في ذكرى ميلاده.. 

عبد السلام النابلسي.. عاش ملكًا وودع الكوميديا بجنازة «على النوتة»

عبد السلام النابلسي
عبد السلام النابلسي

«الكونت دي نابلوز»، لقب حمله أحد أهم صناع الضحك في تاريخ السينما المصرية، وأكثرهم خفة ظل،  بصمته الفنية المميزة في مدرسة كوميديا «االسهل الممتنع»، لم يملأ فراغها غيره من الفنانين حتى الآن رغم أن أدواره في أغلبها كانت ثانوية.



اليوم تحل ذكرى ميلاد عبد السلام النابلسي، الذي ولد في 23 أغسطس من عام 1899، لأسرة فلسطينية عاشت في لبنان، وكان جده قاضي نابلس الأول وكذلك والده، ونشأ في وسط عائلة متدينة، وعندما بلغ العشرين من عمره، أرسله والده إلى القاهرة ليلتحق بالأزهر الشريف، فحفظ القرآن الكريم وبرع في اللغة العربية، إضافة إلى إتقانه للفرنسية والإنجليزية اللتين تعلمهما في بيروت.

في العام 1925، عمل النابلسي بالصحافة الفنية والأدبية في أكثر من مجلة، ومنها مجلة مصر الجديدة واللطائف المصورة والصباح.


«الديون والحب» بعد الستين

وبعد مشوار فني مع عمالقة «زمن الفن الجميل»، رحل «النابلسي» إلى لبنان بعدما تفاقمت مشاكله مع الضرائب والتي بلغت 13 ألف جنيه في حينها، ولم تفلح محاولاته والتي بدأها في عام 1961 لتخفيضها إلى 9 آلاف، وأخذ يرسل لمصلحة الضرائب حوالة شهرية بمبلغ 20 جنيهًا فقط، الأمر الذي يعني أن تسديد المبلغ المستحق عليه سيستغرق 37 عامًا، وهو ما اعتبرته مصلحة الضرائب دليلاً على عدم جديته في السداد.


 

وقررت مصلحة الضرائب بعد 3 سنوات من رحيله أي في عام 1965 الحجز على أثاث شقته المستأجرة في الزمالك، والتي لم تكن بقيمة المبلغ المطلوب، وظلت القضية معلقة حتى وفاته في عام 1968 رغم تدخل العديد من رموز الفن في مصر، وعلى رأسهم «كوكب الشرق» أم كلثوم.


 

عاش «النابلسي» في بيروت ملكًا، وأصبح عام 1963 مديرًا للشركة المتحدة للأفلام، وساهم في زيادة عدد الأفلام المنتجة كل عام في لبنان، وشارك في أفلام «فاتنة الجماهير، وباريس والحب، وأفراح الشباب، وبدوية في باريس، وأهلاً بالحب»، وكان أهمها مع الفنانة صباح والتي شاركها من قبل في أفلام «شارع الحب، والرباط المقدس، وحبيب حياتي».


 

حقق عبد السلام النابلسي رغبته القديمة في الاستقرار الأسري، بعد أن ظل متمتعاً بلقب «أشهر عازب في الوسط الفني» حتى وصل إلى الستين من عمره وذلك عندما تزوج من إحدى معجباته جورجيت سبات، وأتم إجراءات الزواج بفيلا صديقه فيلمون وهبي دون علم أسرة الفتاة، والتي دخلت معه في صراع مرير أرغمته خلاله على الطلاق قبل أن تحكم المحكمة بصحة الزواج ويتم الصلح بينهما.

مرض خطير.. وجنازة «على النوتة»
بعد أن عاش ملكاً في بيروت، تلاحقت الأحداث سريعًا في الأشهر الأخيرة، خاصة بعد أن أعلن بنك «انترا» في بيروت إفلاسه الذي كان معناه إفلاس النابلسي هو الآخر، لأنه كان يضع كل أمواله في هذا البنك، أعقبها زيادة شكواه من آلام المعدة، حتى أن الفنانة صباح والتي كانت رفيقته إلى تونس لتصوير فيلم «رحلة السعادة»، وقالت إنها كانت تسمع تأوهات ألمه من الغرفة المجاورة بالفندق رغم أنه كان حريصا على أن يفتح صنابير المياه حتى لا يعلو صوت توجعاته.

كان «النابلسي» يشعر بدنو أجله، لدرجة أنه كان يترك مفتاح غرفته من الخارج، وبعد عودته أخذت حالته تزداد سوءًا إلى أن امتنع عن الطعام تمامًا قبل أيام من رحيله، حتى كانت ليلة 5 يوليو 1968 حيث لفظ أنفاسه قبل وصوله إلى المستشفى، ولم تجد زوجته مصاريف الجنازة فتولى صديقه الفنان فريد الأطرش عن طريق شقيقه فؤاد، والذي كان يحاول أن يخفي الخبر عن فريد، لكنه علم به من الصحف، وانهار مريضا حزنا على وفاة صديق العمر.

أخفى مرضه بالقلب

وبعد وفاته بأيام قليلة، أعلنت الفنانة زمردة وكانت صديقة له، سرًا يتعلق بحقيقة مرضه، مؤكدة أنه لم يكن يعاني من مرض بالمعدة كما أُشيع ولكنه كان مريضًا بالقلب منذ 10 سنوات، وأنه تعمد إخفاء ذلك حتى عن أقرب الناس إليه حتى لا يتهرب منه المخرجون والمنتجون ويبعدوه عن أفلامهم.

وأوضحت زمردة، أنها عرفت ذلك بالصدفة، عندما أرسل معها بعض التقارير الطبية إلى الطبيب العالمي د. جيبسون، والذي كان يشرف على علاج فريد الأطرش وهو الذي أخبرها بحقيقة مرض عبد السلام النابلسي دون أن يدري أنه يخفي ذلك.

وعقب عودتها صارحته بما عرفت فبكى أمامها واستحلفها أن تحفظ هذا السر، وهو ما فعلته حتى وفاته في 5 يوليو 1968 إثر أزمة قلبية حادة.