3.5 مليون عامل من «جحيم» الشارع إلى «جـنة» المشروعات القومية

العمال وجدوا فرص عمل في العاصمة الإدارية الجديدة
العمال وجدوا فرص عمل في العاصمة الإدارية الجديدة

 فئة مهمشة.. لا يشعر بهم أحد ، لم يفكر اى نظام سابق فى احتوائهم وحل مشاكلهم وتوفير فرص عمل لهم.. يتخذون من الشارع ملاذا لهم ، يخرجون إليه قبل بزوغ اول شعاع ضوء بحثا عن الرزق ، ليلتحقوا بقطار الرزق وسط عشرات العمال الذين يجلسون فى الشوارع فى انتظار لقمة العيش.حياتهم ترحال وتجول سعيا وراء الرزق لا يعرفون للحياة طعما سوى «المرارة».. انهم عمال التراحيل او «الفواعلية» ، الذين يعيشون معاناة البحث عن العيش ، هؤلاء الذين هجروا بلادهم بعد أن ضاق العيش بهم وتركوا أبناءهم لهثا وراء لقمة العيش، ولكن أدار الزمان ظهره فتركهم للشارع الذى لا يعرف الرحمة تطاردهم لعنة الجوع وخيبة الأمل، لكن الآن حياتهم تبدلت ، واحوالهم انصلحت، واحتوتهم المشروعات القومية الموجودة فى كل ربوع مصر ، اكثر من 3،5 مليون عامل اختفوا من الشوارع.. ودعوا الارصفة ، تركوا الاهانة والمذلة فى البحث عن الرزق ، وسكنوا المشروعات القومية ، التى وجدوا فيها فرصة عمل آمنة ومستمرة ، ومعاملة حسنة ومقابلا ماديا كبيرا .
هؤلاء العمال الذين ينظراليهم البعض على انهم طبقة مهشمة، مُلقاة على الأرصفة لا فائدة منها ، يذكرالتاريخ لهم أدوارا عظيمة فى بناء إنجازات يفتخر بها ‏الوطن، وقامت على أكتافهم انجازات عديدة كبناء الأهرامات والسد العالى وحفر قناة السويس.. وها هو التاريخ يعيد نفسه ويصبح هؤلاء العمال هم الابطال الحقيقيين للمشروعات القومية التى يطلقها الرئيس من حين لآخر ويحققون انجازات للوطن يكتبها التاريخ بأحرف من ذهب..
الأخبار التقت عددا من هؤلاء العمال بمشروع العاصمة الادارية ، ورصدت كيف تحولت حياتهم من «جحيم الشوارع» إلى جنة العمل بالمشروعات القومية»..
اقتربنا من هذه الفئة التى كانت مهمشة فاكتشفنا أن وراء كل منهم حكاية.. فى البداية يقول هشام السيد «نجار» : انا باشتغل من سنة ونصف ونعمل دون ملل كخلايا النحل وأشار إلى انه جاء من محافظة سوهاج من أجل لقمة العيش ولكنه وجد نفسه يجلس على الرصيف دون عمل، ، وعندما سمعت عن العاصمة الادارية ذهبت إلى هناك ووجدت عملا لى ولباقى زملائى الذين كانوا يجلسون معى على الرصيف فى انتظار « الفرج « ،ومن هنا تغيرت حياتى ، وبعد ان كنت لاأستطيع ان أنفق على اولادى الاربعة الذين تركتهم فى الصعيد للبحث عن الرزق ، الآن انا اعمل وأتقاضى « اجرة « جيدة ، واستطيع ان ارسل لأولادى كل شهر ما يكفيهم..
وبجانب «بلدوزر» عملاق يجلس محمد عبد الباسط الذى كان يأخذ قسطا من الراحة،يقول : المرتبات هنا جيدة وأوقات العمل معروفة ومن يمرض يقوم المسئول عنا بإرساله إلى العيادة وهذا ما كنا نفتقده فى العمل الخاص ومع المقاولين الذين كانوا يمصون دمنا بالبطىء ولكننا أيقنا أن العمل فى المشروعات القومية ومن ضمنها العاصمة الإدارية الجديدة له ميزات كثيرة فنحن نأخذ حقوقنا على أكمل وجه بالاضافة إلى تسجيل اسمائنا فى سجل التاريخ مثلنا مثل اخواننا فى الماضى الذين حفروا قناة السويس وشيدوا السد العالى .
