حكايات| «منديس» المقدسة.. أول قبلة حج إليها المصريون القدماء

كعبة منديس كان يحج إليها المصريون القدماء
كعبة منديس كان يحج إليها المصريون القدماء

عودة طويلة للوراء، ربما تستغرق وقتًا للنبش في التاريخ المصري القديم؛ لكنها ستخرج بكنوز ربما لا يعرفها المصريون حاليًا، فهل تعلم مثلا أن قدماء المصريين حجوا إلى «كعبة» مخالفة للكعبة المشرفة في مكة؟

 

 

الباحث الأثري في علم المصريات سيف العراقي، تحدث عن أن المصريين القدماء كان لهم الأسبقية في فريضة الحج قبل نزول الأديان السماوية على الأرض، فكلمة «دين» في الأصل كلمة مصرية قديمة, وتعني كلمة «د» في اللغة المصرية القديمة رقم «5»، والنون دائما ما كانت توضع بأنها شعيرة دينية قديمة، أي أن هذا الرقم يشير إلى أركان العقيدة الإسلامية الخمسة، فيما يُعرف بـ«العقيدة الخماسية».

 

 

اقرأ حكاية أخرى: التنقيب «الدموي» عن الآثار.. قرابين بشرية ومطالب جنسية لـ«الأسياد»

 

بلغة الفراعنة «كابا»  

 

 

أما كلمة «كعبة» مشتقة في الأساس من اللغة المصري القديمة «كابا»، ثم دخلت في اللغة الإنجليزية «cupic» أي المكعب الذي يشبه الشكل الهندسي للكعبة المشرفة, وهنا ظهرت مدينة منديس فوق أحد التلال الأثرية القديمة، والذي يُسمى حاليًا بـ«تل الربع»، وفيها كانت تتم مراسم الحج لدى المصريين القدماء.

 

 

واتخذت «منديس» موقعًا ضمن حدود الإقليم السادس عشر من أقاليم مصر السفلي «الوجه البحري»، ويبلغ امتداد ذلك التل ما يقرب من 230 فدانًا، وكان يمتد حتى حدود آثار تل تمي الأمديد بمحافظة الدقهلية حاليًا.

 

 

وقصة «منديس» في النصوص المصرية القديمة، تعود إلى الاسم «جدت»، والتي كانت مقر حكم الأسرة الفرعونية  الـ«29»؛ إذ كان كبش منديس المعبود الرئيسي للمدينة وكنتيجة مباشرة بارتباطه بالآلهة الكبار، أمثال «رع وأوزير» نال قدسية واسعة بين المصريين بسبب الاعتقاد الذي كان سائدا من أرواح الآلهة الكبار تكمن في هيئة الكبش.

 

اقرأ حكاية أخرى: مفاجآت إجازات «الفراعنة».. العامل يرافق زوجته بعد «الوضع»

 

مقر أبدي للآلهة

 

 

وبالفعل، اكتسبت «منديس» أهمية خاصة ضارعت أهمية «أبيدوس أو العرابة المدفونة» في سوهاج كمقر أبدي للآلهة أوزير، لدرجة أن مدينة منديس صارت قبلة تحج إليها «مومياوات الموتى» قبل مواراتها مثواها الأخير إلى العالم الآخر.

 

 

ومنذ بداية الدولة المصرية القديمة وحتى نهاية العصر اليوناني الروماني في مصر، بدا واضحًا أن للتاريخ موضع قدم في مدينة منديس، وفقًا لما أكدته نقوش عديدة.

 

 

ولأول مرة تم ذكر اسم هذه المقاطعة في النصوص المصرية القديمة، ضمن سجلات الأسرة الرابعة «عصر بناة الأهرامات»، حيث توجد جبانة كاملة للكباش المقدسة، وبها توابيت جرانيتية ضخمة من «الجرانيت الأسود» لهذه الكباش؛ حيث تدفن فيها ولا تزال هذه التوابيت باقية في التل حتى الآن.