياض.

تكريما لها، تنازل الملك عبد الله بن عبد العزيز عن إطلاق اسمه على جامعة البنات بالرياض، حيث فضّل أن يطلق اسم الأميرة نورة بنت عبد الرحمن على الجامعة بعد لحظات من الإعلان عن إطلاق اسمه عليها.