رحل الفنان القدير ممدوح عبد العليم عن عالمنا، فى هدوء تام، لكنه يظل نجمًا فى عالم الفن، تتلألأ أعماله فى ذاكرة الجمهور، والمحفورة بحروف من نور فى تاريخ الفن. شيعت جنازة الراحل، من مسجد مصطفى محمود، الذي وافته المنية أمس، إثر تعرضه لأزمة قلبية خلال ممارسته للرياضة فى "الجيم"، نقل على إثرها إلى أحد المستشفيات، ولم يشاء القدر أن يمهمل المشاهدين فرصة أخرى ليروا إطلالة أخيرة للراحل عبر الشاشة الفضية، بعدما كان من المقرر أن يعود من جديد من خلال الجزء السادس من مسلسل "ليالى الحلمية" ليستكمل مع المشاهدين شخصية على البدرى التى أثر القلوب بها على مدار أجزاءه المختلفة.
ولد ممدوح محمود عبد العليم، الاسم الكامل للراحل، يوم 10 يونيو 1956م في حي سنتريس بقرية أشمون التابعة لمحاظة المنوفية، حصل على بكالوريوس اقتصاد وعلوم سياسية، ورغم دراسته البعيدة عن الفن إلا أن قلب الراحل ذهب إليه وتعلق به، جاءت بدايات الراحل الفنية عام 1969م فى الإذاعة والتليفزيون، من خلال برامج الاطفال مع المخرج " إبراهيم عبد الجليل" حيث كون أربع فرق للأطفال فى الموسيقى والرقص والغناء والتمثيل، وتتلمذ على يد المخرجة "إنعام محمد على" ثم المخرج "نور الدمرداش" الذي قدمه وهو لا يزال طفلا صغيرا فى مسلسل " الجنة والعذراء" إلا أن البداية الحقيقة للتمثيل جاءت عام 1980م عقب مشاركته في مسلسل "أصيلة" مع الفنانة "كريمة مختار"، لتتوالى بعد ذلك أعماله التليفزيونية التي لاقت نجاحاً كبيراً، ثم خطفته السينما إلى عالم البطولة ليقوم بأولى أدواره السينمائية عام 1983م من خلال فيلم "العذراء والشعر الأبيض" الذي حقق نجاحاً كبيراً ولفت إليه أنظار الكثير من المخرجين والمنتجين، فتوالت أعماله السينمائية والدرامية بعد ذلك أمثال أصلية، فى قلب الليل القاهرة والناس، صيام صيام، دعوة للحب ، ليلة القبض على فاطمة ، الحب وأشياء أخرى، زينب قليل من الحب كثير من العنف، خالتى صفية والدير، جمهورية زفنى ، شارع المواردى ، حصاد العمر ، سامحونى مكنش قصدى الضوء الشادر والذى حقق نجاح كبير من خلال تجسيده لشخصية الصعيدى رفيع بك , ومسلسل الكومى وأبيض فى أبيض ، والمصراوية وشط أسكندرية ، والأجزاء الخمسة من مسلسل ليالى الحلمية، والتى كان من المقرر أن يكون ضمن أبطال الجزء السادس الذى قرر عرضه خلال شهر رمضان القادم، ولعل آخر اعمال الراحل التليفزيونة كان مسلسل " السيدة الأولى" والذى قام بتقديمه العام قبل الماضى مع الفنانة غادة عبد الرازق.
"مشوار سينمائى"
وكان للراحل علامات سينمائية مميزة جعلته صاحب مكانه فنية لا يضاهيه فيها أحدا على الاطلاق أمثال قهوة المواردي والبرى والحرافيش وتحت التهديد وملائكة الشوارع ووداعا يا ولدى و مشوار العمر ومشوار عمر وكتبته الإعدام والشجعان والباب الشرقى وشباب فى الجحيم وليله القتل والحب المر ، والبدرون ، سوبر ماركت ، الحب فى طابا ، سمع هوس ، الملائكة لا تسكن الأرض ، فل الفل، رومانتيكا ، الراية الحمراء و فيلم بطل من ورق والذى قدم من خلاله دور رامى خشوع .
