عادل حمودة يكتب: الوثائق السرية الحائرة بين مذكرات الوزراء وبيعها لأجهزة مخابرات معادية !

الكاتب الصحفي عادل حمودة
الكاتب الصحفي عادل حمودة

فجر الكاتب الصحفي عادل حمودة العديد من المفاجآت في مقاله المنشور بجريدة" أخبار اليوم" صباح السبت  حول الوثائق السرية الحائرة بين مذكرات الوزراء وبيعها لاجهزة مخابرات معادية.
وتصدر المقال عدداً من العناوين المهمة وهي كالتالي: 
- عصمت عبد المجيد باع خطاب تعزية ديجول فى عبد الناصر وعندما واجهته قال: »كان رسالة شخصية لى وأنا سفير فى فرنسا« !
- أحمد أبوالغيط وعمرو موسى نشرا ما تحت أيديهما من مستندات فى مذكراتهما
وسبقهما كمال حسن على وسعد الشاذلى ومحمد فوزى وعبد الغنى الجمسى!
- هيكل كان يجمع الشخبطة على الأوراق فى الاجتماعات وأسعده السادات عندما سمح له بتصوير الوثائق التى كانت فى خزانة عبد الناصر!
- أشرف مروان قدم للموساد خمسة مجلدات من الوثائــــق العســــكرية قبــل حــــرب أكـتــــوبر وقبض فـــى كـل جلســة 100 ألــف دولار نقودا قديمة بفئات صغيرة فى شنطة سامسونايت !
- محمد مرسى احتفظ بوثائق القوات المسلحة فنقلت إلى شبكة تخابر لبيعها بمليون دولار إلى قطر !
- وثائق رئاسة الجمهورية تحت حكم الإخوان ثلاث حقائب وثلاث فلاشات ومئات من تقارير الجيش والأمن والرقابة الإدارية والبنك المركزى والجماعات السلفية !


وجاء نص المقال المنشور بجريدة أخبار اليوم كالتالي:

لم ينكر وزير الخارجية الأسبق د. عصمت عبد المجيد الواقعة التى نشرتها وأعتبر ما فعل حقا مشروعا له. 
كان عبد المجيد سفيرا لمصر فى فرنسا عندما تلقى فى اليوم التالى لرحيل جمال عبد الناصر رسالة تعزية بخط يد الجنرال شارل ديجول: 
 «سعادة عصمت عبد المجيد سفير الجمهورية العربية المتحدة 29 سبتمبر 1970 .
 «السيد السفير: أشاطر من كل قلبى الحزن العميق الذى أصاب مصر فبفضل صفاته الاستثنائية من ذكاء وإرادة وشجاعة قدم الرئيس جمال عبد الناصر لبلاده وللعالم العربى أجمع خدمات ليس لها مثيل، ففى مرحلة من التاريخ أكثر قسوة وأكثر مأساوية من أى فترة أخرى لم يتوقف عن النضال من أجل استقلال بلاده واستقلال الدول العربية وكذلك من أجل شرفها وعظمتها. «وقد كنا.. نحن الاثنين ـ نبادل بعضنا البعض التفاهم والتقدير العميقين ولذلك فقد استطعنا أن نعيد بين مصر وفرنسا العلاقات الطيبة للغاية التى تمليها الصداقة الكبيرة والقديمة التى تربطهما ورغبتهما المشتركة فى تحقيق العدل والكرامة والسلام». «وإذ أعبر لمصر من خلال شخصكم عن مشاعرى الراسخة أرجو سيادة السفير أن تتقبل فائق احترامى وأحر تمنياتى»..  لم يبعث عبد المجيد الرسالة إلى حكومته وأحتفظ بها فى ملفاته الخاصة بل أكثر من ذلك باعها إلى مركز ديجول الثقافى فى باريس وقبض ثمنها ولم ينكر ما فعل فقد أعتبرها رسالة شخصية متجاهلا أنها وجهت إليه بصفته الرسمية. 


