حكايات| أبو «دقة» جنان.. «الكشري» أكلة ليست مصرية

متعة المصريين مع الكشري  - أرشيفية
متعة المصريين مع الكشري - أرشيفية

حين حاول محمد صلاح الإمساك بتلابيب، إحدى الأكلات المصرية الشهيرة، متفاخرًا بها أمام محاورته في «CNN»، قدم الكشري كأجمل طعام يظهر فيه «المزاج المصري»، شارحًا إياه بأنه «كوكتيل مكرونة» مضاف إليه «صوص أحمر».. لكن هل كان صلاح يعلم أن الكشري ليس أكلة مصرية في الأساس؟

 

السر في «العلبة»

 

لا يخلو بيت مصري من رائحة «تقلية ودقة» الكشري،  لكن التاريخ يتحدث عن أنه ليس «طبقا مصريا خالصا»؛ وإنما عرفته مصر مع اندلاع الحرب العالمية الأولى، وتحديدًا عندما فرضت بريطانيا الحماية على مصر عام 1914.

 

مع هذه «الحماية» بدأت قوات إنجليزية تأتي إلى مصر، وكان من بينهم جنود هنود، جلبوا معهم تلك الأكلة التي كانوا يطلقون عليها «كيتشدي»، وكانت خليطا من الأرز والعدس أبو جبة.

 

اقرأ حكاية أخرى| سمك سندريلا وعيون خضراء.. أسرار صيادين «على باب الله»

 

اختلط المصريون بالجنود الهنود،  من خلال التعاملات اليومية وعمليات البيع والشراء، وهنا عرف أبناء المحروسة هذه الأكلة، وانتشرت بينهم، والبداية كانت في الأماكن التي كان يقطنها الأقليات الإيطالية، الذين أحبوا هذه الوجبة وأضافوا عليها المكرونة.

 

التاتش المصري

 

بمرور الوقت صارت «كيتشدي» وجبة أساسية في البيوت المصرية، وأضافوا إليها من مصريتهم؛ فضموا إلى الوجبة الصلصة الحمراء الحارة والدقة التي تتكون من مزيج من الثوم المهروس والخل والشطة الحمراء، والبصل المحمر ورشوه على وجه طبق الكشري، بالإضافة إلى الحمص، ومن يومها صار الكشري علامة من علامات المطبخ المصري.

 

اقرأ حكاية أخرى| «فياجرا الدمايطة».. قصص المُتعة مع الشبار الأخضر

 

ولعل أول من ذكر «الكشري» في التاريخ هو ابن بطوطة، في كتابه «تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار»، وفي فصل وصفه للهند،  قال عن الكشري: «يطبخون المنج مع الأرز ويأكلونه بالسمن ويسمونه كشري.. وعليه يفطرون في كل يوم..  وكلمة كشري مشتقه من اللغة السنسكريتية وتعني أرز مع أشياء أخرى».

 

وبالتأكيد هناك طرق أخرى لطهي الكشري في عدد من المناطق، وإن كان المذاق المصري هو الأكثر شعبية في العالم الآن.

 

في بلاد «بوليود»

 

«كيتشدي»، هو الاسم الرسمي للكشري في الهند، ويتكون بالأساس من الأرز والعدس المطهي بالدسم والبهارات، ويتمتع بنكهات متعددة تختلف من ولاية لأخرى؛ ففي شرق الهند على سبيل المثال، تتم إضافة بذور الكمون إليه، وبهارات مثل القرفة، والهيل، والقرنفل، وأوراق الغار.

 

اقرأ حكاية أخرى| أكلات العيد عمرها مئات السنين.. «على كل شكل ولون»

 

وتحتوي بعض الوصفات على قليل من الأنجدان – أحد أنواع التوابل-  كما يضاف إلى الكشري أحيانًا الزنجبيل، والفلفل الأخضر، ومجموعة من البهارات المطحون مثل الكركم، والكمون، ومكسرات الكاجو، والزبيب أحيانًا، مع إضافة كمية وفيرة من الدسم.

 

مذاهب أخرى بالعراق والشام

 

أما الكشري في الشام فيسمى المجدّرة، ويطبخ ويقدم بطريقتين، الأولى تتمثل في البرغل المخلوط بالعدس الأسود المسلوق، ويقدم حار أو بارد وخصوصًا عندما يكون الأرز والعدس مهدي على زيت الزيتون بدلا من السمن البلدي، والثانية عندما يتم تناوله ساخن ومن المعتاد تناوله مع اللبن الرائب.

 

وأخيرًا في العراق؛ حيث يطبخه أهل دجلة والفرات بالأرز والعدس الأصفر المجروش ويقدم عادة مع كبة الحامض ويعتبر مكملا لها.