فيديو وصور| رحلة العلاج في «مستشفى 57357» من الألف للياء

الأقسام الداخلية في مستشفى 57357
الأقسام الداخلية في مستشفى 57357

الملابس والألعاب والبواريك أبرز التبرعات.. وملايين الجنيهات تدخل صندوق المستشفى

زكريا.. الطفل المعجزة يبهر الموظفين بـ«القرآن».. ومسابقة الإبداع تكشف الستار عن المواهب

رسومات للاعبي المنتخب على حوائط غرف الأطفال.. ومحمد صلاح صاحب النصيب الأكبر

«الصيدلية».. مصنع إنتاج «جرعة الكيماوي».. وممرضة: «كله بالكمبيوتر»

المتطوعون في لحظة الوداع: «مستمرون في دعم 57».

 

«رحلة من الألم نحو الحياة».. شعار اتخذته مستشفى «57357»- أكبر صرح طبي في العالم لعلاج الأطفال من السرطان- والتي تحتضن آلاف المرضى في رحلة أمل ترعاها أدعية الأمهات وجنيهات المصريين.

خلال الأيام الماضية، تعرضت المستشفى لسيل من الهجمات، بعضها تعلق باتهام الإدارة بارتكاب مخالفات مالية جسيمة، وأخرى ارتبطت بجباية ملايين الأموال من التبرعات وصرفها على رواتب العاملين، والإعلانات بالفضائيات والصحف، ما دفعنا إلى زيارة المستشفى؛ لرصد الحقيقة كاملة.

 

المشهد من الداخل والخارج

المشهد داخل المستشفى يختلف كثيرًا عن الخارج، فعلى الأبواب تجد عشرات المرضى وذويهم يفترشون الأرصفة، وتلفحهم حرارة الشمس الحارقة، في انتظار فرصة للدخول، أما في الداخل، فالمستشفى بمثابة مجمع طبي فاخر لخدمة الأطفال المرضى، بداية من لحظة الموافقة على الدخول وحتى الخروج متعافيين من المرض اللعين.

 

الاستقبال.. ضحك ولعب وجد وحب

تحول صحن المستشفى إلى ساحة للعب الأطفال، تتجسد به مشاهد متناقضة تجمع بين الضحك واللعب والجد والحب، وذلك وسط مداعبة «البلياتشو» بألوان ملابسه المبهجة، وتواجد  58 كرسيًا في الاستقبال لنقل المرضى إلى الداخل، بعد تصريح الموافقة الذي يشترط عدم خضوع الطفل للعلاج في أي مكان في الخارج.

فيما تراص عدد كبير من الشباب المتطوعين لرسم البسمة على وجوه الأطفال المرضى، مع عرض إعلان الفنان تامر حسني مع الأطفال عبر شاشات عرض.

 

صندوق التبرعات

ومن الاستقبال إلى صندوق التبرعات، حيث أكد لنا أحد المسئولين في المكتب، أنهم يستقبلون التبرعات بمختلف أشكالها، من الملابس والألعاب والبواريك «شعر مزيف»، وكذلك التبرعات بالأموال، بدء من جنيه المواطن الغلبان وصولا لملايين رجال الأعمال والمؤسسات الاجتماعية العريقة، والمجتمع المدني.

 

وأضاف أن التبرعات في رمضان تتضاعف مرتين أو ثلاث مرات، لكونه شهر الخير، فيرسل ملايين المصريين زكاة الفطر إلى مستشفى 57357 إيمانا منهم أنها الأحق .

 

 الشيخ والقس.. ومسابقة الإبداع

انتقلنا إلى غرفة العلاقات العامة، التي اجتمع فيها الشيخ والقس، واستقبلنا الشيخ محمود الشوبكي، أحد مشايخ الأزهر المتطوعين في المستشفى، وشرح لنا طريقة العلاج النفسي والروحاني للطفل المريض منذ لحظة دخوله المستشفى وحتى خروجه متعافيًا.

 

قال «الشوبكي» إنهم يبدءون برنامجهم بالتنمية الوجدانية للطفل، من خلال تهيئة الطالب لرحلة المرض، مضيفًا: التعامل مع الأطفال المرضي صعب جدًا إلا أننا نبدأ بدعمه وجدانيًا، بالرد على كل أسئلته الخاصة بالمرض، ونعمل على تهيئته نفسيا ثم جسديا للعلاج.

 

وتابع: نعمل أيضًا على دعم نفسية الطفل من خلال تعريفه أن المرض ابتلاء، وأن الله سيشفيه، ثم نكون دائرة معارف حوله من الأطباء والتمريض والمعالجين النفسيين، فدورنا هو زرع الأمل في نفس الطفل لدعم قدرته على مواجهة المرض.

 

وأضاف: « نجيب على أسئلة الأطفال، ومن بينها ليه ربنا ابتلاني؟ ليه أنا؟ هل هذا رضى أم غضب من الله؟ ومتى سيشفيني؟».

 

أصعب حالة

وعن أصعب حالة قابلته، قال الشيخ محمود: «هو الطفل أحمد 12 سنة، كان يتناقش مع الأطباء، وفاهم أنه هو مريض بالسرطان، وكان يعرف كل مراحل العلاج، وكان لديه تصورات تشاؤمية عن الله سبحانه وتعالي، وكان يرى أن الله يتربص به، ويريد الانتقام منه، وتفاعلنا معه، وبدأنا في تصحيح المفاهيم، وإصلاح قلبه، ومن ثم استجاب لرحلة العلاج، وشفى تماما من المرض، وخرج بعد حديثنا معه بشهرين».