"قصة حب"
عن قصة حب كبيرة، تزوج ممدوح عبد العليم من زوجته الحالية الاعلامية شافكى المنيرى، وكان الراحل كشف عن أنه تعرف على زوجته أثناء تصويره الجزء الخامس من "ليالي الحلمية"، حيث اتصلت به من هناك لعمل حوار صحفي، وأعجب بصوتها جدًا وانجذب إليه، واحتفظ بالرقم واتصل بها اليوم الثاني وقابلها وحبها منذ أول لقاء، إلا أنه سألها عن معنى اسمها، وأخبرته أن معناها زهرة نادرة في تركيا، لافتًا إلى أنه كان ينطق اسمها بشكل خاطئ في بداية معرفتهما، وخاصة أن اسمها غريب وغير متداول، كما أنه أوضح أن هناك فرق كبير بينهما إذ كان الراحل لا يحب الكثرة في الحديث، ويحرص دائمًا على التعبير عما بداخله بكلمات قليلة، بينما وصف زوجته بأنها على النقيض تماماَ.
"ليلة الكريسماس"
قضى الراحل الفنان ممدوح عبد العليم ليلة رأس السنة بالصحراء البيضاء "الغربية" ، التى كان يعتبرها منطقة جديدة من نوعها لذا فضل أن تكون بداية العام الجديد الذى لم يمهله القدر لاستكماله هناك، مصطحباً معه شريكة عمره الإعلامية شافكى المنيرى، وابنته الوحيدة والتى جاءت إلى مصر قادمة من إحدى الدول الأجنبية، التى تكمل دراستها بها، مع بداية العام الجديد للإحتفال مع والديها بالكريسماس.
"مؤجلات"
هناك العديد من الأعمال التى قام الراحل بتأجيل النظر فى الموافقة عليها خلال السنوات الماضية مثل مسلسل " النمرود " و" جنود فى مسرح العرائس " و مسلسل الموقف الذى رشح ليكون بطوله بجانب الفنان فاروق الفيشاوى.

"رامى قشوع"
ممدوح عبد العليم كان يرى أن لكل ممثل شريحة من الجمهور يحرصون على مشاهدة أعمالهم ، بالاضافة الى انه كان يرى رحلته الفنية لو تم حسابها على طريقته فستكون أكثر من 92 سنة كممثل محترف، وأنه لو عاد به الزمن سيسير فى نفس الطريق دون تغيير، ولعل أقرب الادوار الى قلبة هى الادوار التى تعلق بها الجمهور فمثلا شخصية رامى قشوع فى فيلم بطل من ورق، كان يرى أنها الاكثر نحاجاً وقد أكد أنه لم يكن مدركاً أن الدور سيترك هذا التأثير عند الجمهور ليصبح من أهم أعماله على حد قوله وقتها.
"أسباب الغياب"
كان الراحل يرفض العديد من الاعمال الدرامية مما جعله يتغيب عن الدراما خلال السنوات الماضية بشكل ملحوظ، حيث كان يؤكد دائماً أنه يقدم فنا يحترم من خلاله الجمهور حتى يبادلونه نفس الشعور.
"مصر فى القلب"
لعل الأزمات والكبوات التى مرت بها مصر كانت من أهم الاسباب التى جعلت الراحل يتوقف عن التمثيل لفترة، فاثناء فترة حكم الجماعة الارهابية لمصر توقف عن العمل، بعدما رأى أن بلده ومحبوبته تتعرض لأزمة مطلقاً كلمته الشهيرة " قلبها موجوع" لذا توقف عن التمثيل، خلال تلك الفترة، فبوجه عام ظلت مصر كلمة السر فى سعادة ممدوح عبد العليم، لذا كان يخشى عليها من التعرض لأى مكروه، وهذا ما جعله يفقد دموعه للمرة الأولى على الشاشة من خلال إحدى الحوارات التليفزيونية عند حديثه عن مصر.
"نعى الأصدقاء"
مثال للفنان الراقى والمحترم لذا فقد حصد حب زملائه الذين بادروا نعيه حيث نعت الفنانة أنغام الفنان ممدوح عبد العليم، قائلة: "وفاة الفنان القدير ممدوح عبد العليم صدمة كبيرة.. الله يرحمك ويغفر لك يا محترم يا عزيز على مصر كلها".
بينما كتب تامر عبد المنعم: "الي رحمة الله .. الفنان الكبير ممدوح عبد العليم"، ونعى محمد هنيدى الراحل قائلا: "هتوحشونا فنان راقى ومحترم، وكتبت لطيفة: "رحم الله أخويا الغالى"، وقالت فيفى عبده: "رحل الخلوق المحترم"، ومن لبنان نعى الفنان وائل جسار الراحل قائلاً: "خسارة للفن العربى"، وودعت ميس حمدان الراحل بصورة له قائلة: "أرقى الممثلين".