حروف ثائرة

محمد البهنساوي يكتب: فليحيا «عبده موتة» !!

محمد البهنساوي
محمد البهنساوي

«ثقة في الله نجاح.. أنا نمبر وان.. الأسود لا تلتفت لكلام الحمير».. هذه العبارات المستفزة ومثيلاتها الكثير.. أصبحت صفة ملازمة لنجم الجيل وقدوة الشباب وزينة ممثلي مصر «عبده موتة» الشهير بمحمد رمضان.. الممثل الذي كسر كل القواعد والأعراف في الوسط الفني ضاربا عرض الحائط بكل قيم المنافسة الشريفة في هذا الوسط منذ عقود.. وإذا كنا نقول أن الفن القوة الناعمة الأولى لمصر فمفهوم تلك القوة عند الجميع قوة المثل والأخلاق والترويج للثقافة والقيم المصرية.. لكن يبدو أن رمضان أخذ نصف الكلمة الأول «القوة» ونسي النصف الثاني «الناعمة».. حولها لقوة البلطجة وسطوة الساعد والسلاح في مواجهة الأعراف والقوانين.. وهذه هى الصفة الغالبة على معظم أعماله.. ليصبح الألماني والأسطورة وعبده موتة هم المثل والقدوة لغالبية الشباب.. وهى الصورة التي نصدرها عن المصريين في محيطهم العربي والإقليمي!!


لم يقف غرور وصلف وتجاوز محمد رمضان عند تغريداته وزهوه بنفسه وأغنيته «نمبر وان».. إنما تجاوزها لمدى غير مسبوق في الوسط الفني من الإساءة لزملاء المهنة التي من المفترض أنها راقية وذات رسالة.. فقد كتب محمد رمضان تغريدة على حسابه الشخصي متفاخرا بنجاح مسلسله نسر الصعيد «أوعى تفكر تسبق الفيراري.. لا عزاء للأغبياء» وتغريدة أخرى لصورة له مع أسد قائلا: «أهم مزايا الأسود أنها لا تهتم برأي الحمير».. بالطبع وبوضوح شديد المقصود بهذا الكلام المنافسين لنجم الجيل.. هل هناك صفاقة أكثر من هذا ؟

وهنا نقف مع أنفسنا لبرهة لنسترجع التاريخ الفني الزاهر والزاخر لمصر.. والنجوم الذين نعجز عن حصرهم ووصلوا بمصر وفنها وثقافتها لكل شبر في الوطن العربي من المحيط إلى الخليج.. تنافس واختلف منهم الكثيرون وكانوا رموزا وقدوة حتى في اختلافهم الراقي المهذب.. ثم إننا لم نسمع أحد هؤلاء الرموز أطلق على نفسه وصفا به غرور أو إهانة لزملائه.. ومعظم ألقابهم أطلقها عليهم الجمهور.. فكيف وصل رمضان لتلك المرحلة من إطلاق أوصاف تحقر من زملائه أو تنال من فنهم وأعمالهم.. من أين أتى بكل هذا الكم من الصلف وهل من الفن في شيء التباهي بسيارة فارهة أو فيلا فخيمة في زمن يكابد الكثيرين بما فيهم بعض أهل الفن ظروف المعيشة الصعبة.. وهل هذا هو معيار التفوق عند حبيشة !

وبنظرة إلى النجم العالمي الذي يعتبر النقاد أن رمضان امتداد له وهو الفنان البارع الماهر الموهوب الراحل أحمد زكي.. الذي أمتعنا وعلمنا وترك بصمة لدى كل مصري من بداياته وأعماله التي يصعب حصرها.. هل سمع أحد منا النمر الأسود يطلق على نفسه وصفا أو يجرى حوارا مستفزا متجاوزا.. ولا أقبل تبرير البعض بمعاناة محمد رمضان وإصراره حتى يصل إلى النجومية الحالية.. فأحمد زكي عانى أكثر منه وواجه تحديات لا تقارن ووصل إلى القمة وكان كل همه وهو في القمة كما قال تقديم ادوار تترك بصمة وعلامة لدى الجمهور.. وفي حواره الأخير قبل رحيله يفجر أحمد زكي مفاجأة عندما قال: كنت اعتقد أنى مجرد ممثل وهمشي لكن فوجئت بكم الحب الجارف لدى الجمهور وهو نعمة الله الأولى علي».. عاش أحمد زكي نزيلا بفندق.. يستأجر السيارات.. فقد كان شغله الشاغل فنه ورسالته وليس الفيراري والبسين والقصر.. أين رمضان من مثله وقدوته؟!

محمد رمضان ممثل عبقري بلا شك.. لكن لتذهب تلك العبقرية إلى الجحيم إذا كانت بلا هدف سامي أو أخلاق حميدة.. وإن لم تكن هناك وقفة مع هذا المغرور فلتقل على الفن المصري ورسالته السلام وليحيا «عبده موتة» وقيمه!!