حوار| رئيس جامعة الفيوم: أنشأنا مركز «فقه الواقع» لمواجهة المتلاعبين بالعقول

د.خالد حمزة
د.خالد حمزة

- دعم الرئيس للجامعة «غير مسبوق» ونعمل بقوة لمحاربة التطرف 

تمثل الجامعات المصرية خط تماس مهمًّا فى الآونة الأخيرة لمواجهة المتلاعبين بالعقول الذين اعتادوا استخدام ساحات الجامعات لبث سمومهم فى عقول الطلاب دون رادع فكرى مضاد؛ حتى بدأت فى السنوات الأخيرة نهضة واعية فى العقل الجمعى الجامعى بدأت تلتفت إلى خطورة ذلك فأنشأت مراكز مهمة للتنوير الثقافى والاتصال الجماهيرى مع الطلبة لتحصين عقولهم من الأفكار المتطرفة وزرع بذور التنوير من ناحية أخرى.. وهذا ما فعلته جامعة الفيوم بطريقة منهجية بقيادة الدكتور خالد حمزة «رئيس الجامعة» الذى حرص على إنشاء مركز دولى لفقه الواقع وتجديد الخطاب الدينى يحضره وزير الأوقاف وعلماء من الدول العربية والأوربية بالاضافة إلى الإنشاءات الحديثة التى تتجاوز قيمتها مليار جنيه.. فى هذا الحوار الكثير من الحلول الواقعية لمواجهة الآراء الشاردة:

 

< كيف تتفاعل مع المتطلبات العقلية والفكرية المتغيرة لشباب الجامعة.. رغم اختلاف الاهتمامات؟


- بالإضافة إلى الفعاليات المهمة التى أشارك الشباب فيها بالحضور والاستماع إليهم، فإننى قد عملت فترة طويلة مسئولا عن شئون الطلاب، نائبا لرئيس الجامعة، قبل أن أكون رئيسا للجامعة، وهذا المنصب يجعلك فى لقاء مستمر مع عقول شابة لديها قدرة على الإضافة والتفكير، والسعى للوصول إلى حلول ناجزة للمشكلات التى تقابلك فى حياتك، فهذه الفترة كان لها تأثير قوي، وتركت أثرا كبيرا فى تكويني، فجعلتنى وثيق الصلة بهؤلاء الشباب أستمد منهم القدرة على مواصلة العمل، وربما يكون اللقاء بهم ورؤية الفرحة فى أعينهم من أهم الذكريات التى تظل متقدة معى وأتذكرها دائما وتدفعنى لمواصلة العمل بكل جد واجتهاد.


< تملك جامعة الفيوم مركزا مهما لفقه الواقع وتجديد الخطاب الدينى.. هل هناك توافق بين المركز والبيئة المحيطة به، أم يقف دوره عند حدود المؤتمرات؟


- كان إنشاء هذه المركز منطلقا من حاجة ملحة وحضارية ترتبط بمحافظة الفيوم، لأننا جميعا نعرف مدى قوة الانتماءات الأيديولوجية العديدة هنا، ومن ثم كان دور الجامعة فى إنشاء مثل هذا المركز ضرورة حتمية يوجبها السياق الحضارى الذى يمر به الوطن، والإطار الذى تمر به محافظة الفيوم، وخطة المركز خطة طموح قائمة على الفعالية والتأثير فى البيئة المحيطة، ودوره لا يقف عند حدود عقد مؤتمرات فقط وإن كان ذلك الدور مهما، وإنما يتخطى ذلك فى عقد ندوات ولقاءات خارج الجامعة، فى المساجد الكبرى بالمحافظة، فهدف المركز الأساسى الوصول إلى خطاب دينى معتدل يكفل الحرية للجميع، ويضع الجميع وفق انتماءات متباينة على مسافة واحدة فى الحقوق والواجبات، وألا يكون هناك تمييز لشخص نتيجة لدينه أو مذهبه، فالدين علاقة روحية بين العبد وربه، ولكن الوطن حق مشروع للجميع. إذا كان هذا الهدف الأساسى للمركز فهو ينطلق من رؤية استراتيجية للجامعة تتمثل فى العلاقة الحيوية بين الجامعة والواقع المحيط، فإن ذلك يحقق رسالة الجامعة، بحيث تتحول فى كل المجالات إلى بيت خبرة له تأثير كبير فى الإسهام فى حل الإشكاليات الفكرية التى تحيط بنا.


