«عزبة أبوضيف» نموذجًا..

«أراضي السكك الحديدية».. «احتلال مقنن» وأموال مهدرة |فيديو وصور

دويلات صغيرة بدأت تجد لها متنفسًا على جانبي شريط السكك الحديدية لتنمو وتتضخم وتتوغل، في ظل غياب الأجهزة المسئولة.. على بعد آلاف الأمتار من قلب القاهرة حيث تقع عزبة «أبو ضيف»، وتحديدًا على امتداد شريطي السكة الحديد تقبع الكارثة.


عشش وعقارات سكنية، وأكشاك خشبية وفرش بيع السلع والمستلزمات المنزلية، وجراجات، وتكاتك فضلا عن آلاف الأسر التي تعيش في ذات المكان .. مهزلة بكل المقاييس، فكل ما يمكن أن تتخيله احتل أراضي هيئة السكك الحديدية قبل سنوات دون رادع أو على أقل تقدير مهتم بما قد يسفر عنه الأمر من كوارث.

وبحسب مصادر من الهيئة، يبلغ حجم التعديات ما يزيد عن 40% من أراضي السكة الحديد بالمحافظات يقدرها الخبراء بنحو 150 مليار جنيه بمتوسط ألفي جنيه سعر المتر الواحد، ويتواجد عليها ما يقرب من ألفي أسرة يعيشون في منازل عشوائية ويقومون بتوصيل المرافق بشكل بدائي ما ينذز بوقوع كارثة في أي وقت.

 

"بوابة أخبار اليوم" انتقلت إلى "عزبة أبو ضيف" على طريق «الأوتوستراد» أحد تلك الدويلات، لترصد العشوائيات على قضبان السكة الحديد، ووجدنا ما لم يكن متوقعًا.. حيث لم ينته الأمر من الأهالي عند بناء عشش وأكشاك على جانبي القضبان، لكن الأمر تحول إلى افتراش الأهالي للبضائع على شريط السكة الحديد نفسه، مع تواجد سيارات نقل لتحميل البضائع.. مهزلة بكل المقاييس واغتصاب لحرم السكة الحديد، في تلك العزبة، فالزحف السكاني والعشوائيات امتدت إلى القضبان التي يمر عليها القطار في أي وقت.

 

وتجاهد هيئة السكك الحديدية عاماً بعد عام لتقليل الفجوة بين خسائرها ومصروفاتها خاصة وأن تذكرة السفر لم تعد كافية لتحقيق الأرباح.. لذلك قامت الهيئة بحصر هذه الأراضي فى كافة أنحاء الجمهورية وتخطيطها لإقامة مشروعات استثمارية كبرى بنظام حق الانتفاع بالإضافة لإنشاء محلات للمشروعات الصغيرة للشباب وأبراج سكنية ومكاتب إدارية.

 

ورحب خبراء النقل بفكرة الانتفاع بهذه الأراضي وخاصة للشباب حيث إنها ستصب فى مصلحة الباحثين عن فرصة عمل أو سكن، وأشاروا إلى أنها خطوة هامة تأخرت كثيراً، متوقعين أن تحدث طفرة فى عائدات السكة الحديد ، كما أن هناك آلاف الأمتار بمختلف أنحاء الجمهورية التى تصلح لإقامة العديد من المشروعات التجارية الصغيرة للشباب الخريجين بالإضافة إلى مساحات تصلح للأغراض الاستثمارية والترفيهية.

 

من جانبه أكد شريف عبد الله، رئيس الشركة المصرية لمشروعات السكك الحديدية والنقل، المسئولة عن استثمار أراضى وأصول السكة الحديد، أن الشركة قامت بحصر الأراضى المملوكة للهيئة على مستوى الجمهورية من أجل استثمارها، مضيفا أن الشركة لديها خطة عاجلة وأخرى طويلة الأجل حتى 2030 لاستثمار أراضى السكة الحديد وأصول الهيئة بما يحقق إيرادات تنفق على مشروعات تطوير السكة الحديد.

 

وقال عبد الله، إن الشركة نجحت في تحقيق أرباح العام الماضي بنسبة 1000%، ويمكن مضاعفة ذلك والإنفاق على تطوير السكة الحديد وإيقاف خسائرها، لكن ذلك يحتاج لتعاون باقى الجهات معها مثل هيئة السكة الحديد والمحليات وباقي أجهزة الدولة، مشيرًا إلى أن مشكلة التعديات على أراضى السكة الحديد قائمة بسبب غياب الرادع والقانون.

