من «عراجين البلح» لـ«اللتبى».. طقوس رمضانية في «سيوة»

واحة سيوة تحتفل بقدوم شهر رمضان بعراجين البلح
واحة سيوة تحتفل بقدوم شهر رمضان بعراجين البلح

كل عام ومصر المحروسة بخير .. أيام قليلة ويستقبل المصريون شهر رمضان المبارك.... ولأهالي واحة «سيوة» طقوسهم الخاصة في استقبال الشهر الكريم.

يستقبل أهالي واحة سيوة، تلك البقعة الساحرة التي لا يعرف عنها الكثيرون إلا قليلاً، حيث سبقت شهرتها العالمية نظيرتها الملحية نظرا لطبيعتها وخصوصيتها الفريدة في شتى المجالات، شهر رمضان بطقوس خاصة، حيث يقول حمد خالد شعيب الباحث في أطلس الفلوكلور المصري، إن أهالي سيوة متدينون بالفطرة، لذا يتعاملون مع شهر رمضان بإجلال وورع ويمتنعون عن اللهو والموسيقى بما في ذلك آلة "الشبابه" المحببة إليهم، والتي يسمونها بلغتهم الأمازيغية "تى شببت" وهى مصنوعة من النحاس وتشبه الناي في إصدار نغمات شجية وحزينة، وكذلك يمتنعون عن أداء رقصة "الزقالة" الشهيرة وهى الرقص بالعصي كما يمتنعون عن كل الأشياء التي تلهيهم عن ذكر الله.

ويؤكد حمد، على وجود طريقتين دينيتين في سيوة، هما أقرب للتصوف "الطريقة السنوسية" و"الطريقة المدنية"، وهاتان الطريقتان ساهمتا في لم الشمل بين أهل سيوة الشرقيين والغربيين وقضت على النزاعات والخلافات بينهم.


وتقوم النساء والأطفال بتنظيف الساحات حول المنازل وقطع بعض عراجين البلح، وتعليقها على أبواب المنازل ابتهاجاً بقرب الشهر الكريم ويقوم أهالي سيوة بإهداء المغتربين المقيمين فى الواحة البلح والطعام. 

ورغم أن نساء سيوة جميعهن منقبات بطبيعتهن، إلا أنهن يحتجبن تماماً عن الخروج طوال شهر رمضان

وقديماً كان هناك شخص حاد البصر ويتمتع بالسيرة الطيبة ويطلق عليه القدوة  يتمركز عند أعلى نقطة في جبل "شالى"أو جبل الدكرور أعلى قمة جبلية بالواحة  ومعه طبلة كبيرة لمراقبة طرق الواحة وقرع الطبل وتنبيه الناس فى حالة رؤيته لدخيل أو غزاة للواحة، وكان من ضمن مهامه أيضاً استطلاع الهلال من مكانه المرتفع حيث توضع بجواره "قصعة" كبيرة بها ماء لتكون بمثابة مرآة عاكسة وعندما يشاهد الهلال منعكساً على سطح الماء، يقرع الطبل بطريقة معينة، معلناً عن رؤية الهلال ومع التطور أصبح الإعلان عن رؤية الهلال بإطلاق أعيرة نارية، وكل من يسمعها يطلق أعيرة أخرى ليعرف أهالي المناطق البعيدة بقدوم الشهر الكريم.


ويضيف شعيب أن سيوة من المجتمعات التي عرفت المسحراتي منذ القدم، حيث كان يقوم شخص بالطواف بحماره على منازل الواحة المتفرقة وإيقاظ أهلها للسحور ومازالت هذه العادة موجودة حتى الآن.


ويقول الحاج أبو بكر القاسم من عواقل الواحة إنه في رمضان من كل عام تتكفل مجموعة من أبناء سيوة بالمرور على المنازل وجمع الطعام والنقود ثم إعادة توزيعها على بيوت الواحة، وأصبح هذا التقليد عرفاً منذ القدم ولا يسبب حرجاً للفقراء، حيث يعطون ويأخذون وبهذا الأسلوب تتشابه موائد سيوة في هذا الشهر الكريم.

ومن أهم الأكلات الملوخية السيوي والأرز بأصنافه والمكرونة واللحوم، ويفطر أهالي سيوة على التمر والرايب أو الزبادي ثم يذهبون إلى صلاة المغرب في المسجد، حيث يحرص الجميع على صلاة المغرب جماعة. ومن المشروبات الخاصة بهم "اللتبى" أو روح النخلة وهو يستخلص من أحد أجزاء جزع النخلة وهذا المشروب مفيد ومقوى، لكنه إذا بات لليوم الثاني أصبح خمراً وضاراً.


وتنفرد سيوة بظاهرة جميلة وهى الاحتفاء بالصائمين الجدد فى كل عام، حيث إن الصبي الذي يصوم لأول مرة لا يفطر في منزله إلا آخر يوم في رمضان، حيث يتبادل أقاربه وجيرانه ومعارفه استضافته يومياً على الإفطار وتقديم الهدايا له احتفاءا به وبصيامه. 


ويؤكد عبدالسلام كيلانى - من أبناء سيوة- أن الصائم أول مرة عند إتمامه صيام 15 يوماً يقوم بعمل ( الأشنقوط ) ، وهو عبارة عن حفلة يجمع فيها أصدقاؤه وأقاربه ويقدم لهم الطعام (مكرونة ورقاق ملفوف بداخله لحم البط والبيض)، ويقدم لهم الحلو طبق العصيدة وتتكون من الدقيق والسمن البلدي والسكر الناعم، وعند إكمال الصائم الجديد لشهر رمضان، ومع أول أيام العيد يقوم بتوزيع نقود معدنية جديدة.