حوار| السفير العراقي بالقاهرة: «سيناء 2018» ملحمة مشرفة لاستئصال الفكر الإرهابي

جانب من الحوار
جانب من الحوار

- العلاقة بين القاهرة وبغداد فى صعود وحجم التبادل التجارى 1.2 مليار دولار
- السياسة الخارجية المصرية متوازنة ومواقفها تهدئ الأزمات
- تركيا شيدت 22سداً و19محطة مائية على دجلة والفرات فانخفض مستوى المياه 40%


أكد سفير العراق بالقاهرة ومندوبه لدى جامعة الدول العربية أن العلاقات بين البلدين فى تطور مثمر ومؤشراتها فى صعود بيانى واضح، فى المجالات كافة.


وأضاف فى حواره مع «الأخبار» أن عملية «سيناء 2018» ملحمة مشرفة لاستئصال الفكر الإرهابى الأسود من أرض الكنانة، مؤكدا أن نصر مصر هو نصر للجميع وعلى الجميع أن يقف إلى جانبها.


 وشدد على أن العراق يحترم بشكل كبير الدور المصرى فى المنطقة، ويعده من مكملات استقرارها، مشيدا بسياسة القاهرة الخارجية المتوازنة ومواقفها المبدئية فى تهدئة الازمات... كما رد الصدر على العديد من الأسئلة حول التظاهرات الأخيرة فى العراق وإعادة الاعمار وكذلك العلاقات مع تركيا وإيران والسعودية.. وإلى نص الحوار.

 كيف ترى العلاقات المصرية العراقية؟
- العلاقات بين البلدين فى تطورمثمرومؤشراتها فى صعود بيانى واضح، فى المجالات كافة، ففى المجال الامني، نشيرالى وجود قرارعراقى رسمى فى اعطاء اهمية قصوى للشقيقة مصرفى مجال مكافحة الارهاب، كما ان منظومتنا الامنية لديها توجيهات ان تضع كل ما لديها من معلومات وخبرات ووسائل استخبارية لمحاربة الارهاب فى حوزة مصروالدول العربية الشقيقة.


ونود بهذه المناسبة ان نشيد بملحمة مصرالمشرفة «سيناء 2018» التى نعهدها ملحمة انسانية لاستئصال الفكرالارهابى الاسود من ارض الكنانة، فنصر مصر هو نصر للجميع وعلى الجميع ان يقف إلى جانبها بالتأييد والتعضيد والشد على يد ابطالها من جيشها الباسل المغوارصاحب التأريخ المشرف.. وعلى المستوى السياسي، نؤكد ان العراق يحترم بشكل كبير الدور المصرى فى المنطقة، ويعده من مكملات استقرارها، ونشيد كذلك بسياسة القاهرة الخارجية المتوازنة ومواقفها المبدئية فى تهدئة الازمات.


فى الجانب الاقتصادى حجم التبادل التجارى بين البلدين فى ازدياد مهم محققاً طفرة نوعية لم تشهدها السنوات السابقة، اذ بلغ للعام 2017 «1.2» مليار دولار، ونطمح إلى زيادة اكبر فى هذا التبادل والوصول بمصر إلى شريك اقتصادى وتجارى متقدم مع العراق، ولدينا ايضاً الاتفاق النفطى الواعد الذى ابرم عام 2017 وجدد هذا العام، الذى يهدف إلى تزويد مصر بـ«12» مليون برميل نفط سنوياً.


اما فى المجال الثقافى والسياحى والتعليمي، فنؤكد انه فى ازدهار مستمر، ففى الجانب السياحى يقصد مصر مئات الالاف من السياح العراقيين سنوياً بالرغم من بعض معوقات الحصول على سمة الدخول، كما لدينا نحو18 الف طالب عراقى فى المراحل الدراسية الاولية والعليا، وللعراق مشاركات واسهامات مهمة فى المهرجانات والندوات والمؤتمرات الثقافية.. ونشيرايضا إلى انه من المؤمل ان تجتمع اللجنة العليا المشتركة بين البلدين على مستوى رئيسى مجلسى وزراء البلدين فى بغداد، حيث تجرى الاتصالات مع الجهات المصرية المعنية للوصول إلى تحديد موعدها وجدول اعمالها.