تذكرت تلك الواقعة عندما قرأت مقدمة ناشر مذكرات عمرو موسى تحت عنوان «كتابيه» الذى أعتبرها «منهجا جديدا فى كتابة المذكرات السياسية لا يعتمد على الذاكرة البشرية التى تقف عند حدود معينة أولها الخلط والنسيان بل ويكتبها من «الوثائق الرسمية» التى تنطق بالحقيقة المجردة التى لا تقبل شكا أو جدلا ولا تحمل شبهة انحياز». 
وما أن انتهيت من قراءة هذه الفقرة حتى تساءلت: هل حصل عمرو موسى على هذه الوثائق الرسمية خلال عمله وزيرا للخارجية واحتفظ بها لكتابة مذكراته ؟.. هل حصل على أصولها أم على نسخة منها ؟.. وهل من حق المسئول أن يأخذ ما تحت يديه من وثائق رسمية وهو يغادر مكتبه للمرة الأخيرة ؟. 
ونفس الأسئلة يمكن توجيهها إلى رجل آخر تولى نفس مناصب عمرو موسى (فى الخارجية والجامعة العربية) هو أحمد أبوالغيط الذى استعان بالوثائق الرسمية عند نشر مذكراته. 
ولاشك أن نشر مثل هذه المذكرات بما تتضمنه من وثائق وسيلة لفهم ما جرى ولو متأخرا وأسلوب مثالى لكتابة التاريخ والاستفادة منه يستحق التقدير والتشجيع.. ولكنه.. لا يعفينا من التساؤل عن الوثائق الرسمية للدولة وكيفية الحصول عليها والتصرف فيها ؟. 
ويزداد التساؤل حدة عندما نتابع الضجة التى أثارها باحثون فى تاريخ «الإخوان» ضد وزير الثقافة حلمى النمنم عندما اتهمه بعضهم بالاحتفاظ بملف رحلة سيد قطب «المشبوهة» إلى أمريكا عام 1948 لنشرها فى كتاب احتفظ لنفسه بكتابة مقدمته بعد أن ألف كتابين عن سيد قطب هما: «سيد قطب سيرة تحولات «و» سيد قطب وثورة يوليو «وإن جاءا بعد أكثر من ربع قرن على نشر كتابى «سيد قطب من القرية إلى المشنقة».
وسبق أن قرأنا كثيرا من الوثائق العسكرية فى مذكرات جنرالات الحروب: محمد فوزى وكمال حسن على ومحمد عبد الغنى الجمسى وسبقهم سعد الشاذلى وكان الوحيد الذى حوكم على نشر مذكراته ثم عفى عنه. 
وليس الوزراء وحدهم الذين ينشرون الوثائق التى تصل إليهم بلا قواعد وإنما يجن بها الصحفيون أكثر من غيرهم. 
لقد كان محمد حسنين هيكل يجمع كل ورقة رسمية توضع فى طريقه أو تصل إليه بما فى ذلك شخبطة أقلام المسئولين فى الأوراق البيضاء التى توضع امامهم خلال الاجتماعات الرسمية والمباحثات مع القيادات الأجنبية. 
وكان الأهم بالنسبة إلى هيكل ما يكتب بخط يد جمال عبد الناصر لكنه لم يحصل على غالبية وثائقه إلا بعد رحيله عندما أسعده أنور السادات بسماحه له بتصوير ما كان فى خزانة عبد الناصر من مستندات بعد أن أطاح السادات برجاله فى مايو 1971. 
يومها قال السادات لهيكل: «أذهب يا محمد وخدها فأنت مثل جمال غاوى قراية ووجع دماغ»!. 
ومن شدة إيمان هيكل بالوثائق لم يتردد فى توثيق ما يمر به من أحداث شخصية ومهنية.  
بعد أن نجا مبارك من محاولة إغتياله فى أديس أبابا ( يونيو 1995) أجريت مع هيكل حوارا أغضب مبارك فلم يكتف بالرد عليه فى حوار نشرته «الأهرام» وإنما طلب من إبراهيم نافع (رئيس مجلس الإدارة) ألا ينشر الطبعة العربية لكتاب هيكل «المفاوضات السرية بين العرب وإسرائيل» وعلى الفور نفذ إبراهيم نافع تعليمات الرئيس وذهب إلى هيكل معتذرا عن نشر الكتاب وإن أبدى استعداده للتنازل عن مبلغ ربع مليون جنيه دفعت إلى هيكل عربونا فرفض هيكل وكتب إليه خطابا مطولا سرد فيه ما حدث وأرفق به صورة الشيك الذى رد به العربون وتحول الخطاب إلى وثيقة احتفظ بها هيكل فى ملفاته. 
