بعد مطالبة الرئيس بمساهمتها فى تطوير المستشفيات..

الجمعيات الأهلية: مستعدون للمشاركة فى الارتقاء بالمنظومة الطبية

المرضى في المستشفيات في انتظار تطوير الخدمات
المرضى في المستشفيات في انتظار تطوير الخدمات

- اتحاد الجمعيات:  نقدم 35% من الخدمات الطبية ونسعى لاستكمال المسيرة
- الأورمان : «الصحة» مثقلة بإدارة آلاف المستشفيات وعلينا مساندتها
- مصر الخير: توظيف كل  خبراتنا وخدماتنا لتطوير القطاع الصحى سواء بالإنشاء أو التمويل
- صناع الخير: التعاون مع الوزارة خطوة ضرورية للمرحلة القادمة 

سنوات طويلة ضربت خلالها العديد من الجمعيات والمؤسسات الأهلية مثلاً يحتذى به فى المشاركة المجتمعية على كافة الأصعدة، وخاصة مجال الصحة، فبنت صروحا طبية لتقدم خدماتها للملايين من المواطنين على مستوى الجمهورية، حتى أصبحت نماذج يشهد العالم بأجمعه على تميزها، ولعل مؤسسة مستشفى سرطان الأطفال المسئولة عن مستشفى 57357 أبرز مثال لما يمكن أن تقدمه المؤسسات والجمعيات الخيرية.. وانطلاقا من هذا النجاح، وخلال تدشين مدينة العلمين الجديدة، طالب الرئيس عبدالفتاح السيسى الجمعيات الخيرية بالاهتمام بالمستشفيات، وأكد أنه على استعداد لتسليم الجمعيات الخيرية مستشفيات مكتملة لتطويرها وإدارتها، وأوضح أن تلك الجمعيات عليها أن تؤدى دورها للوصول إلى الشرائح التى لا تستطيع الدولة بلوغها، وعلى الفور أبدت تلك الجمعيات من جانبها ترحيباً كبيراً بمبادرة الرئيس، معلنة استعدادها فى إكمال دورها المنوط بها تقديمه لأبناء الوطن فى مختلف النجوع والقرى والمدن.


تساهم  المؤسسات والجمعيات الأهلية بأكثر من ٣٥٪ من جملة الخدمات الصحية المقدمة للمصريين، من خلال المئات من المستشفيات والمستوصفات والمراكز الطبية المتخصصة، ذلك وفقاً لما أكده رئيس الاتحاد العام للجمعيات والمؤسسات الأهلية د. طلعت عبد القوي، الذى أوضح أن تلك النسبة تم التوصل لها بعد إجراء دراسات متعددة تم توثيقها، لذا فإن تلك الجمعيات لديها خبرة كبيرة فى القطاع الطبي، على مدى سنوات طويلة تستطيع من خلالها مساندة الدولة وبقوة فى هذا المجال. 


وأضاف عبد القوى أن مصر بها نماذج ناجحة ساهمت فى القطاع الطبي، سواء فى مجال الأورام أو الحروق والكبد والقلب،  مما دفع الرئيس أن يبادر وبثقة كبيرة بطلبه لدخول الجمعيات لمساندة وتطوير المستشفيات، وهو ما لاقى اقتناءً تامً وتأييداً من  جميع الجمعيات، وأوضح قائلاً»  وانطلاقا من دورنا  المجتمعى فنعلن كاتحاد عام للجمعيات الأهلية أنه سيتم الانطلاق الفورى فى التنفيذ عقب الاتفاق النهائى على أوجه المساهمة التى من الممكن أن نقدمها».


وأشار إلى أنه ستتم مطالبة وزارة الصحة بإمدادهم بخريطة كاملة مفصلة،  بالمناطق الجغرافية الأكثر احتياجاً والمستلزمات الضرورية للبدء بها، كما سيتم الدعوة لعقد اجتماع موسع مع أبرز المؤسسات والجمعيات الأهلية المصرية، للمناقشة حول سبل وأساليب المساهمة فى النهوض بالقطاع الطبى فى مصر، تلبيةً للمبادرة الطبية التى أعلنها الرئيس فى وقت مناسب تماماً ومتماشياً مع خطط الدولة الإصلاحية . 


