محمد البهنساوي يكتب .. رسائل غليون.. لمن يفقهون !!

الكاتب الصحفي محمد البهنساوي
الكاتب الصحفي محمد البهنساوي

تقرأ في جريدة الأخبار في عددها الصادر صباح غدا الثلاثاء في باب يوميات الاخبار مقالا مطولا للكاتب الصحفي محمد البهنساوي رئيس تحرير بوابة أخبار اليوم يتناول فيه الرسائل المهمة التي وجهها الرئيس السيسي للجميع خلال افتتاح مزرعة بركة بركة غليون للاستزراع السمكي بكفر الشيخ وأيضا أهمية اختيار هذا المكان.
وتناول المقال ايضا الحديث عن الملايين التي يتم صرفها في انتخابات الاندية الرياضية ..  وتحت عنوان "أهلى تل أبيب" انتقد الكاتب التشاحن في التشجيع الرياضي.
وجاء نص اليوميات كالتالي: 

  - رسائل غليون.. لمن يفقهون !!

- كلمات سد النهضة القليلة ..ومواجهة المماطلة والتربص

- كيف يرى الرئيس السيسي مشاركة القوات المسلحة في المشروعات القومية؟

- لماذا غليون؟ ..  ولماذا بدين؟!

بطبيعته.. يتسم الرئيس السيسى بالهدوء.. حتى وهو يتحدث فى الموضوعات الشائكة.. والقضايا المصيرية.. لم نشاهده منفعلا وغاضبا فى حديثه.. إلا عندما تنال يد الإرهاب الجبان من أبناء مصر.. لكن هدوء الرئيس لا يمنع توصيل رسائل قوية ونارية.. عسى أن يعيها ويفهمها المعنى بها.. كما أنه ليس من الرؤساء الباحثين عن كسب شعبية حتى ولو بقرارات تحقق تلك الشعبية وتلعب على عواطف بسطاء الشعب ولو لم تنفذ على أرض الواقع.. هذا الوضوح والمصارحة والمباشرة فى الحديث والقرارات نلمسه تقريبا بشكل يومى.

هذه السمات تجلت وبوضوح خلال مداخلة الرئيس فى افتتاح اكبر مزرعة للاستزراع السمكى فى كفر الشيخ.. رسائل مهمة وقوية بعث بها للداخل والخارج.. فى مقدمة تلك الرسائل جمل قصيرة تحدث بها الرئيس عن مياه النيل وسد النهضة لكنها تحمل معانى كبرى.. فقد قال نصا « محدش يقدر يمس حصة مصر من مياه النيل» وقال أيضا «المياه بالنسبة للمصريين حياة أو موت.. وهى هبة من الله وليس من البشر».. وإذا تحدثنا عن مغزى هذه الرسالة للداخل.. فهى استكمال لتصريح مهم أطلقه الرئيس منذ فترة حول مياه النيل قائلا للشعب « ثقوا فيا.. مش هضيعكم فى ملف مياه النيل وأنتوا عارفين لما بوعد بحاجة بنفذها».. أما للخارج فكانت هذه أول رسالة واضحة من الرئيس للعالم كله ان مصر لن تسمح لكائن من كان أن يمس حصتها من مياه النيل.

الرسالة فى وقتها تماما بعد التعثر الذى كان واضحا ومعلنا فى المباحثات الفنية الأخيرة بالقاهرة.. والقلق الذى اعترى المصريين بعده ومحاولة ضعاف النفوس من المتربصين بمصر والمصريين اللعب على هذا الوتر الحساس لإثارة القلق.. الآن يجب أن يطمئن الجميع.. والمتابع لإدارة هذا الملف يجد ان طبيعة الرئيس الهادئة والواثقة غلبت على إدارتنا للملف.. فمنذ البداية تعاملنا بالحسنى والتفاوض والتقرب لأثيوبيا.. وإعلان تفهمنا الكامل لاحتياجاتها التنموية.. وكان الهدوء أيضا سيد الموقف ونحن نتابع ونسمع ونرى استمرار إثيويبا فى مسيرتها بمشروع السد والتعثر المتوالى للمباحثات الفنية.. الآن الرسالة واضحة جلية.. مستمرون فى هدوئنا وتقربنا للأشقاء فى إثيوبيا والسودان.. لكن هناك حدا للتفهم والتعقل المصرى يقف عند المساس بشريان الحياة الذى وهبه الله وحده للمصريين.