 

وأوضح أنه لابد من قانون ملزم ويطبق على الجميع للقضاء على التعديات على أراضي السكك الحديدية، تقوم وزارة العدل بإعداده، وبرلمان يقره، ووزارة الداخلية تنفذه.

 

وأشار عبدالله ، إلى أنهم بدأوا فى إعداد خطة جديدة لتنفيذ تكليف وزير النقل الدكتور هشام عرفات، بما يحقق إيرادات سنوية من وراء استثمار أراضي السكك الحديدية تصل إلى مليار جنيه، لافتا إلى أن الشركة بها الكثير من الكفاءات التى تؤهلها لتحقيق هذه المكاسب ومحاولة إعادة بعض الخسائر التي تفقدها هيئة السكة الحديد.

 

ومن جانبه، قال محمد شحاته، رئيس مجلس ادارة الجمعية المصرية للنقل، إن أزمة أراضي السكك الحديدية لابد من التعامل معها بمحمل الجد، حيث إن الهيئة تمتلك أراضى تقدر بنحو 100 مليار جنيه  جميعها غير مستغلة حتى الآن مشيرا إلى ان هذه الاراضى موزعة بين أراضي داخل القاهرة وأراضى على طول السكك الحديدية بالمحافظات تم الاستيلاء عليها من جانب الأهالي تحت علم ونظر مسؤلى هيئة السكك الحديدية.

 

وأوضح شحاته أن هيئة السكك الحديدية قامت بحصر الأراضى التابعة لها  تمهيدا لطرحها للبيع أو تحديد طريقة استغلالها خلال الفترة القادمة ويتولى عمليات الحصر لاملاك السكك الحديدية كلا من شركة أملاك السكك الحديدية وشركة المشروعات ومسؤلى الماليات بالسكك الحديدية، مشددا على ضرورة تحديد الأراضى المباعة والاراضى المؤجرة للغير فى خريطة أملاك السكك الحديدية  على ان يتم اسناد الأمر لجهات خارج السكك الحديدية تقوم بالإشراف على عمليات نزع الأراضى وإعادتها للسكك الحديدية.

 

وأكد د. أحمد عادل درويش، نائب وزير الإسكان للتطوير الحضري والعشوائيات، أن صندوق تطوير العشوائيات يولي المناطق غير الآمنة اهتماما وأولوية لخطورتها، وهى المناطق التى تقع على مخرات السيول، أو الصخور، أو على خطوط السكة الحديد، والتي تم تقسيم خطورتها إلى أربع درجات، مشيرا إلى أن الصندوق وضع خطه للقضاء علي العشوائيات علي حرم السكك الحديديه خلال ثلاث سنوات ولكن ميزانية الصندوق وتشابك مهام الصندوق مع هيئات ووزارات عديدة يجعل معدلات التنفيذ البطيء.

 

وأضاف أن المناطق المهددة للحياة والتى تحتل أولوية أولى للصندوق تمثل نحو 7% من المناطق العشوائية، وتمثل المناطق المهدده للصحة نحو 17%، أما مناطق عدم الاستقرار فتمثل 5% من إجمالى المناطق العشوائية، أما نسبة 71% من المناطق العشوائية فيتم تصنيفها وفقاً لبيانات الصندوق بأنها مساكن غير ملائمة. 

 

وأوضح أنه عادة ما يتم نقل سكان تلك المناطق إلى المدن الجديدة، إلا إذا وجدت قطعة أرض مناسبة فى نفس المنطقة، فيتم فوراً بالتنسيق مع المحافظة بناء مساكن بديلة لسكان العشوائيات بها، ويتم العمل أمام اعينهم وتحت إشرافهم لتحقيق أقصى قدر من المصداقية التى يفتقدها بعضهم فى وعود الحكومة، ولا تتوافر الكثير من الاراضى الخالية والمناسب للبناء فى محافظة مثل القاهرة ولكن الفرص تكون أكبر خارج العاصمة مثل منطقة القيوطى ببورسعيد.

 

وتختلف ملكية الأراضي التى تقام عليها العشوائيات فبعضها أملاك دولة فلا يدفع المواطن شيئا مقابل البناء، أما اذا كانت الأرض أملاكا خاصة فيشارك المواطن فى عملية البناء ويتم تقديم تسهيلات وعادة ما يتم بناء الوحدات السكنية بمساحات 60 إلى 90 مترا وتسلم كاملة المرافق والتشطيب.

 

وأضاف ان الرئيس السيسي، وجه بتخصيص 200 مليون جنيه من صندوق تحيا مصر لدعم صندوق تطوير العشوائيات وذلك من أجل بناء وتطوير نحو 20 ألف وحدة سكنية.