حكايات| «مولوسيا».. أصغر دولة بالعالم تعدادها 32 نسمة وتهدد ألمانيا وأمريكا

بوابة الدخول لدولة مولوسيا
بوابة الدخول لدولة مولوسيا

في أعماق كل شخص وطن خاص من الخيال يعيش فيه، وهناك من يحلم بتحويل هذا الحلم إلى وطن حقيقي على الأرض، ليكون له حياة يتفرد بها عن الجميع، ينتمي إليه بحكم أنه المؤسس الأول، ويجري من روحه مجرى الدم، يزقزق به كأنشودة جميلة، يلتحف به حين تضيق به كل الأوطان.


والأمم تحيا أو تموت، وتعلو أو تسفل وتسعد أو تشقى بقياس من فيها من النوابغ.. والدولة برجالها والأمة بآحادها، والتاريخ كله أدلة قاطعة تثبت هذه النظرية، فقد أنشأ الإسكندر المقدوني الدولة اليونانية، وشارلمان الدولة الفرنسية، وبطرس الكبير الدولة الروسية، وغاريبالدي ورفقاؤه الدولة الإيطالية، وقس على ذلك مئات الشواهد في كل العصور.

 

 

اقرأ حكاية أخرى| نساؤها يقطعن أصابعهن حزنًا.. «داني» قبيلة «تقديس» الموتى

 

أصغر جيش في العالم

 

كيفين بوهو، رجل استطاع أن ينشأ وطنه الخاص، وهو بعمر الـ 15 عاما، ومنذ عام 1977 واظب بوهو العمل على ذلك، وتمكن من تدشين جمهورية مولوسيا، التي تعد أصغر جمهورية في العالم، حيث أن عدد سكانها يبلغ حوالي الـ 32 شخصا، كما أن عدد أفراد جيشها حوالي 5 مجندين، وتقدر مساحتها بحوالي 2.5 هكتار، ولها علم وحكومة، كما لا يمكنك دخولها إلا بتأشيرتها الخاصة والتي تختم من رئيس الجمهورية نفسه.

 

 

 

جمهورية مولوسيا تقع في الولايات المتحدة، وغير معترف بها دوليا، لكن رئيسها بوهو لا يكترث بذلك ويصر على الاستمرار في عيش حلمه، كما أنه وضع شارة للفصل بين حدود بلده وحدود الولايات المتحدة، بالإضافة إلى أنه يدفع

ضرائب للولايات المتحدة، لكنه يسميها مساعدات خارجية يدفعها لمساندة أمريكا..

 

«فالورا»، تُعد العملة الخاصة بجمهورية مولوسيا، ولغتها الثانية تسمى «إسبرانتو» بالإضافة إلى اللغة الإنجليزية، وموظفي تلك الجمهورية أغلبهم عبارة عن دمى لا تشكو ولا تدخل في إضرابات، بحسب تعبير الرئيس الذي يشغل مناصب أخرى  بجانب رئاسته للجمهورية، حيث أنه يقوم بتيسير أمور مكتب البريد والبنك وبرنامج الفضاء التابعين للجمهورية.

 

اقرأ حكاية أخرى| عرب على «تيتانيك».. مصري هدم أكذوبة «الفيلم» ولبنانيون قتلوا بالرصاص

الرئيس الدكتاتور

 

الولايات المتحدة الأمريكية، لم تعترف بهذه الجمهورية التي لعبور حدودها لابد أن يتم ختم جواز السفر من محطة خاصة، والذي يختم جواز السفر هو الرئيس نفسه، ورئيسها يحب أن يظهر بمظهر الدكتاتور فيرتدي لباسه العسكري والنظارات الكبيرة ويمتلك نظرة حادة، وأصدر قوانين صارمة للحفاظ على البيئة، حيث قام بحظر المصابيح المتوهجة في يناير2009، ومنع أكياس التسوق البلاستيكية، وبدأ برنامج إعادة التدوير الشامل، ويدعي أنه يملك 49,881 ميلا مربعا على كوكب الزهرة ونقطة في المحيط الهادي، ووسائل الدفاع التي يملكها جيش تلك الجمهورية المتناهية الصغر عبارة عن مدفعيات قديمة تطلق الصخور وهي في حديقة منزل الرئيس.

 

 

اقرأ حكاية أخرى| «جسر الموت».. كل موضع قدم «مُدمن»

 

 

يوم الإمبراطورية

 

تحتفل جمهورية مولوسيا بيوم الإمبراطورية الذي يصادف 8 يناير من كل عام، كما تحتفل بيوم «جاكي» وهو أول كلب تمت ولادته على أرض الجمهورية في 4 فبراير، كما تحتفل بـ«يوم مير» في 23 مارس، وهو يوم سقوط سفينة الفضاء الروسية على الأرض، كما تحتفل بعيد الاستقلال الذي يوافق 4 مايو من كل عام إضافة إلى الاحتفال بـ«عيد الرئيس”» في 30 يوليو من كل عام.