المصارحة.. وغرامات الأرز

نصل للشأن الداخلى.. فقد سمعت المواطن الذى تحدث مشيدا بالرئيس وإنجازاته ومسيرته بمصر.. إلى ان ناشد الرئيس التدخل لإلغاء الغرامات عن المخالفين فى زراعة الأرز لاعبا على الوتر العاطفى للمصريين بأننا على أبواب المولد النبوى وإلغاء الغرامات سيدخل الفرح على هؤلاء.. دارت فى ذهنى سيناريوهات عديدة والرجل يتحدث عن رد فعل الرئيس على هذا الكلام.. ما بين تعنيف للرجل على مطلبه.. او استيعاب المطلب فى اللقاء المذاع على الهواء خاصة بعد ان ذكر الرجل المولد النبوى.. او الاستجابة للطلب وهو آخر السيناريوهات التى توقعت حدوثها.. إلا ان الرئيس اتخذ منحى مختلفا تماما عن هذه السيناريوهات.. فقد استوعب الرجل دون مجاملة أو تفريط.. ورفض طلبه دون تعنيف أو مواربة.. وكان الرئيس واضحا وذكيا وواقعيا فى رده.. فالفلاحون كما قال « أهلى وناسى « لكن فى نفس الوقت الأوطان لا تبنى بالخواطر والعواطف.. والمخالف يتحمل مخالفته.. وهذه رسالة واضحة للجميع وتغلق الباب أمام أى لعب على أوتار عاطفية مع الرئيس فى التجاوزات. 

فقط.. مجرد خطوة

ومشروع بحجم بركة غليون كان فرصة للرئيس للتفاخر والتباهى بهذا المشروع العملاق فعلا.. خاصة وهو مقبل على فترة رئاسية جديدة رغم عدم إعلانه الترشح حتى الآن.. لكن كعادته دائما يضع الأمور فى حجمها الطبيعى.. فمشروع غليون وغيره من المشروعات القومية العملاقة التى يتم تنفيذها.. ما هى كما وصفها الرئيس إلا خطوة أولى على طريق طويل وشاق حتى تصل مصر للمكانة التى نحلم بها جميعا.. وفى إطار رسائله القوية أيضا.. أقسم الرئيس انه لا يوجد احد بمصر الآن يستطيع الحصول على جنيه واحد دون وجه حق.. وبالطبع هناك من يلعب على وتر دخول الجيش فى المشروعات المختلفة بمصر.. محاولين الوقيعة بين الشعب وجيشه.. ولعل ما ذكره الرئيس رد بليغ على تلك المحاولات.. فالقوات الملسحة تتدخل اولا واخيرا لصالح عموم الشعب وبسطائه.. وهو تدخل بالطبع محمود ونتمنى مضاعفته.. لماذا ؟.. لأن تدخل الجيش بتوفير السلع الرئيسية يساعد البسطاء فى بلد يطبق آليات السوق الحر على مواجهة غول الأسعار.. وما أدل على ذلك من سيارات الجيش التى تجوب قرى مصر ومناطقها الشعبية توفر السلع باسعار أقل كثيرا من الأسواق.