وعندما نشرت دار الشروق الكتاب أهدانى هيكل نسخة منه قائلا: «إلى عادل حمودة زميلا وصديقا ورفيق مشاكل مازالت تجرجر أذيالها» فقد تاذيت أنا أيضا من نشر أحاديثه فى روز اليوسف ونقلت منها إلى الأهرام بعد أن آمن مبارك إننى أدير تنظيما فى الصحافة لصالح هيكل. 
ولم يكتف هيكل بما حصل عليه من وثائق مصرية ولكنه بحث فى أرشيف الدول الغربية عما يفيده من وثائق نشرها فى كتبه الثلاثة عن حرب الثلاثين سنة وساعدته الدكتورة هدى عبد الناصر ــ وقت أن كانت تجهز رسالة الدكتوراة فى لندن ــ فى تصوير نسخ  من وثائق الأرشيف البريطانى دفع ثمنها. 
والحقيقة أن هدى عبد الناصر الوحيدة التى لم تستفد من وثائق والدها بل على العكس دفعت الكثير من جيبها لباحثين مساعدين فى فرزها وتصنيفها وتحقيقها وتفريغ شرائطها وترميم صورها ووضعتها على المواقع الإلكترونية بلا مقابل لتصبح متاحة لمن يشاء كتابة دقيقة للتاريخ وحدث ذلك بعد نصف قرن من الأحداث وهى فترة كافية لضمان عدم سوء استخدام الوثائق. 
 إن خطورة الوثائق فى تسريبها وقت الأحداث السياسية الساخنة التى تعبر عنها أو ترصدها أو تكشف أسرارها ومخططاتها والنموذج الصارخ هنا ما فعل أشرف مروان بما وجد تحت يديه من وثائق سياسية وعسكرية فى فترة التجهيز لحرب أكتوبر 1973. 
لقد لعب مروان دورا مساندا للسادات فى مايو 1971 سهل عليه الإطاحة برجال عبد الناصر فعينه السادات فى منصب حساس فى رئاسة الجمهورية أتاح له الإطلاع على وثائق الدولة عالية السرية أغرته بتحقيق ثروة طائلة منها. 
فى ديسمبر 1970 ــ بعد وفاة عبد الناصر بنحو ثلاثة شهور ــ أتصل مروان بالسفارة الإسرائيلية فى لندن وعرض على مسئولى جهاز الموساد هناك العمل معهم والتجسس على بلاده لصالحهم ولم يصدق قادة العدو وقتها أن هذا الكنز فتح لهم فلم يترددوا فى تسميته بـ « الملاك « واعتبروه أفضل عميل حظيت به مخابرات دولة مهما بلغت قوتها وقدرتها. 
حمل مروان معه محضر اجتماع بين مصر والسوفيت عقد فى أول مارس 1970 عربونا على رغبته الجادة فى التعامل مع العدو وبعدها لم يتردد فى تقديم خطط الحرب وتشكيلات القوات ومباحثات القاهرة مع موسكو والرياض وطبيعة التنسيق بين مصر وسوريا وغيرها من الوثائق التى تملأ كرتونتين من التقارير التى بعث بها (أربعة مجلدات ضخمة) والتقارير التى كتبت عنه (ستة مجلدات ضخمة) وضعت تحت تصرف ضابط مخابرات سابق فى إسرائيل هو «يورى بار جوزيف» الذى استخدمها فى نشر كتابه «الملاك ــ الجاسوس المصرى الذى أنقذ إسرائيل» وتحول الكتاب إلى فيلم سينمائى سيعرض فى يناير القادم للتشويش على الاحتفال بمئوية عبد الناصر فى الشهر نفسه وسيكون نوعا من الدعاية التى ترد بها إسرائيل على ما فعلت مصر دراميا بكشف إختراق رأفت الهجان (أو رفعت الجمال) للسلطة فى إسرائيل أكثر من عشرين سنة دون أن تقدر على الإمساك به. 
وفى كل إجتماع مع الموساد كان مروان يحصل على 200 ألف دولار.. حصل عليها نقدا وبأوراق مالية مستعملة من فئات صغيرة موضوعة فى حقيبة سامسو نايت يأخذها عند نهاية الاجتماع لكن بعد حرب أكتوبر تراجعت قيمة الأموال التى يحصل عليها.