الارتقاء بالمستشفيات


ومن جانبه أكد اللواء ممدوح شعبان، مدير عام جمعية الأورمان، أن مبادرة الرئيس السيسى جاءت كانطلاقة بقصد الارتقاء بمستوى المستشفيات من حيث الخدمات المقدمة، نظراً إلى أن وزارة الصحة مثقلة بالاعتناء بعشرات الآلاف من المستشفيات، أما الجمعيات الأهلية فتعتنى بواحد أواثنين منها على الأكثر، لذا فإن الفترة الحالية تحتاج للتكاتف الشديد بين الجهتين.
وأضاف أن العمل فى الفترة القادمة من الممكن أن يتم بنظام شديد، إذا بادرت كل محافظة على حدة بتسليم مستشفياتها للجمعيات الأهلية التى تعمل بنفس المحافظة، ومن هنا سنسير بخطوات متتالية حتى تصل كل مستشفيات الجمهورية إلى مستوى عال من الإدارة والخدمة العلاجية المقدمة.


 وأوضح قائلاً « سوهاج على سبيل المثال تعمل بها نحو4 آلاف جمعية أهلية إذا تحالفت فيما بينها للوصول إلى 30 جمعية فقط وتشكيل مجلس إدارة يتولى مستشفيات المحافظة فسنصل إلى أكثر ما كنا نبغيه».


إدارة واعية


وأشار مدير عام جمعية الأورمان إلى أن الجمعيات الأهلية ستساهم بشكل كبير فى إدارة المستشفيات، وذلك لا يعنى العمل الإدارى بتفاصيله العملية،بل يعنى أنها ستتولى إمداد المشفى بما تحتاجه من امكانيات مادية،  وأوضح أن مستشفى «شفا الأورمان» على سبيل المثال تتكلف 5 ملايين جنيه شهرياً، نظراً إلى أنها تقدم خدماتها بالمجان 100%، وهذا المبلغ ليس بالقليل ويبرز وبشكل واضح الدور المهم الذى تلعبه تلك الجمعيات، وأضاف أن مستشفيات وزارة الصحة تحتاج وبشدة لهذا النمط من الإدارة، فجرعة الكيماوى الواحدة على سبيل المثال تتطلب من 4 إلى 7 آلاف جنيه، والإشعاعى 5 آلاف جنيه، أى أن المريض يكلف المستشفى نحو100 ألف جنيه شهرياً وهو ما نجحت الجمعيات الأهلية فى توفيره.


أما ريهام محسن مدير إدارة الإعلام بجمعية رسالة،  فأكدت ان الجمعية مستعدة للعمل على قدم وساق لإنجاح هذه المبادرة، وذلك فى ظل التعاون مع وزارة الصحة المسئولة عن تحديد المستشفيات التى سيتم فيها التطوير  وكذلك احتياجات هذه المستشفيات وإسناد ادوار محددة لكل جمعية تعمل على إنجازها، بالرغم من عدم تلقيهم أية منشورات رسمية ترسم خارطة العمل التى ستقوم الجمعية من خلالها بالمساهمة فى تطوير المستشفيات.


 وأضافت أن الجمعية تميزت فى خدمة القطاع الصحى منذ أكثر من عشر سنوات, فالمركز الطبى الخاص بجمعية رسالة قدم العديد من الخدمات لجميع المستشفيات على مستوى مصر , سواء بالتبرع بالدم او نقص الأدوية او توفير مستلزمات طبية , او اجهزة طبية , او حتى تقديم مبالغ مالية تساهم فى حل ازماتها, او التكفل بالمرضى غير القادرين على دفع مصروفات العلاج , خاصة فى القرى والنجوع الفقيرة التى تعانى من تهالك مستشفياتها , مشيرة إلى ان التخصص الأساسى الذى يقوم عليه عمل الجمعية منذ إنشائها هو» العمل التطوعى «، وبالرغم من أن البناء او التجهيز ليس من اختصاصهم إلا أنهم يمولون هذا العمل وتوفير احتياجاته.


مساهمة متنوعة


ومن جانبه أشار محسن محجوب أمين صندوق مؤسسة مصر الخير، إلى أن  المؤسسة ترحب بشكل كبير بهذه المبادرة، خاصة أن للمؤسسة خبرة وتجارب كبيرة فى هذا المجال المهم، وأوضح أنه حالياً يتم دراسة الوضع الراهن لتحديد المستشفيات المتاحة لمساندتها مع دراسة ما يمكن تقديمه من خدمات.


