حكايات| كنوز في رمال البرلس.. استخراجها يستغرق 20 عاما

عمليات التنقيب في الرمال السوداء
عمليات التنقيب في الرمال السوداء

وكأنها مغارة مفتوحة تبحث عمن يمد يده فيها ليستخرج ملايين الأطنان من «الكنوز » القابعة في رمال البرلس التي تضع كفر الشيخ ومن خلفها مصر على الخريطة العالمية لـ«المعادن الثقيلة»، والإمساك بصناعات نادرة.
كنز  الساحل الشمالي بكفر الشيخ يكمن في 300 مليون طن من الرمال السوداء، تنتظر من يحولها إلى عناصر مستخرجة تمطر مليارات الجنيهات؛ لكنها في النهاية لا تزال مهدرة.

بمتوسط تركيز 3,5% من العناصر المعدنية الثقيلة تمتد منطقة الرمال السوداء بالبرلس بطول 22 كيلو متر، يتوقع تحقيقها عائد اقتصادي يقدر بأكثر من 300 مليار جنيه، بحسب دراسة أعدها الدكتور عبد الله علام أستاذ الجغرافيا وعميد كلية الآداب بجامعة كفر الشيخ.

كنوز منهوبة

أكثر من 40 عنصرًا معدنيًا تدخل في صناعات حيوية وإستراتيجية، منها «الألمينيت والهيماتيت والمجناتيت والروتيل والزيركون وعناصر مشعة كالمونازيت»، جميعها معادن تدخل في صناعة المفاعلات النووية والدهانات والأصباغ والبلاستيك والمطاط ومستحضرات التجميل والسيراميك وهياكل الطائرات والمحركات، وجميعها رهن إشارة من يستخلصها من تلك الرمال.

علميًا، تتركز الرمال السوداء في المواقع القريبة من مصبات الأنهار، والمفاجأة أن مصر تمتلك أكبر احتياطي من الرمال السوداء على مستوى العالم بطول سواحلها الشمالي، ومصدر العناصر المتواجدة بالرمال السوداء يعود إلى الجبال التي ينحدر منها نهر النيل داخل الدول الإفريقية؛ حيث حمل النهر هذه العناصر إلى منطقة المصب وترسبت على طول السواحل الشمالية.

اقرأ حكاية أخرى: «شيشنجية مصر».. سر تحويل التراب إلى ذهب (ملف تفاعلي)

الأزمة الحقيقية أن هذه الرمال تعرضت للنهب من قبل عصابات تهربها إلى الخارج منذ فترة طويلة، وحتى وقت قريب كان يتم بيعها من خلال أجهزة المحافظة نفسها بـ15 جنيها عن السيارة الواحدة، واستخدام الأهالي لها في بناء المنازل وهو خطر كبير؛ حيث أثبتت الدراسات أن العناصر المشعة «المونازيت» التي تحتوي عليها هذه الرمال تتسبب في الإصابة بأورام سرطانية خطيرة خلال 10 سنوات على أقصى تقدير في حالة التعرض لها بصفة مستمرة.

الاتزان البيئي

وفي محاولة للملمة الأوراق، سارعت محافظة كفر الشيخ بإقامة مصنع ضخم لاستخلاص العناصر المعدنية الثقيلة من رمال البرلس السوداء على مساحة 80 فدانًا بمنطقة البرلس لاستغلال الثروة المعدنية الكبيرة التي تمتلكها المحافظة، والتي ستغير الخريطة الاستثمارية بها، وسيصبح جاهزًا بحلول العام 2020، بحسب ما أكده اللواء السيد نصر محافظ كفر الشيخ، فيما سيقام باستثمارات تبلغ حوالي مليار جنيه. 

ومع تزايد الحديث عن تعرض هذه المنطقة للغرق بمياه البحر المتوسط نتيجة استخلاص المعادن من الرمال، تمسك محمد أبو غنيمة السكرتير العام المساعد لمحافظة كفر الشيخ بالتأكيد على أنه لا خوف على الاتزان البيئي بالمنطقة؛ حيث إن المشروع سيقوم على استخلاص العناصر المعدنية فقط من الرمال التي سيتم إعادتها أولا بأول لمكانها للحفاظ على طبيعة المنطقة وحمايتها من الأمواج.

اقرا حكاية أخرى: «أمشير».. أوله «خدعة» وأوسطه «كارثة» وأخره «فرحة العجوز» 

ولمدة تصل إلى 20 عامًا فإنه سيتم استخراج المعادن من هذه الرمال، خصوصًا مع وضع ضوابط صارمة لمنع تهريب الرمال السوداء من خلال التحفظ على السيارة المستخدمة في التهريب وتغريم قائدها 20 ألف جنيه، وإعادة الرمال إلى مكانها مرة أخرى، وفقًا لـ«أبو غنيمة».

بروتوكول للاستثمار
واليوم تضع الشركة المصرية للرمال السوداء فصلا جديدا لهذه الكنوز كشركة مساهمة مصرية تابعة لجهاز مشروعات الخدمة الوطنية للقوات المسلحة، حيث وقعت مع شركة (MINERAL TECHNOLOGIES) الأسترالية بروتوكول تعاون لتوريد وتركيب مصنعي الفصل والتركيز لمشروع فصل المعادن الاقتصادية من الرمال السوداء بمنطقة البرلس بمحافظة كفرالشيخ، وكذلك تدريب الكوادر الفنية المؤهلة لتشغيل المصانع.