< يؤكد الرئيس دوما على فكرة الدعم المتواصل للجامعات، ما أهم ما تحتاج إليه جامعة الفيوم لتقوم بدورها الثقافى؟


- دعم الرئيس السيسى للجامعات غير محدود، وهو دعم يضع على أعناقنا التزامات وأدوارا مهمة وضرورية، بل يمكن القول إنها حتمية، وعلى كل جامعة أن تؤدى هذه الأدوار فى جميع المجالات بكامل الكفاءة والشفافية، وإذا نظرنا إلى الدور الثقافى الذى تقوم به جامعة الفيوم فيمكن القول إنه دور كبير، ففى السنوات الأربع الأخيرة أقيم مؤتمر ثقافى لشباب الجامعات، ومسابقة أمير شعراء الجامعات المصرية، بالإضافة إلى مشاركة شعراء ومبدعى جامعة الفيوم من الطلاب فى معرض القاهرة الدولى للكتاب فى السنتين الأخيرتين، وكان لهم حضور قوي. إننا لا نستطيع أن نفصل الدور الثقافى للجامعة عن الدور الثقافى العام لمحافظة الفيوم، فهما يشكلان وحدة متكاملة، بالإضافة إلى أن هذا الدور الثقافى لا يمكن لمسه بسهولة، فنحن بحاجة فى هذا الإطار إلى قياس الأثر لنعرف عدد الفاعلين والمؤثرين من خريجى الجامعة فى المجالات المختلفة.


< تعمل جامعة الفيوم على إنشاءات عديدة بالمباني، فهل يوازى ذلك بناء آخر للقدرات الفكرية للطلاب؟


- حين توليت المسئولية كان لدى حلم كبير قائم على التخطيط العلمى والمنهجي، هو أن أرى جامعة الفيوم من الجامعات العريقة فى مصر، وأن تكون جامعة مرموقة فى سياقها الإقليمى والدولى على الرغم من حداثة النشأة، وهذا الحلم فى تحقيقه له طريقان مهمان ومتوازيان، الطريق الأولى تتمثل فى التوسع الأفقي، وهذا التوسع لن يتم إلا بإنشاء كليات جديدة، انطلاقا من السياق الحضارى لمحافظة الفيوم، والحاجة الملحة لأبناء المحافظة فى وجود مثل هذه الكليات لتفادى الاغتراب والبعد عن الأهل، فبدأنا بإنشاء مبان جديدة تجاوزت مليار جنيه وافتتاح بعض الكليات الجديدة منها الصيدلة، وطب الأسنان، وكلية الحقوق، والتربية الرياضية وفى الطريق افتتاح كلية التجارة والطب البيطرى والعلاج الطبيعى ونحلم بالوصول بكليات الجامعة لـ20 كلية، ولم يكن إنشاء هذه الكليات سهلا، وإنما كان طريقا صعبا للغاية، ويحتاج دعما غير محدود من الوزارة والقيادة السياسية، ويحتاج أيضا قدرات إدارية لها قدرة على العمل الجاد والحلم المحسوب بدقة، ويحتاج أيضا -وهذا شيء مهم- تعاونا من الجميع. أما الطريق الأخرى فتتمثل فى استمرار المنجز العلمى والأكاديمى على قيمته ونصاعته دون تأثر بالرغم من الانشغال بالطريق الأولى فى التوسع الأفقي، أى أن تظل طبيعة المخرجات على عافيتها وجودتها، وأن تكون فى تطلع قوى للمزيد. يتبقى لنا أن نكمل هذا المشوار فى إطار الخطين المتوازيين للجامعة انطلاقا من هدى خطة التطوير المصرية.


< ما أهم الآليات التى تتخذها جامعة الفيوم لدعم الاتجاه القومى لدى الطلاب؟


- هناك فى هذا الإطار مجموعة من الآليات المهمة والفاعلة، منها الأنشطة الطلابية وأى حصر منصف للأنشطة الطلابية التى تقوم بها جامعة الفيوم سيدرك أن الجامعة لديها وعى كبير وفاعل لقيمة الدور الحيوى الذى يتحتم عليها أن تقوم به فيما يخص قيمة المواطنة والانتماء للإنسان فى وجوده الرحب، فبداية سيجد المراقب حرص الجامعة فى موسمها الثقافى الممتد على استضافة علماء ونماذج مرموقة فى المجالات المختلفة، وهم علماء بعيدون عن التحزب الأيديولوجى الضيق.