وأضاف أن المساهمة التى من الممكن تقديمها تقوم على جانبين أولهما إنشاء مستشفيات جديدة، والآخر إمداد المستشفيات القائمة  بما تحتاجه من تجهيزات أو مساندات مالية، وأشار إلى أنه فى هذا الإطار يتم حالياً إنشاء مستشفى جراحات الوجه بمحافظة سوهاج، فبدأ بها العمل من الصفر بتوفير الأرض والرسومات وأدوات الإنشاء حتى يتم الانتهاء منها بأعلى مستوى، وعلى الجانب الآخر فيتم إمداد مستشفيات أخرى كمستشفى جامعة عين شمس وقصر العينى وغيرهما بتبرعات شهرية لإكمال ما تحتاجه من مستلزمات.


وأوضح محجوب أن ما يميز عمل المؤسسات الخيرية هو أنها خالية من أية مصالح، فما يتم تقديمه يكون بشكل خيرى محاطاً بالعزيمة والإرادة فى خدمة أبناء مصر بكافة محافظاتها، وأشار إلى أن الدعم الحقيقى الذى من الممكن أن تقدمه أيضاً الجمعيات هو إدارة المستشفيات، نظراً إلى خبرتها فى العمل الإدارى المنظم بشكل علمى خال من أية مصالح .


تكامل الأدوار


على الجانب الآخر أكد مصطفى زمزم رئيس مجلس أمناء مؤسسة صناع الخير، أن المبادرة ومن الوهلة الأولى لاقت ترحيباً كبيراً، وأنه حالياً جار التنسيق للاجتماع مع بقية الجمعيات ود.غادة والى وزيرة التضامن الاجتماعي، لبحث امكانيات جميع الجهات، وأضاف أن الجمعيات الأهلية لا يقتصر دورها على إدارة أو إنشاء المستشفيات، بل إن تكامل الأدوار بينها وبين وزارة الصحة، يعنى مزيداً من العمل على الفئات والجوانب الأخرى.


وأوضح زمزم أن المؤسسة تعمل على مبادرة «عينيك فى عينينا» والتى انطلقت بدعم من الرئيس السيسى وتستمر لمدة 3 سنوات، لمكافحة العماء، والتى تستهدف خلال العام الحالى العمل بـ 10 محافظات،  والعام القادم 10 محافظات أخرى، وأخيراً عام 2020 يتم العمل بـ7 محافظات.


ووافقته الرأى د. دعاء مبروك عضو المجلس القومى لشئون الإعاقة، ومؤسس جمعية «بصيرة»، والتى أوضحت أن مبادرة الرئيس السيسى تنم عن رغبة حقيقية ليس فى تطوير المستشفيات فقط، بل فى تطوير الخدمة الصحية نفسها، وهو ما على العديد من الجمعيات القيام به، بجانب الجمعيات التى تعمل على تطوير المستشفيات.


وأضافت مبروك أن الخدمات التى تقدمها» بصيرة» تعتمد على الاحتياجات التى  لم تعد الدولة قادرة على توفيرها مثل عملية الكشف على طلاب المدارس بشكل دوري، واكتشاف الاعاقات البصرية من البسيطة الى الأكثر صعوبة، وفى سبيل ذلك تم عقد بروتوكول مع وزارة الصحة لضم عدد من الأطباء والممرضين التابعين لها ليعملوا بالمنظومة التى وضعتها الجمعية، والتى تمنحها فيما بعد للوزارة للاستفادة منها مستقبلاً، وهذا هو جوهر دور الجمعيات الأهلية، فمعاونة الجهات الحكومية والخروج بنتائج مثمرة من أبرز ما نجحت فيه معظم الجمعيات خلال الآونة الماضية.  