 

جمهورية الدمى

 

رئيس مولوسيا الديكتاتور كيفن بوهو، يقول: «نحب أن نركز على الأمور المختلفة والمميّزة في مولوسيا.. أنا فخور للغاية ببرنامجنا الفضائي.. تملك مولوسيا عملتها الخاصة التي تدعى فولورا بلغة إسبيرانتو التي تعتبر اللغة الثانية في مولوسيا.. لدينا معايير القياسات الخاصة بنا.. وعدد سكاننا الإجمالي هو اثنين وثلاثين شخصا.. ولدينا أيضا منطقتنا الزمنية الخاصة بنا.. معظم الجنود السابقين في مولوسيا هم دمى.. لأنهم لا يتذمرون كثيرا ومن الأرخص تواجدهم هكذا.. الجميع يحب هذا الأسلوب».

 

وتابع رئيس مولوسيا: «إنها مجموعة رائعة من أشخاص مبدعين قرروا تأسيس دولهم الخاصة، أسست جمهورية مولوسيا عام ألف وتسعمائة وسبعة وسبعين، عندما كنت بعمر خمسة عشر عاما وبقيت الفكرة معي طوال هذه السنين».

 

واستطرد: «إن رئاسة مولوسيا تعتبر مهمة شاقة، لأنني أرغب بأن تكون دولة بنّاءة، وأن تشبه الدول الكبيرة قدر الإمكان، أحب أن أكون رئيسا لمولوسيا أحب هذه المهمة، فبعد عائلتي تشكل هذه المهمة إحدى أقرب الأمور إلى قلبي».

 

اقرأ حكاية أخرى| من الزمالك للخرطوم.. رحلة مصور ورفيقه بالدراجة البخارية 

 

وأوضح: أن «مولوسيا تعبر عن الاستقلال والإبداع والخيال، ويمكن إضفاء نكهة من الطرافة في دولة صغيرة مثل هذه.. فأنا مسؤول عن هذه الجمهورية، وهذه مهمتي في الحياة.. وهذه الدولة هي مجهرية وهذا يعني بأنها دولة أعلنت استقلالها عن محيطها وهي في العادة تقع ضمن دول أخرى، مثل مولوسيا الواقعة داخل الولايات المتحدة الأمريكية»، لافتا إلى أن «أمريكا لا تعترف بمولوسيا، وأظن بأن أمريكا ترانا كامتداد لحرية التعبير، ونحن ندفع الضرائب الأمريكية لكننا نسميها مساعدات خارجية».

يُهدد أمريكا وألمانيا

 

الغريب في الأمر والذي يثير في النفوس الضحك والاستغراب على حد سواء أن كيفين بوهو، سبق وأن هدد في الكثير من المرات بإعلان الحرب رسميًا علي الولايات المتحدة نظرًا لما وصفه بـ«التهديدات» المتزايدة لدولته من قبل مواطني الولايات المتحدة الأمريكية، كما هددت أيضا بإعلان الحرب على ألمانيا في عام 2007 دون أسباب معروفة.

 

الانقلاب الأصغر في التاريخ

 

الجمهورية الأولي لمولوسيا تأسست في 26 مايو من عام  1977تحت اسم جمهورية «فولداستين» الكبرى، وذلك من قبل جيمس سبيلمان الذي تولى منصب الرئيس، فيما أسندت إلى كيفن بوهو رئاسة الوزراء، وبعد فترة قصيرة من إعلان قيام الجمهورية دخلت البلاد في فترة من الركود والسكون، حتى عام 1980 عندما قام رئيس الوزراء بانقلاب على الرئيس الدولة واستلم مقاليد الحكم وغير اسمها إلى مملكة «إدلشتاين».

 

كيفن بوهو حاول جاهدا الحصول على الاعتراف الدولي بها، وتوسيع رقعتها الجغرافية بشراء مزيد من الأراضي، لكن مساعيه فشلت حتى عام 1988، وبعد جولة أوروبية، أعاد النشاط والازدهار لأرجاء الجمهورية، وبدأ في إرساء معالم الازدهار والنمو الثقافي، وتم تغير اسمها إلى مملكة «زاريا»، وفي عام 1995، تم شراء قطعة الأرض في ولاية نيفادا، وبعد 4 سنوات أعلن عن قيام الجمهورية الثالثة لمولوسيا، وأعلن رسميا تشكيل الحكومة، التي تبنت النظام الشيوعي في تلك الفترة.

 

دخلت البلاد مرحلة انتقالية جديدة، حيث قامت بعمل بعض المشروعات الاقتصادية البسيطة والمرافق العمومية بالقرب من بيت الرئيس، كما قامت على الصعيد الدولي بتبني سياسة التكتل مع الدول الصغيرة أو ما يعرف بالدول المجهرية، ومحاولة إسماع صوتها للعالم.

 

وتمكنت مولوسيا بفضل جهود رئيسها ونشاطه الدبلوماسي في عام 2000 من استضافة الألعاب الأولمبية الأولى للدول المجهرية «إنتر ميكرو ناشيونال»، بالتنسيق مع دورة سيدني التي أقيمت في نفس السنة، إضافة إلى تنظيم المعرض العالمي للدول المجهرية.

 

اقرأ حكاية أخرى| من «هاسكي».. كيف بدأت نهاية «موسوليني»؟

 

في أغسطس 2003 وسعت مولوسيا حدودها لأول مرة واشترت أراض في شمال كاليفورنيا، وخلقت أول مستعمرة لها تدعى «فارفلا»، وفي 22 مايو عام 2006، تعرضت مولويسا إلى هجوم من قبل دولة صغيرة تدعى «موستاليشتان» دامت الحرب فترة قصيرة، قبل أن تنتهي في 8 يونيو 2006، بانتصار مولوسيا.