حكايات| صلصة السمك المخلل.. الكاتشب الأمريكي «ما طلعش أمريكي»

الكاتشب الأمريكي عنصر اساسي في العديد من الوجبات
الكاتشب الأمريكي عنصر اساسي في العديد من الوجبات

مع أولى قطراته أو حروف كلمته، يجري الريق على أمل «رشة» منه على قطعة بيتزا أو ساندويتش هامبورجر مع قليل من أصابع البطاطس المحمرة، فـ«الكاتشب» بات سرًا من أسرار عشق الوجبات السريعة.

 

إلى وقت قريب، كان كثيرون يقفون تقديرًا للأمريكي مبتكر مذاق صوص الكاتشب، خصوصًا تكوينه البسيط من مجموعة من التوابل الأمريكية؛ لكن تلك الأسطورة حطمها موقع «ذا سيبرس ايت» بحديثه عن أن تلك المادة الموجودة في 97% من مطابخ العالم، لم تنشأ أساسًا في الولايات المتحدة الأمريكية.

 
القصة من أولها

أصول صلصة الكاتشب تعود إلى بلاد الصين، غير أنها لم تكن تحتوي على طماطم، بل صلصة سمك مخلل، ومع مرور السنوات تطورت طريقة إعدادها حتى وصلت لكاتشب القرن العشرين.

 

وكلمة «كاتشب» في الأساس مشتقة من الكلمة الصينية «ke-tsiap» أي صلصة السمك المخلل؛ حيث تم تقديم هذه الصلصة بجانب الأطباق الرئيسية كنوع من البهارات التي تضفي مذاقًا خاصًا على الأطعمة. 

 
لكن هذا الاختراع الغذائي لم يقف أمام الحدود الصينية؛ بل عبر إلى ماليزيا وإندونيسيا، ليتحول اسمها إلى «ketchaap - kechapand»، ومنها اكتشف البحارة الإنجليز في القرن السابع عشر، تلك التوابل الصينية وجلبوها معهم إلى الغرب، لتبدأ محاولات الطهاة تقليدها وتطويرها.

 

التاتش الأمريكي

 

في كتاب سكر هاوس، عام 1801، ظهرت وصفة الكاتشب لأول مرة، بعد أن جلبها المستوطنون الإنجليز إلى أمريكا؛ إلا أن تركيبته بدأت تغيير ويدخل عليها تغيير تدريجي، وكان أحد هذه التغييرات الهامة هو إضافة الطماطم، والتي ظهرت لأول مرة في وصفة من قبل «ساندي أديسون» في هذا الكتاب.

 

وصفة «ساندي» اعتمدت بالدرجة الأولى على غلي الطماطم، ثم عصرها من خلال الضغط عليها داخل منخل، ثم إضافة بعض البهارات المتمثلة في جوزة الطيب والقرنفل والقرفة والزنجبيل والفلفل، ثم يتم غليها حتى تصبح سميكة ومبردة ومعبأة في زجاجات، والتي قد تحفظ لسنوات بسبب كمية الملح الكبيرة الموجودة بها.

 

ومع وصلة المفاجآت، فإن «هاينز» لم تكن أول شركة تتصدر لصناعة الكاتشب، كما يعتقد الكثير، ولكن كانت هناك مزارع لشخص يدعى «جوناس يركس»، وهو أول من صنع الكاتشب وباعه في زجاجات عام 1837، وبعد مرور 40 عامًا بدأت شركة هاينز في تصنيع وبيع صلصة الكاتشب، وبحلول نهاية القرن التاسع عشر، كان النوع الأساسي من الكاتشب في الولايات المتحدة هو كاتشب هاينز.

 

التطور الطبيعي للكاتشب

 

في البدايات تم استخدام الطماطم غير الناضجة في إعداد الكاتشب، والتي كانت تتطلب إضافة مادة حافظة تسمى بنزوات الصوديوم لمنع التلف وفقدان النكهة؛ لكن في عام 1990، حذرت إدارة الغذاء والدواء من استخدام هذه الإضافات.

