حكايات| مفاجآت إجازات «الفراعنة».. العامل يرافق زوجته بعد «الوضع»

إجازات الفراعنة اختلفت ما بين إجازة وضع ومرض وزيارة قبر الوالدين
إجازات الفراعنة اختلفت ما بين إجازة وضع ومرض وزيارة قبر الوالدين

لم يترك قدماء المصريين شيئًا للصدفة، فكل حجر مستخدم في أعمال بناء، تم وضعه في موقعه بـ«المليمتر»، وهذا ما تم بالحرف الواحد في الأقصر حين بدأت سلسلة بناء المعابد ومقابر الملوك.

قبل آلاف السنوات، وضع المصريون نظامًا صارمًا للعمال يتبنى الواجبات والحقوق، وظلت مدينة العمال بمنطقة دير المدينة بالأقصر شاهدًا حيًا على أسرار ومفاجآت عن حقوق ربما لا توجد في بعض الدول الآن.

في فترة من أزهى عصور مصر، سكن أمهر حرفيي وعمال مصر منطقة دير المدينة بالأقصر، وخصوصًا قاطعي الأحجار، الذين حفروا أعظم مقابر في التاريخ والنقاشين والرسامين الذين نقشوا ورسموا أروع المناظر فتحدوا بألوانهم الزمن؛ حيث بلغ عدد سكان مدينة العمال حوالي 400 أسرة، بحسب «مجدي شاكر - كبير الأثريين بوزارة الآثار».

كثير من نصوص الهيروغليفية كشفت عن أسرار ارتبطت بهؤلاء العمال وأحوالهم في مصر القديمة، إذ أوضحت عن  أن مصر كان بها نظام إداري يحترم العمال وحقوقهم سبق الدنيا بأثرها قبل اختراع القوانين، إذ كان العمال في مصر القديمة يعملون بحد أقصى 8 ساعات يوميًا، ونادرا ما قدم عامل فوق هذا العدد من الساعات، كما كان للعامل فترة من الراحة أثناء العمل، ولم يتم إجبار عامل يومًا على أداء أعمال قاسية أو غير مرغوب فيها.

ومن المفاجآت أيضًا، أنه كان قديمًا يوجد بموقع العمل سجلا يُدون فيه الحضور والانصراف لكل العمال؛ حيث عثر على قطعة حجر بالمتحف البريطاني عليها أسماء أكثر من 43 عاملا وعدد أيام غيابهم.

وتمتع عمال مصر القديمة بإجازة ثلاثة أيام في الشهر يقضونها مع أهلهم وذويهم، بالإضافة إلى العديد من أيام الإجازات التي تمنح بمناسبة الاحتفالات الدينية أو الوطنية؛ حيث بلغ إجمالي أيام الإجازات حوالي 42 يومًا في العام.

وللعامل الفرعوني حق التغيب عن العمل؛ لكن بعذر مقبول يعرضه على رئيسه في العمل، ومن الحالات التي تم سردها لأعذار التغيب عن العمل مرض العامل أو أحد أقاربه، وكذلك قيام العامل بإصلاحات منزلية أو الاحتفال بعيد ميلاده أو ميلاد أحد أبنائه، أو زيارة مقبرة أحد والديه أو الخدمة في المعبد؛ بل إن رئيس العمل منح أحد العمال إجازة طويلة للبقاء برفقة زوجته عقب ولادتها.

اقرأ حكاية أخرى: 3 حضارات قديمة بطشت بالمتحرشين .. «العبودية» عقوبة

ورغم ذلك كان للعامل في مصر القديمة الحق في الإضراب إن لم يتحصل على أجره الشهري في الموعد المحدد، ويرصد التاريخ أول إضراب عمالي في العالم، والذي حدث في عهد الملك رمسيس الثالث حوالي عام 1152 ق.م، وهو العام 29 لحكم ذلك الملك العظيم، واستمر الإضراب لمدة 11 يومًا، وفقًا لـ«شاكر».

حينها رفض العمال الاستمرار في عملهم، وأعلنوا العصيان حتى تُصرف رواتبهم أولاً، والتي تأخرت 18 يومًا؛ حيث رفعوا شكواهم لرئيس العمال المدعو (نفر- حتب)، وكان المسئول عن متابعة مستحقات العمال وجاء فيها: «نحن جوعي لقد مضت 18 يومًا بدون طعام» فكتب (نفر- حتب) تقريره ورفعة إلى الوزير (تو) وجاءت كلماته لتعبر عن العمال، فقال: «إن العمال في بؤس شديد، وعلى حافة الموت جوعًا».ومع عدم معرفة المصريين القدماء للعملة بعد، كان لكل عامل راتب شهري من الغلال والحبوب بحيث تكفيه وأسرته طوال الشهر، كما عرف المصريون نظام الأجر المتغير فقد كان يمنح العمال حوافز نتيجة جهد زائد في العمل وكذلك عرف المصريون المكافآت التشجيعية نتيجة للقيام بأعمال هامة وصعبة وكلها كانت سلع تموينية يحصل عليها العمال وذلك كله قبل اختراع القانون الإداري.

اقرأ حكاية أخرى: بأي لغة كلم الله نبيه موسى؟.. ليست «العربية»

أما الملك أمنحتب الأول فكان أول من فكر في تكوين طائفة خاصة من العمال والفنانين والنحاتين ولهذا أصبح محل تقديس بعد وفاته، وخصص لهم قرية بين وادي الملوك والملكات، وكانت محاطة بسور سميك وكان بها 70 منزلا بملحقاتها وكانت منازلهم بسيطة عبارة عن عدد من الحجرات وسلم يؤدي إلى السطح، وتضم أثاثًا بسيطًا، وتضاء ليلا بالزيت وكانت بها محكمة شكلت من أهالي القرية، ومن ضمنها سيدتين لتفصل في الخلافات بين أهالي القرية، ومكتب لإدارة شئونهم يحق لهم الشكوى به ومجلس محلي.