 هناك زيارات كثيرة للمسئولين العراقيين للقاهرة وكان من أبرزها نائب الرئيس.. كيف ترى ذلك؟
- بالتأكيد زيارات المسئولين العراقيين إلى القاهرة لاتنقطع، فمصر دولة محورية فى العالمين العربى والاسلامى ونحتاج إلى ادامة تنسيق الجهود معها، اما عن الزيارة الثانية لنائب رئيس الجمهورية الدكتور اياد علاوى، فهى كانت بناء على دعوة رسمية من الرئيس عبد الفتاح السيسى، وخرجت بنتائج طيبة تعكس التوجهات السديدة من فخامته لتعزيز العلاقات مع العراق، ودعم استقراره وسيادته، ولا ننسى ايضاً زيارة كل من دولة رئيس الوزراء الدكتور حيدر العبادى، ورئيس مجلس النواب الدكتور سليم الجبورى إلى القاهرة.


 المهندس ابراهيم محلب مساعد الرئيس سابقاً زار العراق.. ما مردود هذه الزيارة؟
- اعطت زيارة المهندس ابراهيم محلب إلى بغداد دفعا ايجابياً ومهما لمستويات العلاقة، اذ كانت على رأس وفد كبير ضم شخصية رفيعة فى المجال الحكومى ومجالات الاعمال والمشاريع، واسهمت فى الاتفاق على اطلاق مستحقات المتقاعدين المصريين، وتعهد محلب بحسم مسألة عودة عمل مصرف الرافدين فرع القاهرة لما له من اهمية لتنشيط التعاملات المالية والتجارية بين البلدين.. ونفذ العراق وعده اذ قام مصرف الرافدين بتوزيع الدفعة الاولى من المبالغ على المتقاعدين المصريين، ونتواصل الان مع وزير القوى العاملة محمد سعفان من اجل تنفيذ تعهد تفعيل مصرف الرافدين فى القاهرة.. زيارة محلب وضعت الخطوط العريضة لمشاركة الشركات المصرية فى اعادة اعمار العراق، اذ تم التعرف ميدانياً على حاجة العراق وما يمكن ان تقدمه مصر فى هذا المجال، كما شاركت فى مؤتمرالكويت الاخير 86 شركة مصرية متنوعة للتعرف على فرص الاستثمار وخريطة اعادة الاعمار فى المدن العراقية.


ونحن نتوقع ان تكون هناك مشاركة مصرية مهمة وذلك لرغبة العراق فى ذلك، لكن على تلك الشركات ايضاً استثمار الفرص والسعى بقوة للدخول إلى الساحة العراقية عن طريق الاستثمار.


ماذا عن ملف إعادة الإعمار ومشاركة الشركات المصرية فيه؟
- المرحلة المقبلة ستشهد تنافساً كبيرا بين كبريات الشركات العالمية وفى مختلف الاختصاصات للظفر بفرصة استثمارية، ومسألة مشاركة الشركات المصرية وحجمها فهى محل بحث مكثف مع الجهات المتخصصة هنا، كما انها تعد نقطة تواصلية مهمة فى الفترة الحالية بين بغداد والقاهرة، لكننا نجدد دعوتنا من منبركم الكريم لرجال الاعمال المصريين بشأن المشاركة فى الاستثمار، وبهذا الصدد اعلنت الحكومة العراقية عن تشكيل مجلس أعلى للاستثمار برئاسة السيد رئيس الوزراء وعضوية عدد من الوزراء والمعنيين، وهذا المجلس ستكون له قوة اتخاذ القرارالمناسب، كما تعد دائرة «النافذةالواحدة» فى الهيئة الوطنية للاستثمار البوابة الرئيسة للتواصل مع المستثمروتوفير بيئة استثمارية مناسبة فى العراق.. وتهدف إلى تطوير بيئة الاستثمار وتحفيز المشاركة الحقيقية للقطاع الخاص وتشجيع الاستثمارات المحلية والاجنبية.