 

حينها، سارعت هاينز بصنع الكاتشب بالطماطم الناضجة لاحتوائها على كمية كبيرة من البكتين، مع إضافة السكر والخل لها، وبسبب زيادة كمية البكتين كانت الصلصة الناتجة أكثر سمكا من النسخة السابقة المائية.

 

كله إلا الصحة

 

بمرور السنوات، صار الكاتشب أحد أبرز المكملات للوجبات السريعة في مصر، وهنا تحذر استشاري طب الأطفال والتغذية العلاجية الدكتورة آمال صبري من تناول الكاتشب الجاهز أو المصنع لكل أفراد الأسرة لما له من ضرر بالغ على الصحة، وخصوصا الأطفال لأن أجسامهم تكون في مرحلة النمو والتطوير، وبالتالي يكون التأثير أكثر خطورة عليهم.

 

الكاتشب الجاهز يتكون من مركزات الطماطم الحمراء ومن شراب الذرة عالي الفركتوز والخل المقطر وبودرة البصل ونكهات طبيعة ونشا وسكر وملح وبهارات ومواد حافظة، وللأسف كل ما يكون معدل وراثيا يتم نموه عن طريق رش كميات كبيرة من المبيدات الحشرية والمواد الكيميائية، بحسب الدكتورة آمال.

 

المشكلة الرئيسية هنا تكمن في أن كثيرًا من المواد التي تدخل في صناعة الكاتشب معدلة وراثيا بما فيها من شراب الذرة والنشا والخل والسكر، مما يكون له أثر خطير على الكبد والبنكرياس والكلى والجهاز العصبي وكل التفاعلات الغذائية والتمثيل الغذائي في جسم الإنسان.

 

 بعض الدراسات أثبتت أن الكاتشب يحتوي أيضا على الزئبق، والذي يعد من المواد عالية السمية، وتكمن خطورته في تأثيره على الجهاز العصبي وعمل الدماغ، خصوصًا لدى الأطفال، مما يؤدي إلى الإصابة بمرض التوحد، كما يجب على المرأة الحامل أن تمتنع عن أي طعام يحتوي على زئبق؛ لأن ذلك قد يصيب الجنين بعيوب في الجهاز العصبي.

 

أما شراب الذرة عالي الفركتوز فيحتوي على نسبة سكر تعادل 100 مرة السكر العادي، وبالتالي تقوم هذه النسبة بالتراكم على الكبد مما يحدث دهون على الكبد، فضلا عنه أنه يرفع نسبة السكر في الدم، مما يكون سبب رئيسي في الإصابة بمرض السكر والقلب والسمنة.

 

ولعل ملعقة واحدة من الكاتشب ترفع مستوى الصوديوم بالجسم 7%؛ بسبب محتوى الملح العالي الموجود بها، فضلا عن التسبب في ارتفاع ضغط الدم وتصلب الشرايين، إضافة إلى السكر والملح باعتبارها سموم بيضاء، والمواد الحافظة التي تتسبب في تغيير طبيعية جسم الإنسان وتحويله من وسط قلوي إلى حمضي، وتعمل حموضة الدم في تقليل نسبة الأكسجين الذاهب للخلايا وبالتالي تنشط الخلايا السرطانية.

 

دراسات أخرى أثبتت أن الحموضة العالية تصيب الجسم بالخمول والكسل وحتى يعادل الجسم ذلك ويعود لطبيعته القلوية مرة أخرى يقوم بسحب الكالسيوم من العظام والأسنان مما يتسبب في الإصابة بهشاشة العظام وتسوس الأسنان.

 

بعض المصانع تصنع الكاتشب من الطماطم الفاسدة التي تؤدي إلى تأخر نمو الأطفال وفقدان الشهية لديهم، فضلا عن الأمراض الكثيرة التي تحدث بسببها، فضلا عن احتواء الكاتشب على حمض «الأسيد»، الذي يلعب دورًا في هيجان جدار المعدة وإصابته بالالتهاب والتقرحات وارتجاع المريء، وكل ذلك دفع الدكتورة آمال إلى المطالبة بضرورة تحضيره في المنزل.