لكن.. الوثائق التى كونت « خميرة « ثروته التى قدرت بمئات الملايين من الجنيهات هى نفسها الوثائق التى أجهزت على حياته.. فقد ثبت إختفاء المذكرات التى كان يكتبها واختفاء الوثائق التى كان يستعين بها قبل إلقائه من شرفة بيته القريب من القصر الملكى (بكنجهام) فى لندن.. كان الجزاء من نفس العمل. 
وما أن وصل الإخوان إلى الحكم حتى اعتبروا وثائق الدولة بمختلف أنواعها (السياسية والعسكرية والاقتصادية) وبمختلف درجات سريتها ملكية خاصة لهم ينقلونها ويفرطون فيها بل ويبيعونها وهو ما رصدته بوضوح القضية رقم (1054 لسنة 2014 جنايات ثان أكتوبر) التى نظرتها الدائرة (11) جنايات التى عقدت فى أكاديمية الشرطة برئاسة المستشار محمد شيرين فهمى وعضوية القاضيين أبو النصر محمد عثمان وحسن مصطفى السايس وعرفت إعلاميا بقضية «التخابر مع قطر» وبلغت حيثيات الحكم فيها 1500 صفحة. 
كان على رأس المتهمين فيها محمد مرسى بصفته رئيسا للجمهورية وطاقم مكتبه وسكرتاريته الخاصة وهم اعضاء فى تنظيم الجماعة مثله.
لفت نظرى أن مرسى كان مسجونا وقت أن كشفت القضية فكيف تورط فيها وهو بعيد خلف جدران زنزانة سميكة ؟. 
ولنعرف الإجابة يجب أن نبدأ القصة من أولها. 
ما أن دخل مرسى الاتحادية فى أول يوليو 2012 حتى عين أحمد عبد العاطى مديرا لمكتبه وعين أمين الصيرفى فى السكرتارية الخاصة وفى اليوم نفسه استدعى مرسى قائد الحرس الجمهورى اللواء نجيب عبد السلام وطلب منه كل ما هو متوفر من معلومات وخرائط ورسومات وخطط تتعلق بالقوات المسلحة فاستجاب الرجل ووضع بين يديه ثمانى وثائق تمس أسرار الدفاع والأمن فى البلاد ولكنه لم يعدها بعد الإطلاع عليها ولم يعدها للحفظ حسب القواعد وتركها تتسرب خارج الرئاسة وأصبحت متاحة لبيعها إلى قطر مما يعنى أنه شارك فى الجريمة وأصبح متهما بالمشاركة فى ارتكابها. 
أما باقى وثائق الدولة المرسلة من المخابرات العامة والأمن الوطنى وهيئة الاستعلامات فكانت ترسل فى مظاريف خاصة إلى عبد العاطى مكتوب عليها «شخصى وسرى للغاية ولا يفتح إلا بمعرفته». 
وعندما بدأت إرهاصات ثورة يونيو أصدر عبد العاطى منشورا فى 30 يونيو بنقل جميع المستندات من الاتحادية إلى أماكن حفظها فى قصرى عابدين والقبة وعرض القرار على مرسى إلا انه احتفظ بالوثائق والتقارير العسكرية ولم يعدها إلى الحرس الجمهورى وإنما تركها تحت تصرف الصيرفى الذى قام بإخفائها مع وثائق أخرى تمس المخابرات العامة والأمن الوطنى والرقابة الإدارية ووضعها فى حقيبة سامسونايت مغلفة بورق بيج اللون وعليها خاتم الرئاسة ونقلها إلى بيته بالتجمع الأول وتركها فى حوزة ابنته كريمة التى تقيم معه.
وفيما بعد اعترفت كريمة أمام المحكمة أن والدها ترك فى حوزتها ثلاث حقائب وثلاث فلاشات فيها عدد يصعب حصره من وثائق الدولة وانها سلمت حقيبة منها إلى زوجة عبد العاطى وسلمت حقيبة ثانية إلى زوجة خالد الأزهرى الذى كان وزيرا للعمل فى حكومة هشام قنديل اما الحقيبة الثالثة فسلمتها إلى أسماء محمد الخطيب فى غضون شهر أكتوبر 2012. 
واسماء الخطيب كانت صحفية فى الموقع الإخوانى «رصد» وتعرفت كريمة عليها وهى تغطى اخبار اعتصام ميدان «رابعة». 
كانت الوثائق التى أصبحت فى حوزة أسماء شديدة الخطورة منها ــ حسب حيثيات الحكم فى القضية ــ اعتماد ميزانية المخابرات العامة وتقارير للرقابة الإدارية وتقرير بخط اليد عن لقاء مرسى بمدير المخابرات فى 2 مارس 2013 بحضور عصام الحداد وتقرير عن لقاء مرسى بمدير المخابرات القطرية فى اليوم نفسه. 
