وجوه لا تعرفها عن «البلياتشو».. «عشماوي» يروي أصعب لحظاته على المسرح

وجوه لا تعرفها عن «البلياتشو».. «عشماوي» يروي أصعب لحظاته على المسرح
وجوه لا تعرفها عن «البلياتشو».. «عشماوي» يروي أصعب لحظاته على المسرح

* «أضحكت الملايين بعد نبأ وفاة أمي».. وهذه تفاصيل حكاية «الطفلة اليتيمة»
* أفخر بلقب «بلياتشو».. وأنسى أوجاعي على المسرح
* راتبي 200 جنيه فقط.. وهذا ما قاله لي النجم «أحمد زكي»

  
«مهمتي إضحاك الناس رغم ما في قلبي من حزن أو بكاء».. فمن السهل جدًا أن تجعل شخصا يبكي، لكن أن تضحكه فهي المهمة الأصعب على الإطلاق، خاصة في وقتنا هذا.. هكذا هو «المهرج» أو «البلياتشو»، أحد نجوم السيرك، والجندي المجهول في معركة إعادة البسمة للشعب المصري، بعد سنوات من الفقر الفكاهي الذي عاشه خلال الفترة الماضية.

 

«بوابة أخبار اليوم» التقت الفنان الفريد، أحد جنود معركة الفكاهة، والراعي الرسمي للضحك و«الفرفشة» على خشبة مسارح السيرك القومي، ذلك الذي أسعد الآلاف بل الملايين من العرب والمصريين، ولا زال يواصل مسيرته المعهودة إيمانا بمقولته «النكتة المضحكة حسنة» وكله بثوابه».. خفة ظله بجانب حركاته البهلوانية نصبته ملكا للفكاهة بين الجمهور، إضافة إلى أنه بارع جدًا في اللعب بالبيضة والحجر منذ نعومة أظافره معتمدًا على مظهره من الأنف الكروي الكبير وأحمر الشفاه الممتد إلى ما لا نهاية الذي يرسمه بمستحضرات التجميل، بجانب الشعر البرتقالي.. إنه هشام عشماوي، أحد مهرجي السيرك القومي، الذي قضى 48 عاما من عمره بين أروقة المسارح وقصور الثقافة المصرية والأجنبية.

 


 

كواليس كثيرة، وحكايات مثيرة وراء هذا الرجل الستيني، الذي لا يخجل من لقب «بلياتشو» - بل يفخر بها - عكس غيره ممن يعتبرونها بمثابة سخرية -، كما  يُسخّر ذاته كي يسعد الناس ويضحكهم بأية وسيلة بعد أن يحول نفسه إلى نكتة متحركة.. الحوار التالي يكشف خباياها:


 
بداية.. من هو هشام عشماوي؟


أنا موظف بالدولة، أعمل في وظيفة «مهرج» منذ عام 1970، أي قبل 48 عاما من الآن، لعشقي المسرح منذ طفولتي.


 
كيف التحقت بالسيرك؟


في عمر السابعة، كنت مرتبطا بجيراننا الذي يعشقون الذهاب إلى السيرك، وذات مرة اصطحبتني العائلة معها إلى عرض مسرحي، وقتها رآني أحد المدربين هناك وكان ألماني الجنسية، وطلب مني الصعود إلى المسرح للعمل معهم.

 

وقتها كنت فتي شقيًا، ومحبًا اللعب، فالمدرب الألماني اختارني لدخول السيرك، ومنذ ذلك الوقت وأنا أعمل فنانًا مسرحيًا في وظيفة «بلياتشو»، وبجانب عملي بالمسرح كنت أدرس، وحصلت على «دبلوم تجارة».
 


 

«بلياتشو».. ألم تزعجك تلك الكلمة، أو تراها نوعًا من السخرية؟


إطلاقا، فالبلياتشو تعني المهرج، وهو أكثر شخص قريب من الناس، لأنه الوحيد الذي يحمل عبء إضحكاهم، كما أنه العمود الفقري  للسيرك، فإذا خلت الفقرات من «نمرة البلياتشو» تضيع كثير من البهجة على الجمهور.


 
من السهل أن تبكي الناس، ولكن من الصعب إضحاكهم.. كيف حققت تلك المعادلة؟


حققت المعادلة بالخبرة، فأنا قضيت عمري كله في السير، ونجحت في اكتساب خبرة تجعلني أعيد الروح لمن يملؤهم الحزن، وأرسم البسمة على وجوه المحبطين وغير السعداء.


 
هل ساعدك «قصر القامة» على الأداء المتميز في أعمال السيرك؟


نعم، له عامل كبير، فأنا كان لي حظ أكبر في الظهور على المسرح، وإضافة إلى ذلك طورت نفسي لأكون قزما قادرا على النجاح وإسعاد الناس.


 
ما هو أول شيء تتخلى عنه عند صعود المسرح؟


حياتي الشخصية «برميها ورا ضهري»، فهي أول شيء أنساه عقب الصعود على خشبة المسرح، وأبدأ في تقمص شخصية «لاعب السيرك» بعيدا عن مشاكلي.