تحسين الخدمة الطبية


أما عن آراء الأطباء وأعضاء لجنة الصحة بالبرلمان حول هذه المبادرة، فأكدت د.إلهام المنشاوى عضو لجنة الصحة بالبرلمان، أن المبادرة التى اطلقها الرئيس عبد الفتاح السيسى بخصوص مشاركة الجمعيات الأهلية فى تطوير المستشفيات،  ستساهم بشكل كبير جدا فى تحسين الخدمة الطبية الموجودة فى المستشفيات, وخاصة ان العديد من الجمعيات الأهلية اثبتت جدارتها فى تحسين المجال الطبى خلال السنوات القريبة الماضية، والأمثلة فى ذلك كفيلة بأن تثبت مدى تفانى هذه الجمعيات فى إحداث طفرة فى المجال الطبى المصرى , فأغلب الصروح الطبية العريقة التى اشاد الجميع بجودتها كانت قائمة على العملية التطوعية التى تكون من خلال هذه الجمعيات الأهلية , او تبرعات المواطنين.


تكليف وتكريم


وأوضحت عضو لجنة الصحة بالبرلمان أن إسناد هذه المهمة للجمعيات الأهلية من قبل الرئيس عبد الفتاح السيسى بمثابة تكريم رسمى لها وتقديرا لجهودها خلال الفترة الماضية واعترافا بنجاحها وحسن إدارتها , وأشارت إلى ان البعض قد لا يفهم الفارق بين المبادرة التى طرحها الرئيس بخصوص مشاركتهم فى تطوير المستشفيات , وبين ماهم قائمين عليه بالفعل من خدمات فى مجال الصحة عامة من قبل , فالمسئولية المطروحة الآن اليست للجمعيات الأهلية فقط , بل هى تكليف رسمى لكافة مؤسسات الدولة بتسهيل العقبات امام هذه الجمعيات مما يساهم فى تحقيق إنجازات اكبر وفى وقت اقل , فتعانى هذه الجمعيات من صعوبة إجراءات المؤسسات الحكومية وتباطؤ اتخاذ قرارتها فيما يخص املاك الدولة التى تعمل هذه الجمعيات على مساعدتها وتطويرها , ولكن بعد هذه المبادرة التى اطلقت سوف يكون هناك تعاون مشترك بين هذه الجمعيات وجميع مؤسسات الدولة المختصة بالقطاع الصحى وبالتالى سوف يعود ذلك بالنفع على المستشفيات .


مصلحة المواطن


ومن جانبه اكد د.مأمون حسن استشارى الروماتيزم بمستشفى المطرية، ان دخول الجمعيات الأهلية فى تطوير المستشفيات سيحدث فارقا كبيرا يصب فى مصلحة المواطن مباشرة , فالمنظومة الصحية لا تختل بنقص الأدوية فقط , بل بنقص اى من العناصر التى يحتاجها المواطن لتلقى خدمته الطبية كاملة دون شكوى او تذمر , وذلك مثل الأجهزة الطبية مثلا او المستلزمات او حتى الأسرة , حتى الأبحاث العلمية فهى تحتاج ايضا لدعم حيث بان هذه الأبحاث قد تحدث طفرة فى علاج احد الأمراض الميؤوس منها , وقد حدث ذلك بالفعل فى ابحاث فيرس سى التى حققت حلماً كان يعد مستحيلا فى احد الأوقات وهو ان تكون مصر دولة خالية من فيرس سى , وقد قامت الجمعيات الأهلية بدور كبير فى دعم هذه الأبحاث ومساعدة مرضى معهد الكبد , مما أدى بأن تكون مصر الدولة الرائدة فى علاج فيرس سي.


وأوضح د.عصام القاضى عضو لجنة الصحة بالبرلمان « ان اختيار الرئيس للجمعيات الأهلية فى مبادرة تطوير المستشفيات لم يكن هباء , بل كان بناء على اسس عديدة ابرزتها نشاطات هذه الجمعيات خلال الفترة الأخيرة وخاصة فى المجال الطبى , ومنها تمكن جمعية الأورمان ان تتكفل بأكثر من 35 عملية قلب مفتوح فى اليوم الواحد وهو رقم يشكل إنجازا عظيما فى المجال الطبى , ليس هذا فقط بل ان احد اهم ممولى الجمعيات الأهلية هم رجال الأعمال دائما ما يفضلون التبرع بأموالهم فى القطاع الصحى حيث انه المجال الأضمن فى التواصل مع المستحقين من اى مجال آخر , وقد كان أخرهم اللاعب الشهير محمد صلاح الذى تبرع بـ 12 مليون جنيه لأحد المستشفيات مؤخراً.

 

 
 
 

احمد جلال

محمد البهنساوي