جنينة: سعر الفائدة رسالة للمستثمر الأجنبي بتمسك مصر بالإصلاح المالي

هانى جنينة - محلل الاقتصاد الكلي
هانى جنينة - محلل الاقتصاد الكلي
قال هاني جنينة محلل الاقتصاد الكلي، إن إقراض البنوك للحكومة لتمويل عجز الموازنة هو أحد أهم أسباب النمو في السيولة المحلية، وعلى سبيل المثال، إذا كان البنك الأهلي لديه فائض سيولة مودعة لدي البنك المركزي المصري في صورة وديعة أسبوعية فهذه الوديعة خرجت من تصنيف السيولة لأنها لا تتداول بين الأفراد والشركات.

وأوضح هاني جنينة، أن البنك الأهلي أو أي بنك آخر إذا أضطر إلي تمويل عجز الحكومة بعد انتهاء الأسبوع فلا ملاذ من توفير هذا التمويل و الذي بدوره سيزيد من السيولة المحلية و الطلب المحلي علي السلع والخدمات، و بما أن كل ١٠٠ جنيه يتم صرفها في مصر تؤدي إلي زيادة الاستيراد بحوالي ٢٥ إلي ٣٠ جنيه، فإن زيادة السيولة في غياب تحسن ملحوظ في ميزان المدفوعات سيؤدي إلي ضغط علي سعر الصرف.

وأشار هاني جنينة، إلي أن  سعر الفائدة رسالة واضحة للمستثمر الأجنبي أن مصر مستمرة في الإصلاح المالي و أن البنك المركزي لن يوفر الملاذ الآمن (و هو ليس آمن بالمرة في الأمد المتوسط) إذا ما حدث عكس ذلك، و أظن أن ما حدث في سوق الأسهم خلال الثلاثة أيام الماضية خير دليل علي أن هذه الرسالة وصلت إلي المستثمر الأجنبي بوضوح.

وأضاف أنه في الفترة من  نوفمبر ٢٠١٦ و حتي مارس ٢٠١٧، النمو في ديون الحكومة المحلية كان ضئيل جدا (٣٦ مليار جنيه) مقارنة بعجز سنوي يقارب الـ ٣٠٠ مليار جنيه، والسبب هو الاعتماد علي مصادر تمويل خارجي ارتبط تدفقها بتنفيذ إصلاحات مالية مثل الـ Eurobond و صندوق النقد الدولي بدلا من القطاع البنكي، و معظم هذه التدفقات لم يكن لها اثر تضخمي لأنها لم تستثمر داخليا بقدر ما استخدمت في سد ديون خارجية أخري و استيراد سلع أساسية.

وأشار محلل الاقتصاد الكلي، إلي أنه منذ نهاية مارس و حتي الآن، حدث شبه جفاف في تدفقات التمويل الخارجي و مما لا شك فيه أن البيانات ستظهر ارتفاع في التمويل المحلي و معدلات النمو في السيولة المحلية حتي شهر يونيو، خلال هذه الفترة، و مما لاشك فيه، بدأ الطلب المحلي في الضغط علي موارد الدولة المحدودة من الدولار مره أخري و لهذا استقر سعر صرف الدولار قرب ادني مستوياته تاريخيا، و في خلال نفس الفترة أيضا - الربع الثاني من ٢٠١٧ - تباطأت حركه شراء المستثمرين الأجانب لأذون و سندات الخزانة أيضا تحسبا من الخطوات القادمة من الحكومة لأنها بالفعل خطوات حاسمة.


وأكد هاني جنينة، أنه في خلال فتره الجفاف، تم عقد محادثات الشريحة الثانية مع صندوق النقد الدولي، و كانت متركزة علي الإصلاح المالي لسد عجز الموازنة و جاء ذكر ضرورة رفع سعر الفائدة لمحاربه التضخم، ولكن كما يقول الكثيرين، من أين يأتي التضخم مع التباطؤ في حركه البيع و الشراء، سيأتي إذا استمر حال الربع الثاني (الاعتماد علي التمويل المحلي) إلي نهاية السنة أو السنة القادمة - بمعني سيأتي إذا ما قررت الحكومة تأجيل بعض خطوات الإصلاح حتي إشعار آخر و الاعتماد علي التمويل المحلي بدلا من صرف الشريحة الثانية من القرض و الشرائح الأخري من السندات الدولية.

وشدد الخبير الاقتصادي، أنه كان من الضروري قيام البنك المركزي برفع سعر الفائدة مسبقا للإعلان أن السياسة النقدية لن توفر الملاذ الآمن إذا ما قررت الحكومة تأجيل الإصلاح و بالتالي تأخر وصول التمويل الخارجي، لأنه كما سبق شرحه، إذا ما بدأت السيولة المحلية في الارتفاع نتيجة الاقتراض الحكومي في غياب تدفقات مستدامة من العملة الصعبة، سينهار سعر الصرف، و علي العكس، عن طريق هذه الخطوة، أرسل البنك المركزي رسالة واضحة أن هدفه الرئيسي هو الاستقرار النقدي.

وقال : " في عرف علم الاقتصاد، هذا يسمي قمة الفصل بين السياسة المالية و السياسة النقدية. و هذا الفصل يعتبر بالفعل حدث تاريخي كما ذكر المحافظ لأن سيطرة الحكومة علي البنك المركزي هي سمة من سمات مصر و العديد من الأسواق الناشئة. و هذا واضح وضوح الشمس في حجم إقراض البنك المركزي للحكومة بعد ثورة يناير مما كان أحد الأسباب الرئيسية في انهيار سعر الصرف.