 بعد انتصار العراق على داعش، هل عاد الهدوء؟
- على الصعيد الامنى تشهد مدن العراق المختلفة هدوءاً امنياً لم تعشه منذ عام 2003، بإستثناء بعض الهجمات الارهابية المحدودة، التى تجرى فى مناطق معزولة ونائية، اذ تقهقرت العصابات الارهابية وباعداد صغيرة إلى جيوب صحراوية بعد انهيارها وقتل اغلب عناصرها، ولم يعد بامكانها القيام بأى هجمات ارهابية بسبب فقدانها العنصر المادى والبشرى، فضلا عن فقدان الحواضن، والقوات الامنية العراقية اليوم تلاحق تلك الفلول استخبارياً وعملياتياً.


 هناك أزمة مياه فى العراق، البعض ارجع سببها لإيران وتركيا؟
- العراق يمثل دولة مصب لنهرى دجلة والفرات، وحالنا هذا يماثل حال مصر فى مسألة نهر النيل، والروافد للنهرين فى معظمها تأتى من الجارتين تركيا وايران، نعم هناك سدود تبنى وهناك اجراءات لتحويل بعض مجارى الانهار، على الرغم من ان العراق يعد شريكاً تأريخياً فى المياه مع الجارين، مع تأكيدنا ان نهرى دجلة والفرات هما نهران دوليان، ويجب ان تُرعى مصالح الدول فيهما ضمن اطار تشاركي، ووفقاً للقانون الدولي.. ونشير إلى ان انقرة شيدت22سداً و19محطة مائية على النهرين فى مشروع جنوب شرقى الأناضول، كما ان مستوى المياه فى العراق انخفض بنحو40% فى السنوات الأخيرة نتيجة الخزانات التركية، كما ادت تلك المشاريع إلى تقليص تدفق المياه إلى العراق وخصوصاً إلى الأهوار فى جنوب العراق، وهى مصنفة على لوائح اليونيسكو للتراث العالمى.


 ماذا عن التدخل التركى والإيرانى؟
- نحن نرفض اى تدخل فى شئوننا الداخلية من اى طرف كان لان سيادتنا خط احمر ولن نقبل المساومة عليها اوالتفريط بها فى يوم ما.


ونشير إلى ان قدر العراق الجغرافى وضعه بين دولتين اقليميتين كبيرتين هم ايران وتركيا،مع جوارعربى مهم، لذلك فمنهجنا قائم على التوازن فى علاقاتنا الاقليمية والدولية،مع الابتعاد عن سياسة المحاور، ونسعى لان نكون جسرا للتواصل بين دول المنطقة والعالم، وليس ساحة للصراعات.. ونؤكدان مشتركات التاريخ والجغرافيا والدين وقواسم المصالح المتبادلة مع دول جوارنا دعتنا إلى بناء علاقات ايجابية على اساس ثوابتنا الوطنية، اما مشاكلنا معها فنؤمن ان الحوار والحلول السلمية كفيلان فى معالجتها بعيدا عن افتعال الازمات والمشاكل اواستخدام القوة اوالترهيب.


 ماذا عن علاقاتكم مع السعودية؟
- العلاقات مع المملكة العربية السعودية تتطور بشكل كبير وواعد، واثمرت عن تشكيل مجلس التنسيق الوزارى السعودي–العراقي، الذى عقد اجتماعات مهمة، ونرى ان المملكة العربية السعودية تعد دولة محورية فى الشرق الاوسط والعالمين العربى والاسلامى، وجذورنا معها عميقة جدا من حيث العمق العشائرى العربى والاسلامي، وتربطنا معها مشتركات وحدود كبيرة، كما ان العراق حريص على امتداده العربى وحريص ايضاً على امن الدول العربية، وإذابة جليد الخلافات الذى يكسو منطقتنا الساخنة بأحداثها.