وكان فى الحقيبة أيضا تقارير عن الحركات السلفية وحسابات مكتب الرئيس واستخدام الاسلحة الكيماوية ومعلومات عن شبكة الأنفاق العسكرية والمصانع الحربية وسبل تطويرها واقتراحات الأمن فى سيناء وقضايا مواطنى سيناء أمام القضاء العسكرى بجانب مجموعة تقارير من المخابرات والأمن الوطنى والبنك المركزى وديوان الرئيس. 
أدركت اسماء أن فى يدها كنزا ثمينا يمكن الاستفادة منه ببيع الوثائق لمن يدفع فأخبرت مراسلا للجزيرة بما لديها هو محمد سبلان الذى اتصل بمسئول التحرير فى الجزيرة إبراهيم هلال الذى طلب من سبلان الحضور إلى قطر فى يناير 2014 حيث التقيا بحضور ضابط مخابرات قطرى فى شيراتون الدوحة وعاد سبلان بعربون عشرة آلاف دولار على أن يحضر اصول الوثائق فيقبض هو وعصابته مليون دولار. 
وتطوع مضيف فى شركة مصر للطيران بحمل الوثائق فى إحدى رحلاته إلى الدوحة ولكن قبض عليه وعلى باقى أفراد الشبكة إلا أسماء التى كانت قد هربت بمساعدة التنظيم الدولى للإخوان إلى إندونيسيا قبل السقوط بأسابيع. 
وبين كتابة المذكرات الشخصية وتأليف الكتب السياسية من جهة وبيعها بواسطة الجواسيس والعملاء من جهة أخرى تبدو الوثائق الرسمية فى مصر حائرة ومضطربة ولا تعرف قانونا ينظم استخدامها أو مدة معينة لابد من انقضائها حتى تصبح الوثائق مباحة متاحة للباحثين دون حساب أو عقاب. 
إن فى مصر أقدم دار لحفظ الوثائق أنشأها محمد على فى عام 1829 باسم الدفترخانة قبل أن تنشأ بريطانيا إرشيفها القومى بعشر سنوات وبعد أن أنشأت فرنسا أرشيفها الوطنى بثلاثين سنة. 
وقد أختيرت القلعة مكانا للدفترخانة قبل أن تنتقل الوثائق الأكثر أهمية إلى قصرى عابدين والقبة أما الوثائق الأقل أهمية فعهد بها إلى دار الوثائق المصرية التى تنفرد بمبنى خاص بها على كورنيش النيل ناحية بولاق أبو العلا. 
وخلال وجود الإخوان فى الحكم حاولوا نقل العديد من الوثائق الخاصة بملكيات الأجانب فى مصر لبيعها لمن يدفع الثمن خاصة ملكيات اليهود الذين هاجروا بعد إعلان دولة إسرائيل على مراحل متتالية حتى لم يبق منهم سوى عدد محدود يعد على اصابع اليد الواحدة. 
وفى العالم كله قوانين تنظم الكشف عن الوثائق السرية بعد مدة معينة تتراوح ما بين 20 و30 سنة وإن كان من الممكن استثناء بعض الوثائق التى لا تزال مؤثرة من الكشف.. مثلا معظم وثائق وكالة الاستخبارات المركزية ( الأمريكية ) عن عملائها فى الشرق الأوسط لا تزال سرية جدا خاصة وأن بعض العملاء شخصيات تنتمى إلى عائلات حاكمة.
وهناك دول مثل فرنسا لم تكشف عن كل الوثائق الخاصة بالمنطقة العربية حتى الآن وهو أمر محير للباحثين والمؤرخين السياسيين. 
وأحيانا تمنح بعض الدول (مثل الولايات المتحدة) فرصة للباحثين والصحفيين ليطلعوا على كثير من الوثائق قبل إباحتها بشهور ليتمكنوا من السبق فى نشرها. 
 لكننا فى مصر لا نعرف تصنيف الوثائق ولا مدى سريتها ولا المدة التى تباح بعدها وتترك من يشاء ينشر ما يقع تحت يده منها فلو كانت راضية عنه تغاضت عنه وإذا ما غضبت منه طاردته وعاقبته والمسألة كلها مزاج فى مزاج وعلى المعترض أن يخبط رأسه فى الحائط. 
إننا اقدم تاريخ ولكننا فى الوقت نفسه اضعف ذاكرة.





 

 
 
 

احمد جلال

محمد البهنساوي

 
 

 
 
 

ترشيحاتنا