الانفتاح على الآخر

< وكيف يتم اختيار الشخصيات التى تتم استضافتها فى هذه المؤتمرات؟


- أولى السمات التى أسأل عنها فى استضافة شخص فى ندوات ولقاءات الموسم الثقافى للجامعة هو البعد عن الانتماءات الحزبية الضيقة، بحيث يكون فكره المقدم إلى أبنائنا الطلاب متسمًا بالانفتاح على الآخر دون تقييد بتوجه أيديولوجى أو حزبي. الآلية الثانية تتمثل فى المؤتمرات الدولية التى تعقدها الجامعة، وهى مؤتمرات على نحو كبير من الأهمية، وكان آخر هذه المؤتمرات وثيقة الصلة بسؤالك المؤتمر الدولى لكلية دار العلوم فى الفترة من 5-7 ديسمبر 2017م «التنوع الثقافى وقضايا الهوية».


< متى نرى جامعة الفيوم من الجامعات ذات الترتيب العالمى؟


- هذا السؤال لا يمكن الإجابة عنه بسهولة كما يبدو للبعض ممن يطلقونه أو من بعض من يجيبون عنه إجابة بلاغية لا تخلو من تحيز للجامعة أو رؤية قد ترتبط بالمتخيل أكثر من الارتباط بالواقع، وسوف أعود إلى إجابتى عن سؤال سابق فقد قلت حين توليت رئاسة جامعة الفيوم كان لدى حلم أن تأخذ هذه الجامعة مكانتها بين الجامعات المصرية والإقليمية والعالمية، وهذا الحلم فى طريقه للتحقق، لأننا فى هذه اللحظة مهمومون أكثر بالتوسع الأفقى لإنشاء واستحداث كليات جديدة أصبح وجودها ضروريا لأبناء محافظة الفيوم والمحافظات المجاورة.


< وكيف تعملون للتأسيس لأفكار مغايرة للمخرجات التعليمية الخاصة بجامعة الفيوم؟


- حين يتم استكمال الإطار العام من بناء الكليات سوف يتوجه الاهتمام بالطبع فيما هو قادم فى الانتصار والتأسيس لفكرة المغايرة والتفرد فى المخرجات الخاصة بكليات الجامعة، ويمكن القول إن هذا التوجه- حتى نكون واقعيين- لن يكون سهلا، لأننا فى هذه الجزئية بالذات نتحدث عن سياق تنافسى بين جامعات مصرية وإقليمية وعالمية، ولكننا سنظل مشدودين إلى العمل الجاد والإتقان للوصول إلى الحلم القائم على التخطيط العلمى الذى وضعناه محركا أساسيا للتوجه، ويمكن الإشارة فى ذلك السياق إلى أن جامعة الفيوم من أجل الوصول إلى هذا الهدف قامت بعقد عدد كبير من التفاهمات والاتفاقيات والبروتوكولات مع جامعات عالمية للتبادل العلمى والأكاديمي، وقامت بإنشاء عدد من المراكز البحثية المتخصصة.


محاربة العنف

< تحتاج المرأة الصعيدية إلى مزيد من الدعم الثقافى والعلمي.. ماذا تقدم الجامعة لدعم المرأة الفيومية؟


- للمرأة فى جامعة الفيوم وجود خاص وفاعل، سواء فى الوظائف الإدارية العليا بالجامعة، أو فى إطار أعضاء هيئة التدريس، أو فى إطار الكادر الإداري، وهذا شيء طبيعى، لأن المرأة نصف المجتمع، فالكفاءة العلمية والإدارية لا ترتبط بتصنيف بيولوجى، وجامعة الفيوم تقدم فى برنامجها الثقافى ندوات خاصة بالمرأة سواء على مستوى الجامعة أو على مستوى الكليات، وأنشأت الجامعة من فترة ليست بعيدة «وحدة محاربة العنف ضد المرأة»، بالإضافة إلى جهود الجامعة الخاصة فى مشروعها الحيوى فى محو الأمية بالمحافظة، وهناك مشروع مقدم لتأسيس مركز بحثى خاص بدراسات المرأة يتوزع إلى اهتمامات علمية عديدة وإلى تخصصات مختلفة.