 كيف ترى الأوضاع الداخلية فى العراق خاصة بعد إجراء الانتخابات ؟
- الاوضاع السياسية تسير فى اتجاهها الصحيح، حتى التظاهرات المطالبة بالخدمات التى شهدتها بعض مناطق العراق مؤخراً، نحن نعدها وسيلة تقويمية تزيد من رصانة تجربتنا الديمقراطية،حيث بدأت تلك تخف فى حجمها بعد استجابة الحكومة لمطالب المتظاهرين، ومثلما تعرفون ان بلادنا شهدت حرب استنزاف كبيرة ضد الارهاب الداعشى وكلفت اموالاً كبيرة اثرت بالنهاية على القطاعات الخدمية الاساسية.


ومن المميز فى هذا الحدث، ان بعض القادة السياسيين وجهوا اعتذارا للشعب بسبب ضعف الخدمات، وثقافة الاعتذار هذه تدل على عمق فى تفكير وتعامل النخبة السياسية مع الشارع، اما بخصوص تشكيل الحكومة القادمة، فنؤكد اننا على وشك بلوغ مسارات بداية تشكيلها بعد ان اوشكنا من الانتهاء من عمليات العد والفرز، وتسعى الكتل السياسية الفائزة إلى ان يكون التفاوض السياسى وتشكيل الحكومة ضمن أجواء الثقة المتبادلة والتفاهم السياسى وتغليب المصلحة العامة على المصالح الأخرى، وإنتاج حكومة تكنوقراط من شأنها توفير الخدمات وفرص العمل للمواطنين.


 ماذا عن المظاهرات التى اجتاحت عددا من المحافظات العراقية ؟
- نؤكد من جديد ان حق التظاهر والاعتصام السلمى مكفول فى العراق، وهو جزء مهم من مصادر السلطة الشعبية إلى جانب الانتخابات، لان الديمقراطية لدينا تعد مكسباً عظيما قاتل من اجلها شعبنا لعقود طويلة،ودخل الكثير منهم فى السجون، وعُذب من عذب واعدم من اعدم منهم، وبهذا الصدد قدمت حكومتنا الحلول السريعة، وتضامنت القوى السياسية مع المطالب، مع التأكيدعلى ضرورة سلمية المظاهرات والحفاظ على الممتلكات العامة والخاصة، كما وضعت تلك القوى اولوية فى مشروعها القادم، وهي: تشكيل حكومة الخدمة والبرنامج، مع الاستمرار فى الحوارات للوصول إلى التحالفات المطلوبة، وتغليب المصلحة العامة.


كما قام رئيس مجلس الوزراء الدكتور حيدر العبادى بزيارات ميدانية للمحافظات التى شهدت التظاهرات، وواصل ويواصل حالياً اللقاءات مع أبناء شعبنا للاستماع إلى مطالبهم والاستجابة لها، وهنا كاجراءات ومعالجات تنفيذية لخدمات الماء والكهرباء والصحة والتربية والخدمات الاخرى وتوفير فرص العمل للشباب العاطلين عن العمل وغيرهم وتعزيز قروض الاسكان وقروض المشاريع الصغيرة والمتوسطة فى جميع محافظات العراق بدون استثناء.


ماهى مطالبهم، وكيف سيتم حل هذه الأزمة؟
- مطالبهم خدمية بحتة، فنحن نشهد فى فصل الصيف جوا لاهباً وخصوصاً فى محافظة البصرة، وبهذا الصدد ناقش مجلس الوزراء مطالب المواطنين وتوفيرالخدمات وفرص العمل فى جميع القطاعات، واتخاذ الاجراءات والتدابير والآليات السريعة لذلك بما يخدم المواطن ومؤسسات الدولة وتنشيط الاقتصاد مخصصاً مبلغ من (3) مليارات دولار لتغطية هذه الشواغل.


 ماهى آخر تطورات الوضع فى كردستان العراق ؟
- التطورات فى كردستان العراق طبيعية جدا، والكتل السياسية الفاعلة فى الاقليم تتحرك حالياً ضمن اجواء الحوارات الموسعة مع الكتل السياسية الاخرى من اجل الوصول إلى تشكيل سريع للحكومة القادمة.
 

 

 
 
 

احمد جلال

محمد البهنساوي