 

واستطرد: «نظمنا أكبر مسابقة للإبداع في المستشفى، شارك بها 30 طفلا، نجح منهم 27، وجزء منها تخصص لحفظة القرآن، واكتشفنا مواهب كثيرة، بينهم طفل 7 سنوات، حفظ 27 جزء من القرآن».

 

المفاجأة.. والطفل المعجزة

وأضاف الشخ الشوبكي: «أما المفاجأة الكبرى في المسابقة، فكانت الطفل زكريا محمد زكريا، وأقول عنه الشيخ زكريا 4 سنوات»، مضيفًا: «كان 4 سنوات، ونجح في تقمص دور الشيخ، فكان يؤذن ويتلو أحاديث نبوية، فهو الطفل المعجزة للمستشفى حاليًا، وكذلك الطفل جرجس الذي يجلس في الكنيسة ساعات طويلة، ويتمنا أن يكون قسًا».

 

كنيسة المستشفى.. قداس المتطوعين

وتابع: ننظم قداس يومي الأحد والأربعاء باستمرار، كما يفتح المسجد أبوابه للأطفال وذويهم في كل الأوقات.

 

التقينا داخل الكنيسة 15 فردا من فريق «قلوب فرحانة» من أحد الجامعات المصرية، حيث قال ماجد إسكندر، قائد الفرقة، إنهم متطوعين لخدمة وإسعاد أطفال 57357.

 

وأضاف: « هذه الزيارة هي الخامسة للمستشفى، ونحاول في 57357 تقديم المحبة للأطفال بدون مقابل، وننظم حفلات لإسعادهم في محاولة لمساعدتهم على تجاوز محنة المرض»، مؤكدا: «مستمرون في دعم أطفال 57».

 

يوسف.. طفل المسجد

ثم تجولنا في أدوار المستشفى الستة، والبداية من مسجد المستشفى بالدور الثاني، حيث جلس الطفل «يوسف» سنة ونصف السنة في المسجد، لأداء صلاة الظهر، بعد أن نزل من غرفته الكائنة بالدور الخامس لأداء فريضة الله.

 

وبعد انتهاء يوسف ووالده من صلاة الظهر، بدءوا في تلاوة آيات من القرآن الكريم .. تركناهم وتوجهنا إلى الدور الثالث بعد أن انشغلوا في التلاوة.

 

الصيدلية.. وإعداد عينة الكيماوي

وعلى الجانب الأخر، وقفت أسماء محمد «ممرضة»، أمام جهاز كمبيوتر في قسم العلاج الكيماوي، التي كان بمثابة خلية نحل، لإعداد عينات الكيماوي للأطفال المرضى.

 

وأخذت «أسماء» في ترتيب أدوار المرضى للحصول على «جرعة كيماوي» لتسكين الوجع، وأكدت لنا أن كل مريض يدخل المستشفى له ملف علاجي بـ«باركود» خاص، وعندما يخضع لجلسة الكيماوي نسلم لذويه الجرعة، مضيفة: «كله بالكمبيوتر».

 

وذكرت أنها تدير عملها بالكمبيوتر والأرقام، متابعة: «تعلمت من الأطفال الصبر، وسأواصل خدمة 57 حتى أخر يوم في حياتي».

 

كريم «مريض اللوكيميا».. والواسطة

صعدنا إلى الدور السادس،  حيث توجد غرفة الطفل «كريم» مريض اللوكيميا مع والدته، التي قالت: «احنا من الفيوم، وجينا من 4 شهور وكشفنا في العيادة، وبعد 4 أيام اتصلوا بينا، ودخلنا وأخدنا سرير».

 

وأكدت: «معنديش واسطة، ومدفعتش ولا قرش، وباخد جرعة الكيماوي لكريم، وكله ماشي هنا بالنظام».

 

ولاحظنا رسومات لاعب المنتخب الوطني محمد صلاح على حائط غرفة «كريم»، وبدوره قال «كريم» أنه يجلس مع صديقه «علي» يوميًا للعب، والرسم، مضيفَا: «رسمنا  اللاعيبه اللي دخلوا كاس العالم»-بحسب قوله-.

 

فيما علقت والدته، قائلة: «كنا جايين مدمرين نفسيًا، إبني كان في المرحلة المتوسط، بس حالته بتتحسن، وان شاء الله هيخرج قريب».

 

العلاج بالفن

وأكدت إحدى الطبيبات بالمستشفى، أنهم يعملون على خدمة الأطفال بالتعاون مع طاقم التمريض، باعتبارهم أولادهم، مؤكدًا أن العلاج لا يقتصر على الجانب الطبي فقط، بل يمتد للنفسي، وكذلك العلاج بالفن.

وأضافت أنها تشرف على 5 غرف بالدور الخامس، كل غرفة يسكنها طفل، ويتم تنظيم برنامجه اليومي، لضمان كل وسائل الأمان والسلامة لهم.

 

دور المتطوعين

وأخيرًا، على باب الخروج من المستشفى، التقينا فريقا من طلاب كلية التربية بجامعة بنها، خلال زيارتهم للأطفال.

 

وقال أحمد عبدالحميد، قائد الفريق: نحن ننظم فعاليات فنية للأطفال، ونلعب معهم ليوم كامل، لإسعادهم، ونحاول الشعور التخفيف عنهم بكل الطرق.

 

وتابع في نهاية حديثه: «واحنا دايما معاهم.. مروحين وجايين تاني لأطفال 57، ربنا يشفيهم».