قصص وعبر| مأساة زوجة تطلب الخلع.. و«الملوخية» السبب

صورة ارشيفية
صورة ارشيفية

مشاكل الحياة كثيرة لا تعد ولاتحصى، خاصة المشاكل بين الزوجين حيث يظن البعض من الأزواج ذوي التفكيز المحدود، والأفق الضيق، بأن الزوجة لا تسير باستقامة إلا بالضرب، والتوبيخ، والإهانة، ولا يعلم أن تلك التصرفات لا تجلب سوى الخراب، والتفكك، وتصل الأمور إلى أبغض الحلال وهو الطلاق ليكون ضحيته الأبناء.

السطور التالية تروي مأساة زوجة فاض بها الكيل، وتوجهت إلى محكمة الأسرة تطلب الطلاق والسبب "الملوخية".

جلست الزوجة الثلاثينية، يعلو وجهها الشحوب، والإرهاق راقدا تحت جفنيها، وبعينين ذابلتين يشع منهما بريق يشوبه حزن وحسرة، تضع رأسها المثقلة بالتساؤلات فوق كف يدها، تراود مخيلتها أيام طفولتها وصباها بمنزل عائلتها، وشعورها بالفراغ الكبير بعد أن تزوجت وابتعادها عن والديها وأشقائها حيث كانوا يمثلون كل شيء في الحياة لها.

اعتقدت الفتاة بأن الدنيا فتحت ذراعيها لها أثناء خطبتها لزوج المستقبل الذي يحسدها عليه الجميع، لما كان يتمتع به من خلق دمث، وضحكة تملأ الكون بالفرح والسعادة، وعذب كلماته وتسامحه في أية مشاكل أو تقصير غير مقصود، ولم تكن تعلم بأنها ستتزوج من شخص آخر تحولت ضحكاته إلى سخرية منها، وغلظة قلب لا مثيل لها، وسليط اللسان لا يأبه بالحفاظ على مشاعرها بل يتعمد إهانتها أمام الآخرين، غير مراع بأنها إنسانة لها حقوق وواجبات، يتشاجر معها على أتفه الأسباب، يصدر أوامره دون نقاش وما عليها إلا التنفيذ دون إبداء رأي أو تعبير.

يتعمد معايرتها، كلما أعدت له الطعام، وتفاجأ بتطاير الأطباق في كل اتجاه وبعثرة الطعام فوق الأرض، فما يكون منها إلا أن تقوم بتنظيف المكان وتنساب دموعها فوق خديها، تحملت تصرفاته المتكررة، وجهله بالتعامل معها كزوجة، وأنها لم تتزوج من سجان، تبات ليلتها ودموعها تتساقط فوق وجنتيها كي تطفئ لهيب أحزانها وحظها العثر، يطاردها شبح لقب "مطلقة" كلما عزمت على طلب الانفصال.

وفي أحد الأيام، طلب منها أن تعد الطعام حيث دعا والدته وشقيقاته لتناول وجبة الغداء، واستضافتهم، وحدد نوع الأطعمة التي يشتهونها، لم تدخر الزوجة جهدا، وتوجهت إلى المطبخ تعمل بنشاط، وتتفنن في إعداد وجبة يشهد لها الجميع بالمهارة وحسن التذوق.

التف الجميع حول المائدة تتسابق أياديهم لالتهام الطعام تسبقها كلمات الإعجاب بمهارتها، لكن أفسد كل ذلك زيادة نسبة الملح بـ"الملوخية"، نسي الزوج كلمات الشكر والإعجاب، وانطلق الشرر من عينيه، وفوجئ الجميع بتطاير الأطباق، وانقض عليها كالأسد يسدد لها الضربات، يسبقها سباب وشتائم بذيئة، انتفضت عائلته، يوبخونه وأنقذوها من بين براثنه، محاولين تهدئتها والتأسف لها من زوجها الأرعن المتهور.

وبخطوات يشوبها خزي وعار، توجهت الزوجة إلى غرفة نومها بعدما أهانها الزوج أمام عائلته، وجرح كبرياءها، وارتدت عباءتها، وقررت ترك المنزل وسط مواساة العائلة والذين باءت كل محاولاتهم بالفشل في إقناعها بعدم ترك المنزل، وانهمرت الزوجة في بكاء مرير تروي لعائلتها المأساة التي عاشتها مع هذا الزوج غليظ القلب، سليط اللسان، واتخذت القرار بالتوجه إلى محكمة الأسرة بزنانيري، وأقامت دعوى للطلاق منه حفاظا على ما تبقى لها من آدمية وكرامة.