 


 
وما الموقف الذي لم تستطع نسيانه على المسرح؟


بصراحة، هو خبر وفاة أمي، فكنت أقدم عرضا في دبي منذ فترة، وقبل عشر دقائق من فتح الستار، استقبلت أحزن خبر في حياتي، فأبلغني أخي بوفاة أمي، نزل عليَ الخبر كالقنبلة، كنت منهارا لدرجة لم أتخيلها، وعشت لحظات سوداء، لكن عندما حان موعد عرضي، اضطررت إلى التماسك، وكفكفت دموعي وارتديت ملابسي الملونة، ثم وضعت مساحيقي، ورحت أوزع الابتسامات على الحضور رغم أنني أبكي من الداخل، ولكن في النهاية «العمل يعني العمل».


وعقب انتهاء فقرتي، قدم مدير المسرح، وأوقف الموسيقي، وشكرني، وأبلغ الجمهور بخير وفاة أمي، وقتها صفق لي الجمهور تصفيقا حارا وأنهرت أنا في الباء.. لكن في النهاية كان هذا أصعب موقف مررت به حتى الآن.


 
- ما أبرز الدول التي ظهرت على مسارحها؟


بدأت الاحتراف عام 1980، وزرت السيرك في كل دول العالم، ولعبت جميع فقرات الإثارة والتشويق، كما تركت بصمتي على كل خشبة أديت عليها عرضا خاص.


وزرت ألمانيا، وفرنسا، انجلترا في أوروبا، والإمارات والكويت ومعظم الدول العربية.


 

حدثنا عن أكثر المواقف المؤثرة فيك؟


كنا في حفل دار أيتام، وعقب انتهاء العروض، وجدت طفلة صغيرة تبكي في ركن منزو، وتطلب «بالونة» وتقول «لو بابا عايش كان جابلي بالونة»، وقتها كانت جميع البالونات التي بحوزتنا قد نفدت، بعد توزيعها على الأطفال.. توجهت إلى حافلة ملابسنا حتى عثرت لها على بالون، وأسعدتها بلفتة إنسانية بسيطة، كما قدمنا عروضا مميزة لأطفال مستشفى 57357، ونشرنا البهجة بين الأطفال هناك.


 
عملت مع منّ من مشاهير المسرح؟


الفنان سمير صبري، وأشرف عبد الغفور ويوسف شعبان وأحمد زكي، الذي شجعني كثيرًا وقال لي على شغلي: برافو ياعشماوي، والتقيت المجموعة كاملة على مسرح مدينة أبها بالسعودية.

 


 
 

ما أصعب عرض قدمته حتى الآن؟


كان عرض الكراسي، فكنت أقف على 6 كراسي متحركة، وكذلك فقرة الميزان الطائر، فمهمتنا شاقة جدًا وتتطلب خبرات.


 
أكبر عدد مشاهدين حضرت لك؟


عشرات الآلاف، وخصوصا في مهرجانات دبي في الإمارات، وآبها بالسعودية و«كويتي وافتخر» في الكويت.


 
شخصيتك في المنزل مختلفة عن المسرح؟


ساخرًا: أنا في البيت «حازم إمام»، مواصلا: أنا في بيتي رجل حازم كأي أب مصري مع أولاده.


 
هل أنت متزوج؟


نعم، أنا جد، ولدي ثلاثة أولاد أكبرهم مهندسًا وأوسطهم محاسبا والأخير حاصل على دبلوم .


 
إذن.. أنت توافق على دخول إبنك السيرك.. وخلافتك في الـ«مهرج»؟


لا، أرفض ذلك في الوقت الحالي لأننا لم نأخذ حقوقنا، فراتبي الأساسي 210 جنيه، وإضافة إلى الحوافز وغيرها يصبح حوالي ألف جنيه في الشهر، وهذا المبلغ لا يغطي تكاليف المواصلات ومصاريف أسرة كاملة.
 


هل يتابعك أحفادك؟


نعم، ومعجبين جدًا بي، وخصوصًا عرض الإكروبات.


 
هل ترى أنك حققت ذاتك في السيرك؟


بنظرة فخر: طبعاً، فأنا أؤدي كل الألعاب العادية والخطرة، وسعيد جدًا بما قمته وما سأقدمه.


 
في رأيك.. كيف يتم تطوير مهنتك مستقبلا؟

الحل في الخروج من النمط الوظيفي، فجميعنا يعرف أن «مفيش فنان بيطلع معاش»، لذلك يجب أن يتم تمكين أصحاب الخبرات، والاهتمام بإخراج أجيال جديدة مدربة وذات موهبة حتى لا يموت فن السيرك، مع المكافأة المادية العادلة للفنانين والاهتمام بمعداتهم وملابسهم، وتقوية عروضهم من خلال الدعم.

 


 
 

وأخيرًا.. ما هي مطالبك؟


ملابس خاصة بالمهرج، فملابسي تلك اشتريتها من مالي الخاص، وليس هناك أي اهتمام بملابسنا ومعداتنا، لذلك نطالب بنظرة اهتمام لوضعنا، وزيادة الرواتب.