وبطاقة ايجابية جبارة استقبلنا فضلى حبيب «حداد» عامل بأحد المواقع بالعاصمة الجديدة يحمل إزميله ويستعد لجولة اخرى من العمل الشاق،يقول :»كنت بقعد كل يوم من خمسة الفجر فى الشارع تحت الامطار عشان يجيلنا اى شغلانة بـ50 جنيها تطعمنا لكى نعيش،ولكن الآن الحال تغير فنحن نقبض بالأسبوع وهناك حوافز وبدلات بالاضافة إلى وجبات الغداء وصرف الدواء والكشف الطبى فى حالة المرض،واضاف::ولكن أهم شىء اننا نعمل بحب من أجل البلد ونعامل باحترام لأول مرة نحن عمال التراحيل».
ونفس المأساة كان يعيشها «ممدوح مرزوق» الذى جاء من «أسيوط» بحثا عن مصدر للرزق وقد كان يعمل يوما واحدا ويظل 10 أيام بدون عمل ، وكان اقصى ما يتمناه ان يجد عملا بدخل ثابت ليضمن حياة كريمة له ولأطفاله.. وبعد ان انتقل للعمل فى العاصمة الادارية تغيرت حياته ، واصبح له عمل مسئول عنه ، ويتقاضى مقابله الاموال التى يرسلها لأولاده..
ويلتقط منه طرف الحوار علاء عبد الفتاح «حداد» والذى أكد أنهم كانوا يشتغلون باليومية ويعملون فى كل شىء سواء تكسير أو رفع انقاض أو بناء فى مقابل جنيهات قليلة ، ولكننا الآن كل منا يعمل فى شىء معين من اجل سرعة الاداء ونأخذ ٢٠٠ جنيه فى اليوم كأحد ادنى وهناك زيادات فى حالات انجاز المزيد من العمل.
ويقول كيرلس طلعت الشاب العشرينى والذى يسكن بمنطقة الطالبية قادما من سوهاج أن العمل بالعاصمة الجديدة دائم وليس وقتيا أو باليوم مثل عمال التراحيل الذين يعملون ليل نهار من أجل حفنة جنيهات.، وأكد أن اليومية بالموقع تتجاوز ال٢٠٠ جنيه يوميا بعكس عامل التراحيل الذى يكسب فى أفضل يوم له ٥٠ جنيها فقط.
اما مايكل سمير فيرى «أن العمل بهذه المشروعات مثل تدشين الكنيسة الجديدة أفضل لأنها عمل يؤمن عليك اما العمل الحر فلو جاء لك تعب أو مرض فربنا يتولاك « على حد قوله، ويشير مجدى عياد عامل لحام بأن العمل هنا شىء يدعو للفخر فنحن فخورون بالعمل هنا وسنحكى لأولادنا اننا نحن من قمنا ببناء العاصمة الإدارية الجديدة.
ويرى عادل ميخائيل صنايعى لحام أن الوضع هنا بالعاصمة الجديدة مختلف وافضل بكثير من العمل تحت رحمة مقاول فنحن فى الماضى كنا نجلس فى الشارع وننتظر الفرج ولكن الآن الشغل «على قفا من يشيل» والمواقع الجديدة فتحت بيوت ناس كتير، واضاف «اللى ملوش صنعة ييجى يشتغل هنا».
«اللى عايز يشتغل ييجى العاصمة الادارية»جملة خرجت من فم الشاب «بطل اسماعيل»الذى يعمل حدادا قادما من بنى سويف،يقوم بتقطيع اسياخ الحديد بهمة وحماس قاطعناه ليؤكد لنا أنه كان عامل تراحيل منذ عامين ولكنه الآن يعمل بمشروع كنيسة الكاتدرائية الجديدة بالحى الحكومى وبيته مفتوح بفضل العمل هنا،وقدم بطل رسالة لكل من يريد أن يكسب لقمة عيشه بالحلال بالنظر لهذه المشروعات والتقدم للعمل بها، اما محمد رجب والذى جاء من منطقة سقارة بمحافظة الجيزة من أجل العمل بعدما قصم ظهره من الجلوس على الرصيف كعامل من عمال التراحيل، ويروى رجب بانه قام بوضع إزميله والأجنه فى بيته بعدما أكلهما الصدأ من قلة العمل،قائلا : العمل مريح ولنا ساعات عمل محددة ونقوم بأخذ فترات للراحة وتناول الغداء وشرب الشاى ومن يتعب أو يصاب لاقدر الله فالعيادة على بعد خطوات قليلة من المشروع.