‎لماذا غليون ؟ ‎ولماذا بدين ؟ 

نصل إلى نقطة أخرى مهمة خلال جولتنا ومتابعتنا لافتتاح مشروع الاستزراع السمكى فى بركة غليون بمحافظة كفر الشيخ.. وهو المشروع الأكبر بالشرق الأوسط.. وهذا المشروع له دلالات عديدة حول طبيعة المشروع ومكانه.. تكشف كيف تسير عمليات التنمية بمصر فى الطريق الصحيح.. فبداية نجد ان البعض يتساءل حول أسباب اللجوء للاستزراع السمكى فى بلد يطل بشواطئ ممتدة على بحرين.. ويجرى فيها أعظم انهار العالم.. والإجابة ببساطة أن الاستزراع هو الوسيلة الرئيسية لتوفير الأسماك حتى فى الدول المطلة على المحيطات لانخفاض المخزون السمكى فى المحيطات والبحار حول العالم.. وبلغت نسبته دوليا حوالى 56%.. وفى مصر العام الماضى كان حوالى 75% من الأسماك المحلية من المزراع.
أما مكان المشروع فاختيار عبقرى.. منطقة بركة غليون فى كفر الشيخ تضم القرى الأكثر فقرا فى مصر.. وتعد أهم معبر للهجرة غير الشرعية لشبابنا إلى الخارج.. إذن فالمشروع يساهم فى رفع مستوى المعيشة بمنطقة فقيرة يحترف معظم سكانها الصيد.. ويغلق منفذا لشبابنا إلى الموت فى عرض البحر او مواجهة المجهول.. ولن يتخيل البعض أنه بمجرد افتتاح المشروع ستنخفض أسعار الأسماك.. وهو ما قد يلعب عليه المتربصون.. لكن المشروع يوفر 25% من استيراد مصر للأسماك والتى بلغت العام الماضى حوالى 1.5 مليار دولار.. لكن ستنخفض أسعار الأسماك محليا بعدما تتكامل خطة الدولة فى هذا الشان بإطلاق العديد من المزارع السمكية المماثلة لبركة غليون.. وإصلاح احوال البحيرات العديدة التى تعانى اغلبها حاليا وفى مقدمتها بحيرة المنزلة والبرلس ومريوط والسد وغيرها والتوسع فى الصيد فى شواطئنا وبالتعاون مع الدول المجاورة.
بقى ان نشيد بكل القائمين على المشروع الذى ينفذه جهاز مشروعات الخدمة الوطنية بقواتنا المسلحة برئاسة اللواء مصطفى أمين مدير الجهاز الذى يقوم بدور رائد فى توفير احتياجات المصريين البسطاء.. وإشادة خاصة باختيار اللواء حمدى بدين رئيس الشركة الوطنية للثروة السمكية والأحياء المائية.. التى تشرف على تنفيذ المشروع.. فليس سرا ان اللواء بدين كان أحد ضحايا حكم الإخوان.. عندما أرادوا إبعاده بل وأكثر من ذلك.. محاولين تحميله ثورة غضب الناس ضدهم فى جنازة شهداء سيناء عندما كان بدين مديرا لإدارة الشرطة العسكرية.. سافر الرجل كملحق عسكرى فى الصين وقتها.. لكن بعد ثورة ?30 يوليو? عاد.. ولم يكن منطقيا إلا نستغل قدراته.. اللواء حمدى بدين عرفته عن قرب بعد ثورة ?25 يناير?.. هذا الرجل تحمل ومعه إدارة الشرطة العسكرية عبء نشر الأمن بعد الثورة وما أثقله من عبء.. وطنى من الطراز الأول مثله مثل قادة القوات المسلحة على مر العصور.. يتمتع بفكر منفتح وانضباط عسكرى شديد.. لذلك فاختياره لإدارة هذه الشركة المهمة صادف أهله.

أما بعد

الخلاصة ان ما خرجنا به من هذا اليوم الرائع الذى قضيناه فى رحاب واحد من أهم المشروعات القومية التى يجرى تنفيذها حاليا.. ان الواقعية والعمل فى هدوء هما شعار المرحلة.. بعيدا عن المبالغة التى قد تضر اكثر مما تفيد.. وأن تغليب الصالح العام والوضوح فى هذا اهم من مماطلات ومراوغات كانت تنتهجها أنظمة سابقة إما بحثا عن شعبية على جثة الوطن.. أو سعيا لتخدير شعب يسهل استقطابه بالعواطف والخواطر حتى ولو كانت المحصلة صفرا.

انتخابات الأندية.. والبيزنس

 الأندية الرياضية جزء مهم من منظومة العمل الأهلى بمصر.. أى أن من يتصدى للعمل بالأندية خاصة مجالس إدارتها يعلم كما نعلم جميعا أنه عمل تطوعى بالأساس.. بل إنه قد يتكلف أعباء كثيرة نظير تصديه لهذا العمل.. الآن ونحن على أعتاب انتخابات الأندية فى عموم مصر.. من المفترض ان المنافسة بين المرشحين هادئة وشريفة.. والمنطقى أيضا ان الخاسر يشد على يد الفائز ويستمر فى دعمه لأنه فى النهاية يدعم ويخدم ناديه.. لكن ما نراه وأكده أحد الباحثين يثير علامات استفهام عديدة.. 1.5 مليار جنيه كشف الباحث أنها تكلفة انتخابات الأندية.. هذا الرقم أعلن منذ فترة.. وأخذ فى الاعتبار أوجه الصرف غير المبالغ فيها من بعض البنرات.. والهدايا الرمزية التى تبدأ بمج وزجاجة مياه.. وتصل إلى توزيع اجهزة محمول على الناخبين.. لكن البحث لم يأخذ فى الاعتبار بنود غير معلنة تضاغف الرقم منها الدفع « تحت الترابيزة» وما أكثرها.. وحجم الإعلانات المستفز من بنرات بكافة شوارع مصر.. وإعلانات صريحة ومخفية.. وشراء رموز كتل تصويتية.. هذا فى الجانب المادى.. اما عوامل التعرية بين المتنافسين فحدث ولا حرج عن تربص وفضائح وسب وقذف وشائعات.
السؤال الآن: إذا كان العمل بمجالس إدارات الأندية تطوعيا فما الداعى لكل هذا البذخ ؟.. هل هناك استفادات لا نعلمها للفائزين ؟.. ام انه إنفاق وبذخ وإصراف من اجل وجاهة اجتماعية.. هذا الإسفاف والإسراف فى بلد يترنح غالبية أبنائه تحت خط الفقر يدعونا للقلق والتساؤل وإثارة شهية الأجهزة الرقابية بحثا عن المنفقين والمتلقين لتلك الأموال..وفتح ملفات الأندية وما يحدث بها فوق وتحت وعلى أطراف الترابيزات.
وهنا أذكر حكاية للرمز الرياضى والمصرى الخالد المايسترو صالح سليم رواها لى الأب الروحى لى ولكل أبناء الأخبار أستاذنا الراحل فاروق الشاذلى.. عندما حاول عمى فاروق مجاملة المايسترو وقام بطباعة إعلان على لافتة قماش وعلقها فى النادى الأهلى.. فإذا بالمايسترو يثور ويغضب معاتبا للأستاذ فاروق قائلا « عيب كدة يا فاروق.. انا نازل أخدم الناس.. واللى عايزنى هيختارنى مش عايز تأثير عليهم بأى شكل ولاعايز أستفز حد من زمايلى.. كلنا أسرة عارفين بعض.. إحنا أولاد النادى..واللى هيختاره الناس هيكون خادم للأهلى وكلنا هنقف وراه» ولم يهدأ إلا بعد إزالة اللافتة.. رحم الله الجميع ورحمنا معهم من عصر « تحت الترابيزة «.

أهلى « تل أبيب »

وبمناسبة الحديث عن الأندية.. فإن الرياضة خلقت لتكون أداة للتقارب بين الناس ونشر قيم المحبة والتسامح بل والانتماء والتنافس الشريف.. لكن يبدو أن هذه المبادئ ذهبت بلا عودة.. فقد راعنى رد فعل الكثيرين على هزيمة النادى الأهلى نادى القرن والبطولات أمام الوداد المغربى فى النهائى الأفريقى مؤخرا.. احتفالات بالشوارع فى بعض المحافظات.. وإطلاق نار وصواريخ وشماريخ احتفالا بهزيمة النادى الذى يمثل مصر.. ورقص وبهجة من لاعبين ومسئولين من اندية منافسة.. وكأن النادى الأهلى يمثل دولة عدوا لنا وليس أعرق الأندية المصرية والعربية.. بل إننى اعتقد انه لو كان الأهلى يمثل تل أبيب وليس مصر ما تدافع الكثير من هؤلاء للاحتفال بتك الطريقة.
أتفهم «قفشات» المصريين المتبادلة على مواقع التواصل الاجتماعى وبين الجماهير خاصة بين الأهلوية والزمالكوية.. فى إطار خفة الدم التى لا تنال ابدا من الروابط بيننا.. لكن ان يصل الأمر للشماتة بهذا الشكل الذى يثير الفتنة والتشاحن بل والبغضاء، فهذا أمر يجب أن نتوقف عنده كثيرا.. وليكن حاضرا امام الجميع مذبحة بورسعيد البشعة ضد جماهير الأهلى.. والتى كانت نتاج تصرفات مماثلة.. والغريب اننا لم نسمع اعتذارا من مسئول أو معاقبة للاعب شامت وكأن من بيدهم أمر هؤلاء يبطنون للأهلى وجماهيره عكس ما يحاولون التظاهر به من روح رياضية زائفة.

ولكل هؤلاء أقول راجعوا أنفسكم ولتظلوا كما أنتم «اوفياء» لأنديتكم دون حقد أو ضغينة لمنافسيه.. فالأهلى سيظل البطل العملاق.. وجماهيره عاشقة للفانلة الحمراء دون تجاوز أو حقد على أحد لأنهم تربوا على مبادئ وأخلاق الفانلة الحمراء التى لا يعرفها الكثيرون من الصغار.